تقف القيادات الفلسطينية امام مجموعة من الخيارات المستحيلة، وذلك بعدما وصلت الدولة الموعودة وفق اتفاقيات: اوسلو وخطط «الرباعية الدولية»، والوعود الاميركية باقامة دولتين في فلسطين الى الحائط المسدود. ولا نغالي اذا قلنا بان عملية السلام التي استثمرت فيها السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير لفترة تزيد على عقدين قد دخلت في نفق مظلم، وبان خروجها منه لن يكون في المستقبل المنظور وذلك لاسباب موضوعية ابرزها:
اولاً، دخول اسرائيل في مرحلة التحضير لانتخابات عامة، بعدما قرّر الكنيست حل نفسه، ومن هنا فانه لن يكون هناك حكومة اسرائيلية جديدة، وجاهزة للبحث من جديد في استئناف العملية التفاوضية قبل صيف عام 2015.
ثانياً، لا يمكن الحديث عن اية عملية تفاوضية بين اسرائيل والفلسطينيين الا بمبادرة ومشاركة اميركيتين، وان الظروف التي تواجهها ادارة الرئيس باراك اوباما في ما تبقى لها من الرئاسة الثانية لا تعتبر مؤاتية للاستثمار في عملية السلام. فالادارة الاميركية الراهنة هي غارقة ومشغولة في مجموعة من المسائل الداخية والخارجية المعقدة، ويبدو في نفس الوقت بانها باتت على قناعة بعد فشل الجهود التي بذلها وزير خارجيتها جون كيري، بان الظروف الاقليمية لن تساعد من اطلاق مبادرة جديدة. وتوحي كل المؤشرات الراهنة بانه لا يمكن توقع انطلاق اية مبادرة اميركية جديدة في عهد اوباما، وبانه لا بدّ من انتظار وصول رئيس جديد الى البيت الابيض. اقول ذلك وانا مدرك بان هذا الاستنتاج يثلج قلوب اعداء السلام في داخل اسرائيل، وبين الفصائل الفلسطينية «الاسلامية» المعارضة للسلام وعلى رأسها حماس والجهاد الاسلامي، بالاضافة الى التيار المحافظ في ايران، حيث يجد هؤلاء بان الفرصة باتت مهيأة لاسقاط اتفاقيات اوسلو ومعها كل مشاريع الدولة الفلسطينية ضمن صدور 1967، ومعها بالتالي السلطة الفلسطينية القائمة على اجزاء من الضفة الغربية بقيادة محمود عباس. في مواجهة الافق المسدود الذي تواجهه السلطة الفلسطينية بعد فشل مفاوضات السلام وانهيارها الكلي، وفي ظل سياسة التحدي ومصادرة الاراضي لبناء المزيد من المستوطنات، والعمل الحثيث على تهويد مدينة القدس، فان حماس بدأت تعمل لزيادة شعبيتها في غزة والضفة من خلال التأكيد على صحة وشرعية خيارها القائل بالعودة الى العمل المقاوم والمسلح من اجل استعادة حقوق الشعب الفلسطيني، وخصوصا بعد ان اثبتت السلطة فشلها في تحقيق مشروعها لانشاء دولة فلسطينية عن طريق عقدين من المفاوضات.
في الجانب الاسرائيلي فان قادة المستوطنين، والناشطين الداعمين للاستيطان وتهويد القدس سيعملون الآن على تكثيف جهودهم من اجل الاستفادة من توقف مباحثات السلام، ومن فترة الانتخابات من اجل السير قدماً في مشروعاتهم التهويدية. من هنا فانه لا يمكن توقع تجميد الاستيطان والمحافظة على «الستاتيكو» الراهن بسبب سقوط عملية السلام وبانتظار تشكيل حكومة اسرائيلية جديدة.
السؤال الذي تواجهه السلطة الفلسطينية في ظل هذه الظروف القاسية التي تواجهها هو: هل يمكنها الاستمرار في الدور الذي لعبته منذ قيامها بعد توقيع اوسلو، والذي يؤكد بان جلّ ما قامت به كان في خدمة الاحتلال الاسرائيلي ومخططاته الاستيطانية؟
يبدو بوضوح بان السلطة بقيادة محمود عباس قد اقتنعت بتبدد الحلم باقامة دولة مستقلة عن طريق التفاوض، وبان كل الوعود الدولية بتحقيق حل الدولتين قد تبخّرت، وبان استمرارها في البحث عن الدولة الموعودة عن طريق المفاوضات قد اسقط مشروع التحرير الذي رفعته وعملت من اجله منظمة التحرير طيلة عقود من النضال.
ان الوقائع القائمة الآن في الضفة الغربية تؤكد بان دور السلطة لم يتعد تأمين الغطاء لاستمرار الاحتلال وتوسيع الاستيطان وتهويد مدينة القدس. يكفي ان نقول لتأكيد مثل هذا الاستنتاج بان عدد المستوطنين كان في حدود 250 الف مستوطن عام 1993، اي عند توقيع اتفاقيتي اوسلو، وبأنه قد تجاوز الآن 700 الف مستوطن. بالاضافة الى ذلك فان حائط الفصل الذي نفّذ بين اسرائيل والضفة قد قضم 12 في المائة من مساحة الضفة، وبأن 60 في المائة من مساحة الضفة الغربية هي تحت السيطرة الادارية والعسكرية الاسرائيلية الكاملة ويدرك الفلسطينيون ومعهم العالم بأن السلطات الاسرائيلية هي جادة ومستمرة في عملية تهويد القدس، وإلغاء هويتها الاسلامية والمسيحية.
ادت سياسات السلطة الفلسطينية الى تعطيل دور منظمة التحرير والغاء دورها في قيادة مقاومة كل الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال، وتصرفت السلطة في رام الله على اساس انها مسؤولة وتمثّل 38 في المائة من الشعب الفلسطيني، وبأن مجمل اهتماماتها باتت تنصب على تأمين الاموال الشهرية اللازمة لدفع رواتب 175 الف موظف ورجل أمن يعملون لصالحها، وكان على السلطة ان تحافظ على علاقاتها مع السلطات الاسرائيلية من اجل الحصول على الاموال المجباة لصالحها.
في ظل هذا السقوط المروّع لمشروع السلام، والذي لا أمل باحيائه في ظل التطورات الدولية والاقليمية والعربية الراهنة، لا بدّ من التساؤل عن وجود خطط بديلة للخروج من المأزق الراهن.
تتكرر الدعوات من قبل قيادات وخبراء اسرائيليين بضرورة اعتماد اسرائيل لحل أحادي الجانب، حيث يطرح بعضهم ان تضم اسرائيل كل المناطق المصنفة «C» بموجب اتفاقيتي اوسلو، وهذا يعني ضم 50 في المائة من مساحة الضفة لاسرائيل، ويذهب آخرون ومن بينهم افيغدور ليبرمان الى البحث عن سلام في اطار اقليمي، يسهل تبادل الاراضي، مع اعطاء حوافز للعرب في اسرائيل للنزوح الى القسم العربي من الارض.
في المقابل لا يجد الفلسطينيون الآن اي مخرج من المأزق الراهن سوى الذهاب الى مجلس الأمن، وطلب الموافقة على مشروع قرار عربي للاعتراف بقيام الدولة الفلسطينية، وتحديد سقف زمني لفترة سنتين من اجل انهاء الاحتلال الاسرائيلي. ويدرك الجانب الفلسطيني استحالة مرور قرار دولي من هذا النوع، حيث سيكون القرار الاميركي باستعمال حق النقض في انتظاره. وهذا ما ابلغه وزير الخارجية جون كيري الى كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات بعد اجتماعهما في لندن امس.
يبدو بأن القيادة الفلسطينية قد ادركت استحالة مرور مشروع القرار العربي في مجلس الامن، وهذا ما دفعها الى البحث عن مخرج من خلال البحث في مشروع فرنسي بديل، حيث يجري السعي لتحسينه.
ان المشروع الفرنسي لن يشكل المخرج الفاعل من المأزق الراهن ولكنه يحفظ للسلطة الفلسطينية ماء الوجه، وخصوصاً تجاه الضغوط التي باتت تتعرض لها من حماس والمنظمات الاسلامية الاخرى.
يبقى البديل الوحيد امام السلطة الفلسطينية هو في الانضمام الى محكمة الجنايات الدولية، وذلك في محاولة لتهديد بعض القيادات بطلب الجنايات الدولية، وذلك في محاولة لتهديد بعض القيادات الاسرائيلية بطلب احالتها امام هذه المحكمة بجرائم حرب ارتكبتها اثناء الحرب الاخيرة على غزة. في الاستنتاج العام، لا يبدو اي من الخيارات التي تطرحها السلطة الفلسطينية ممكناً في الوقت الراهن، وذلك في ظل التطورات الراهنة دولياً واقليميا، ومن هنا فان على السلطة الفلسطينية انتظار فترة سنتين على الاقل، حيث يؤمل عندها ان تبادر الادارة الاميركية المقبلة لاطلاق مبادرة سلمية جديدة.
وزير إسرائيلي: اتفاق الترسيم مع لبنان جيد..”الموساد” و”الجيش” يريدانه
أعرب وزير السياحة في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الجمعة، عن "أمله في أن يُنجز الاتفاق مع لبنان بشأن ترسيم الحدود...