بات الوضع الحكومي «على صوص ونقطة» جراء العراك داخل قاعة مجلس الوزراء والسجالات من خلال مواقف سياسية نارية وصولات وجولات وصحوات وغفوات وتنقيرات وغمزات ولمزات، ذلك هو الواقع الحكومي في هذه المرحلة بحيث اضحت الحكومة السلامية بحسب مصادر وزارية على «الشوار» ولولا حكمة رئيسها وحنكته واعتداله لكانت تفاقمت الامور اكثر واكثر وان كان لـ«سيد المصيطبة» موقفه ونظرته الى مسار الاوضاع، انما الجميع في هذه المرحلة «بالع الموس». اضافة، وهنا بيت القصيد، فانه وفق نائب عتيق ووزير سابق، لولا الموقفين الاقليمي والدولي المتشبثين ببقاء الحكومة لكانت طارت بحيث كل يصلي على الاخر وسط حالة انقسام في البلد لا مثيل لها وتترجم على الساحة الداخلية عبر «حفلات الزجل» بين الافرقاء السياسيين وكل يغني على ليلاه على طريقة «كيفك يا خال».
وفي هذا السياق، تقول المصادر الوزارية ان ما جرى مؤخرا في ذكرى استشهاد اللواء وسام الحسن في الاونيسكو وصولا الى «الميني ردود» على وزير الخارجية نهاد المشنوق، كذلك الحملات على رئيس «اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط من قبل قوى 8 آذار وحتى من قبل البيان الذي صدر عن احزاب هذا الفريق من دارة خلدة والذي طاول رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وانتقد قوى 14 آذار، الى تساؤلات حول عدم قبول الهبة الايرانية، بمعنى «من بيت ابي ضربت»، فكل ذلك لن يؤدي الى فرط الحكومة التي تضم سائر المكونات السياسية، وذلك مرده الى اجماع دولي وتحديدا من عواصم القرار ودول اقليمية على صلة بالملف اللبناني.
وهنا، تشير المعلومات في هذا الاطار، الى ان اكثر من سفير غربي وعربي لهم وزنهم سبق لهم ومنذ فترة طويلة ان اشاروا في مجالسهم ومناسباتهم ومحطات سياسية واجتماعية، بما معناه ان هنالك قرارا دوليا بتحييد لبنان عن حروب المنطقة قدر المستطاع ولن تحصل حرب اهلية، وايضا ثمة دعم للحكومة السلامية مهما كانت الظروف والنظرة لهذا الفريق داخلها او ذاك، على اساس اية هزة تودي بالحكومة، تعني تحول لبنان الى الفوضى والصراعات السياسية وفلتان الامن، باعتبار ليس في البلد رئيس للجمهورية والمجلس النيابي على وشك التمديد والانقسام الداخلي العامودي حدث ولا حرج، لذا، كل المهتمين من قبل الدول المعنية بالملف اللبناني يسعون الى عدم حصول اي فراغ حكومي في موازاة الشغور الرئاسي، اذ يبقى وجود هذه الحكومة وعلى الرغم من كل الخلافات والتباينات افضل بكثير من دونها، اضافة، هنالك تواصل دولي مع ايران كي تضبط ايقاع حلفائها في لبنان منعا لاسقاط الحكومة.
من هذه المعطيات والظروف المحيطة بالواقع الحكومي، فان كل المؤشرات تؤكد المصادر الوزارية، تصب في خانة بقاء الحكومة الى حين انتخاب رئيس للجمهورية مهما علا الصراخ في داخلها وتوالت الانقسامات وتفاعلت التباينات، على اساس ان جميع المكونات السياسية المشاركة فيها تدرك بامتياز ان هنالك قراراً يقضي ببقائها، وثمة خط احمر مرسوم لها كي تبقى حية ترزق، ولكن الخلافات التي جرت مؤخرا على اكثر من خلفية سياسية، حتى بين ابناء الصف الواحد، كما كانت الحال بين الوزيرين جبران باسيل وغازي زعيتر، وصولا الى الخلاف المستشري بين المكونين الاساسيين للحكومة، اي 14 و8 اذار، فانها ستؤثر على عملها ودورها وانتاجها والمكتوب يقرأ من عنوانه في ظل حالة الاهتراء السائدة في سائر مؤسسات الدولة ومرافقها، وايضا ربطا بما يجري في المنطقة من حروب طاحنة وتداعياتها على الداخل اللبناني بما في ذلك في قاعة مجلس الوزراء الحبلى بالتباينات وتلقف هذه التداعيات.
وجدي العريضي