ثروة المائيّة مهدورة فيما فوائدها
استراتيجيّة ومستدامة
الذهب الأزرق: خشبة نجاة لبنان أم مناورة لوضع اليدّ على مياهه؟
باتت خطّة
Blue Gold حديث
اللبنانيين، شعبيًا وإعلاميًا، منذ إطلاقها لأنها تتناول الثروة اللبنانيّة
الأكبر، والأكثر قيمة وهدرًا في الوقت نفسه : المياه.
تطرح الخطّة مبادرات يمكن لها حماية
واستثمار وإدارة الثروة المائية بما يدرّ فوائد كثيرة على لبنان، لكن طالتها
اتهامات بخصخصة المياه ووضعها في أيادي كبار الرأسماليين، في محاولة لنسفها حتى
قبل أن تدخل حيز التطبيق، ما يبرز التناقض بين مطالبة القطاع الخاصّ بإحياء
المرافق الحيويّة في البلاد والاستثمار فيها، ومحاربته متى أقدم على ذلك.
بيروت : “ميّتنا دهب، يلّا ع الميّ” هو شعار أطلقه ملتقى التأثير
المدني للترويج للخطّة التي أعدّها مع مجموعة من الخبراء في الثروة المائيّة
واختصاصيين في هذا المجال لإدارة قطاع المياه في لبنان، ويرى طارحو الخطّة التي
استغرق العمل عليها أكثر من سنة ونصف السنة أنّ بناء مستقبل واعد وشعب عريق يتحقّق
من خلال التنمية المستدامة لأهمّ مورد موجود في لبنان أي المياه.
هذه الخطّة التي لم تتحوّل بعد إلى
مشروع قيد التنفيذ أثارت اهتمام المجتمع اللبناني، الذي يعاني فقرًا مائيًا سببه
الهدر وسوء إدارة هذا القطاع من قبل الدولة، فحدّ الفقر المائي لأي شخص سنويًا هو
1000 متر مكعّب من المياه، اللبناني قادر على الحصول على 1400 متر مكعّب لكن للأسف
لا يصله أكثر من 800 متر سنويًا.
يتساقط سنويًا على لبنان ما يعادل 8
مليارات متر مكعّب من الأمطار لا يستفاد من أكثر من ربعها، علمًا أن المياه ثروة
مهمّة واستراتيجية للبنان توازي قيمة قارورة منها ما يعادلها من النفط الخام، لكن
التعامل معها يتمّ باعتبارها سلعة رخيصة تُهدر ولا تستثمر ولا ترشّد.
حوربت الخطّة وهي في لاتزال في مهدها،
إذ انطلقت أصوات تتهمّ الملتقى بتخصيص المياه وتحويلها إلى أيادي كبار رجال
الأعمال في لبنان، أمّا آخرون فاعتبروها بعيدة عن الواقع، ووجد غيرهم أنها تهدف
إلى بيع المياه اللبنانيّة فيما الشعب يعاني نقصًا فيها، بينما استسلم آخرون لواقع
أليم يعانون منه ولا يتحرّكون لتغييره مشيرين إلى أنها خطّة حالمة.
خطّة نموذجيّة
في حديثٍ لـ”إيلاف” شرح
المدير التنفيذي في ملتقى التأثير المدني، زيّاد الصايغ، ماهية هذه الخطّة، ومن
يقف وراءها، والأهداف الاستراتيجيّة منها والفوائد التي تحقّقها.
يقول الصايغ إن خطّة “الذهب
الأزرق – Blue Gold”
مطروحة على كلّ اللبنانيين، هي خطّة
خماسيّة لإدارة قطاع المياه في لبنان استندت الى كلّ الدراسات التي أجريت عن
القطاع منذ عام 1877 حتى اليوم، وتضمّ الاستراتيجيّة التي أقرّتها الحكومة عام
2012. ويضيف : “توفير المياه ليست عمليّة خزن سطحي في السدود وجوفي في الآبار
الإرتوازيّة فقط، هي عمليّة أبعد منهما، تشمل التشجير والتفكير بنوعية المياه
وانعكاساتها على الأمن الصحيّ والغذائي والزراعي، وقدرتها على تأمين فرص عمل“.
ويشرح الصايغ الخطّة ويقول : “هي
خطّة متكاملة تقنيًا، مدّة تنفيذها خمس سنوات، كلفتها 5 مليارات دولار، مموّلة من
القطاع الخاصّ الذي سيكون مشغّلًا ومقدّمًا للخدمة، من دون خصخصة
المياه لأنها ستبقى ملكًا للدولة والناس، ومن دون ترتيب ديون على عاتق
الدولة، تنفّذ ضمن إطار قانوني ومؤسساتي هو المجلس الوطني الذي نطالب بإنشائه،
تقدّم أرباحًا للمواطن والدولة والقطاع الخاصّ، تزيد إنتاج المياه وتحسّن الإدارة
والجودة“.
فوائد واستثمارات
وفي معرض حديثه، يشير الصايغ
إلى أن Blue Gold تؤمن للبنان توازنًا بين العرض والطلب
وفائضًا في المياه يستفاد منه خلال مواسم الشحّ، قدّمت بتعاون بين 40 خبيرًا من
القطاعين العام والخاصّ والمجتمع الأكاديمي اللبناني، وأخذت بالاعتبار كلّ ما يعنى
بقطاع المياه في لبنان، من إنشاء سدود وتشجير وحفر آبار جوفيّة، واستغلال ينابيع
المياه العذبة تحت البحر، وإنشاء هيئة ناظمة لإدارة القطاع ضمن إطار مؤسساتي
وتشريعي هو المجلس الوطني للمياه يتكوّن بشراكة بين القطاعين العام والخاص،
والمجتمع المدني الذي يراقبهما ويسبر الخلل في التطبيق، إضافة إلى حدّ الهدر
المائي في الزراعة، والتعاون مع التنظيم المدني، والعمل على نوعية المياه،
والتعامل مع مصالح المياه وإعادة النظر بإداراتها خصوصًا أنها مملوكة من القطاع الخاصّ
وليس من الدولة. وكلّ هذه المواضيع مجتمعة لديها آثار اقتصادية واجتماعية تنعكس
فائدة على اللبنانيين. اخترنا المياه بداية لأنها توحّد اللبنانيين نظرًا لوجودها
من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب والمشكلات المترتبة عنها تطالهم جميعًا“.
ويضيف: “هدف الخطّة تأمين مياه
نظيفة على مدار الساعة لكافة اللبنانيين، تأمين فائض من المياه ليكون مرتبطًا
بالأمن الغذائي والصحي، خلق فرص عمل (تحتاج الخطّة لتنفيذها إلى 3000 فرصة
عمل دائمة و40000 موسميّة)، وهي جزء من اللامركزيّة المطروحة حيث يصبح بإمكان
الناس العمل في مناطقهم ويصبح للسلطات المحليّة دور فاعل“.
وعن بيع فائض المياه ودرّ أرباح على
الخزينة اللبنانيّة، يقول الصايغ:
“نحن لا نتكلّم عن بيع المياه والموضوع
خارج تفكيرنا، نريد بداية أن نؤمن المياه ونوصلها إلى اللبنانيين، الفائض هو
استراتيجي قد يستخدم لخلق توازن بالأمن الغذائي والصحي، علمًا أن التبادل التجاري
مطروح ضمن إحدى المبادرات الأربعين الموجودة في الخطّة، ويمكن استثماره لكنها خطّة
لاحقة، بداية الأولوية هي لتأمين المياه لكلّ اللبناني، وفائض المياه استراتيجي
وجزء من أمننا السيادي والوطني والقومي“.
خصخصة قطاع المياه !
أمّا عن الاتهامات التي طالت الخطّة
بتحويل المياه إلى أيدي رجال أعمال منضوين تحت راية ملتقى التأثير المدني، ردّ
الصايغ : “ما نطرحه هو خطّة والملتقى ليس منفّذًا لها ولا مستثمرًا فيها،
نحنا طرحناها وندعو إلى إنشاء المجلس الوطني للمياه لتأمين شراكة بين القطاع العام
الذي ينظّم ويراقب، والقطاع الخاص الذي يموّل ويقدّم خدمات أفضل بأقل كلفة، والمجتمع
المدني الذي يراقب بهدف التحسين والتطوير. المطلوب إيجاد توازن بين هذه المكوّنات
الثلاثة عبر دخولهم وعملهم معًا في السياسات الاجتماعيّة الاقتصاديّة، فلا الدولة
تسيء في التنظيم والرقابة، ولا القطاع الخاصّ يستوحش في رأسماليّته، ولا
المجتمع المدني يعمّم الفوضى“.
ويضيف الصايغ : “نعم مجلس أمناء
الملتقى رجال أعمال، وهذه ليست تهمة، هم من قطاع الأعمال الناجح وهذه ليست تهمة،
وعملهم خدمة لمصالح الناس وتأمينها من مياه وكهرباء واستشفاء ومواصلات وهذه ليست
تهمة أيضًا“.
وعن استثمار هؤلاء في هذه الخطّة في
حال تحوّلت إلى مشروع قيد التنفيذ، خصوصًا أنّ القطاع الخاصّ مطالب دائمًا
بالاستثمار لتحريك عجلة الاقتصاد في البلد، قال الصايغ : “لا أريد الذهاب
بهذا الاتجاه، لأن أوّل ما سيقال: لو لم تكن لديهم مصالح لما دخلوا في هذا المشروع.
نحن نريد شراكة بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني نترجمها بخطّة، وBlue Gold موجودة لتكون نموذجًا، وللدولة وحدها أن تحدّد المستثمرين
فيها، نحن نسعى فقط لأن تصبح واقعًا يصبّ في مصلحة كلّ المواطنين“.
رسالة لأصحاب المصالح
ويقول الصايغ : “العنوان العريض
لـBlue Gold : المياه ليست سلعة، المياه ثروة. لذلك من يتهمنا بأننا
رأسماليون فليعد إلى العنوان، نحن لا نخصخص المياه بل نطرح إدارتها وفق نظام الـ PPCP أي مشاركة المواطن ورقابته واستثماره مع القطاعين العام
والخاصّ“.
جديّة الخطّة ومسار تنفيذها
وعن مدى جديّة هذه الخطّة وإمكانيّة
تطبيقها يردّ: “جديّتها قائمة على عمليّتها، ونحن
ندعو اللبنانيين وصنّاع القرار والرأي العام إلى الكلام بلغة واحدة في ما يتعلّق
بالمياه التي وضعت على سلم الاهتمامات والاتجاه نحو إعداد مشاريع قوانين في هذا
الإطار. وباعتبارنا مجموعة ضغط لن نكلّ قبل أن تسلك الخطّة طريقها نحو الإطار
التنفيذي والتشريعي، لأننا مقتنعون أن السياسات الاقتصاديّة والاجتماعيّة في المجالات
الحيويّة في البلد عليها أن تصبح ضمن أولويات صنّاع القرار في لبنان، إضافة إلى
أن عملنا التواصلي مموّل من مصرف لبنان والميدل إيست (هما ملك للدولة). كلّ
هذه الوقائع مجتمعة تؤكّد على شعارنا: الفشل ليس خيارنا.
نحن نقوم بما يصبّ في مصلحة كلّ لبنان
من خلال هذه الخطّة المتكاملة والنموذجيّة والنظيفة والشفّافة والحيويّة كما
المياه، على الرغم من كلّ الصعوبات التي قد تعترضنا“.
أمّا عن إمكانيّة تعميم التجربة على
الدول المحيطة المهدّدة بالتصحّر، يقول الصايغ: “نحن نعتقد أن فلسفة الاقتصاد
الجامعي التي أطلقها ملتقى التأثير المدني، وترجمت بأول خطّة نموذجيّة هي Blue Gold،
يمكن تعميمها إذا تضافرت المجتمعات المدنيّة في الدول العربيّة معًا، لتصبح
السياسات الاقتصاديّة والاجتماعيّة الأساس وليس فقط ما يريده صنّاع القرار. إطار عملنا
هو اللبنانيّ المقيم والمغترب، فلنسعَ لإنجاح هذه التجربة محليًا وإذا عمّمت
لاحقًا يكون خيرًا“.
لخطر تصحّر Blue Gold بالمرصاد
من جهة أخرى، يشير أستاذ العلاقات
الدوليّة والعلوم السياسيّة في الجامعة اللبنانيّة الدكتور أمين لبّوس إلى أنّ
لبنان ذاهب باتجاه كارثة بيئيّة وفقر مائي وتصحّر بعد حوالى عشر سنوات من الآن، في
حال لم يُبادر لاتخاذ إجراءات فاعلة وتطبيق خطّة
Blue Gold أو غيرها من الخطط المطروحة، بسبب سوء
إدارة قطاع المياه وإهماله، التغيّرات المناخيّة، النمو الديموغرافي ومشكلة النزوح
السوري الذي زاد الطلب على المياه، وتحسّن المستوى المعيشي للناس …”.
ويضيف لبّوس : “هذه الخطّة
ممتازة ومتكاملة تقنيًا لأنها تشمل كلّ المواضيع المتعلّقة بالمياه، بدءًا من
التجميع مرورًا بالتوعية والترشيد وصولًا إلى استعمال المياه المبتذلة بالريّ.
هناك خطوات يجب اللجوء إليها بأسرع وقت وبالتزامن مع بعضها مثل تحسين شبكة
توصيل المياه والبدء بمشاريع تخزين المياه وتوعية الأفراد وترشيد
استعمال المياه“.
ويقول لبّوس: “لا شبكة المياه
تحتمل ولا التخزين المتوافر في سديّ شبروح والقرعون كافٍ لسدّ كلّ الحاجات. يجب
البدء بإنشاء سدود أكثر فعاليّة ومراعية للبيئة عكس تلك التي تبنى راهنًا من دون
أي دراسات، يجب التوجّه نحو سياسة ترشيد المياه في الزراعة التي تستهلك حوالى 70%
من المياه اللبنانيّة لاعتمادها الريّ من خلال الجرّ بدل التقنيات الحديثة، إطلاق حملات تشجير
لأنها توفّر رطوبة وتحفظ المياه الجوفيّة، وعلى الدولة أن تفرض بالتعاون مع
التنظيم المدني تجميع المياه على السطوح أو داخل آبار تمامًا كما شجّعت على
استعمال الطاقة الشمسيّة، إضافة إلى التوعية حول المياه وإدخالها ضمن البرامج
التعليميّة لخلق أجيال واعية حول ضرورة المحافظة على هذه الثروة“.
فوائد دخول القطاع الخاصّ
على الخطّ
ويشير لبّوس إلى أن تطبيق هذه الخطّة
يستلزم تعاونًا بين القطاعين العام والخاصّ، خصوصًا أن تطوير القطاع العام لا
يتحقّق من دون تدخل القطاع الخاصّ لأن ميزانيّة الدولة لا تسمح بتمويل مشاريع
كبيرة مماثلة. الشراكة بين القطاعين نجحت في كثير من الدول، وهي لا تعني خصخصة قطاع
المياه لأنه ملك للدولة، وهي سيّدة على مصادر المياه. يجب أن تكون هناك رقابة من
العام على الخاصّ وشراكة بينهما كي لا يجنح الأخير في تسعير الخدمات، مع ترك
إمكانيّة التصرّف له لأنه يملك الأموال والتكنولوجيا والسرعة في التحرّك والتنفيذ“.
إضافة إلى ذلك، يقول لبّوس: “يجب
إعادة التفكير بتعرفة مياه مقبولة وبكيفيّة استهلاكها، لأن شراء متر المياه
سنويًا يفتح المجال أمام أي مواطن لهدر هذه الثروة واستهلاكها من دون
ترشيد، يجب المبادرة إلى وضع عدّادات ولو أنه أسلوب غير شعبويّ، ذلك بهدف الاستدامة
في استعمال هذه الثروة وتغيير المعتقدات التي تعتبرها هبة من الله“.
المواطن المستفيد الأوّل
وفي ما يتعلّق بالمصالح
المُتضرّرة من تنفيذ هذه الخطّة، يؤكّد لبّوس: “الخطّة مفيدة للأغلبية الكبرى
من اللبنانيين، لكنها قد تؤثّر على عمل أصحاب نقليّات الصهاريج المائيّة، الذين هم
بالأصل، حالة استثنائيّة اعتمد عليها اللبنانيون لتأمين حاجاتهم في المياه في
مواسم الشحّ، إضافة إلى ضرب القطاع غير المنظّم وغير المرخّص في تعبئة المياه بطرق
غير شرعية وغير نظيفة. لكن في المقابل الشركات المرخّصة لديها مستقبل زاهر لأنّنا موجودون
في منطقة تعاني من فقر مائي، وهذا أفضل استثمار للمستقبل إذا عرفنا كيفيّة إدارته
واستطعنا تأمين حاجاتنا ولاحقًا بيع فائضنا الذي قد يدرّ حوالى مليارين أو ثلاثة
مليارات دولار إلى الخزينة“.
أمّا عن الفوائد الأخرى التي تحقّقها
هذه الخطّة، يردّ لبّوس : “بناء السدود يرتّب شقًا سياحيًا لأنها يجب أن
تتلازم مع بناء غابات ومنتجعات حولها، كما يمكن الاستفادة منها في انتاج الكهرباء،
وفي استصلاح أراضٍ جديدة ترفع الإنتاجيّة الزراعيّة مع إدخال زراعات جديدة تعتمد
على المياه في نموها، وبالتالي توظيف أكبر في كافة القطاعات“.
مصير مرتبط بالإرادة السياسيّة
وعن إمكانيّة الربط بين مصير هذه
الخطّة ومصير ملف النفط المعلّق، ومدى نفاذها من براثن الفساد، يردّ :
“الأمور كلّها متعلّقة بالإرادة السياسيّة التي قد تتيح تنفيذها فورًا أو
خلال خمس سنوات أو عشر سنوات. حتى الآن لا توجد إرادة سياسيّة لعدّة أسباب منها
المصالح الشخصيّة والماليّة والاقتصاديّة مع العلم أن قطاع المياه هو من الأولويات
اللبنانيّة لأنه يمسّ بمستقبلنا ومستقبل أولادنا“.
حدّ للأطماع الإسرائيليّة
وعن إمكانيّة الحدّ من الأطماع
الاسرائيليّة المتحجّجة بإهدار الثروة المائيّة داخليًا لوضع اليد عليها، يقول
لبّوس : “إسرائيل تتحجّج بمياه نهر الليطاني الداخلي المهدورة، ومياه نهري الوزاني
والحاصباني اللذين ينبعان في لبنان ولديهما مجارٍ دوليّة تمرّ بإسرائيل. وبما
أن الإسرائيلي يحصل على 300 متر مكعب من المياه سنويًا والفلسطيني على 175 مترًا مكعبًّا، فيما حدّ الفقر في المياه هو 1000 متر مكعّب،
تستغل اسرائيل الموضوع أخلاقيًا وتروّج له في الأمم المتحدة وتقول: لبنان
يهدر المياه، بينما نحن (أي الإسرائيليين) نموت من العطش. علمًا أن على الصعيد القانوني
لا يحقّ لها بمياه الليطاني لأنه نهر داخلي، واستفادتها من مياه الحاصباني
والوزاني محدّدة وفق اتفاقية المياه الدوليّة التي تنصّ على تقاسمها بطريقة عادلة
ومعقولة، لكن هذا الاستغلال الاسرائيلي يضغط على الدولة اللبنانيّة لتحدّ من الهدر
وتحسّن القطاع“.
خشبة نجاة !
إذًا الخطّة قادرة على تأمين تدفق
مائي متواصل لتصل إلى كلّ المنازل والمصانع والمزارع مع استمرارها في ملء الأحواض
والسدود للاستفادة منها في مواسم الشحّ، وستعيد تأهيل شبكة التوزيع المائي،
وستحسّن صناعة تعبئة المياه والصادرات المائيّة وتولّد فرص عمل وأرباحاً أكبر، وسترفع
أرباح الصناعات الزراعيّة بعد زيادة المحاصيل نتيجة اتباع التقنيات الحديثة في
الريّ.
.jpg)
تطرح خطّة الذهب الأزرق أو Blue Gold مبادرات يمكن لها حماية واستثمار وإدارة الثورة المائية
اللبنانية لمواجهة التصحّر الذي يهدّد المنطقة الممتدة من إيران حتى قبرص، وتدرّ
على لبنان فوائد كثيرة منها اجتماعيّة واقتصاديّة وغذائية وأمنيّة وصحيّة وماليّة،
لكن يبقى إقرارها مرتبطًا بالإرادات السياسيّة الجيّدة التي ستضعها على سكّة
التنفيذ واستثمار الذهب الأزرق المهدور بطريقة استراتيجيّة مدروسة تكون خشبة نجاة
أخيرة للبنان.
ايلاف
