لخصت وكالة “أسوشيتد برس” الموقف النهائى من المرشحين الرئاسيين المشير عبد الفتاح السيسى، وحمدين صباحى، بعد انتهاء فترة الدعاية الانتخابية وبدء فترة الصمت، حيث رصدت الوكالة انتشار صور وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسى فى كل مكان فى شوارع مصر، قائلة فى القاهرة علقت صوره بطول الطرق السريعة وعلى الجسور والأبراج المطلة على ميادين العاصمة، وفى الإسكندرية، دوت الأغانى التى تمجد السيسى بوصفه رئيس مصر القادم وهبة مصر بعد سنوات من الاضطراب، وذلك من خلال مكبرات الصوت المنتشرة على طول الطريق الساحلى لتلك المدينة المطلة على البحر الأبيض المتوسط.
وتابعت الوكالة فى تقريرها: يحظى السيسى، الرجل الذى أطاح بمحمد مرسى أول رئيس مصرى منتخب، بتأييد قوى من قطاع الأعمال، حيث يوجد شبه اتفاق على أن السيسى الشخص الوحيد القادر على قيادة البلاد للخروج من أزمة اقتصادية طاحنة والتعامل مع عنف المسلحين الإسلاميين.
وتعكس نبرة حملة الدعاية الانتخابية تحول العديد من المصريين المنهكين بعد فترة عدم الاستقرار التى أعقبت الإطاحة بمبارك عام 2011 بنحو 360 درجة للاحتفاء بشخصية قوية تمتلك القدرة على تحقيق الاستقرار.
وتقول شيماء عبدالحميد (26 عاما) أثناء مشاركتها فى مسيرة مؤيدة للسيسى فى العاصمة هذا الأسبوع “الناس يرغبون فى رجل عسكرى، رأينا بالفعل إن رئيسا مدنيا لا يستطيع القيام بأى شىء.”
وأضافت “نريد الأمن. من المؤكد أن الصحة والتعليم وكل الأشياء من هذا القبيل مهمة أيضا. إلا أننا نريد الأمن أولا”.
ولكن الزخم الإعلامى لا يظهر مدى الانقسام الذى تعانى منه مصر، فطبقا لاستطلاع للرأى نشره مركز بيو الأمريكى يوم الخميس، فإن أغلبية ضئيلة بنسبة 54 بالمائة تفضل السيسى مقابل 45 بالمائة من الرافضين له.
واعتمد استطلاع الرأى على المقابلات الشخصية التى أجريت مع 1000 شخص بالغ فى أبريل بهامش خطأ يقدر بنسبة 4.3 نقاط مئوية. وقد لا تفسد تلك الانقسامات أى فوز للسيسى إلا أنها قد تقلل من تطلع آخر له، وهو حدوث إقبال كبير على التصويت، الأمر الذى يسعى إليه مؤيدو السيسى لإثبات أن الإطاحة بمرسى كانت تعكس إرادة الشعب.
يعتبر سامح عبد الخالق (42 عاما) المحاسب من مدينة بورسعيد نفسه من الثوار المصريين: فقد أيد الاحتجاجات على مدار السنوات الثلاث الماضية، وعارض السلطات، وتبرع من ماله الخاص لتصنيع لافتات ولسداد مصاريف الدعاوى القانونية التى أقيمت ضد ناشطين.
لكنه يقول الآن إنه سيصوت للسيسى لأنه الفائز على أية حال.
وطفت على السطح عدة جماعات دعم وتأييد له مستقلة عن حملته الرسمية، حملت أسماء مثل “مستقبل مصر” و”مصر بلدى” التى تعقد مؤتمرات تأييد له فى أنحاء البلاد.
فى خلال إحدى الفعاليات التى نظمتها جمعية “مستقبل مصر” مؤخرا فى سرادق اكتظ بالحضور خارج قصر الاتحادية الرئاسى بالقاهرة، ردد مكبر صوت أغنية تشيد بوزير الداخلية، ورقصت امرأتان على أنغامها. أما نجم هذا الحدث فكان عبد الحكيم، نجل الزعيم جمال عبد الناصر، الذى يرى البعض فى السيسى إحياء له.
وقال عبد الحكيم إن خروج الملايين فى الثلاثين من يونيو مطالبين بالإطاحة بمرسى نبع من فشل الانتفاضة ضد مبارك فى الخامس والعشرين من يناير 2011.
وقال للأسوشيتد برس “للأسف لم يخرج من عباءة ثورة الخامس والعشرين من يناير أى زعماء، وسرقت. أما ثورة الثلاثين من يونيو فأنجبت قائدا. الشعب كله – أغلبية كبيرة منه – يؤمنون بأنه سيحقق طموحاتهم”.
أما عن صباحى فقالت الوكالة إن حمدين، المرشح الأقل حظا إلى حد بعيد فى انتخابات الرئاسة المصرية، يسعى إلى حشد الشباب خلفه كأمل “للثورة” المطالبة بالديمقراطية فى البلاد ضد قائد الجيش السابق عبد الفتاح السيسى.
وتابعت: لكن فرص نجاح السياسى اليسارى البالغ من العمر تسعة وخمسين عاما محدودة للغاية لعوامل خارجة عن نطاق سيطرته، فمنافسة، المشير المتقاعد السيسى، يحظى بدعم هائل فى بلد تسيطر عليه الحماسة الوطنية والتملق للجيش بعد عزله للرئيس الإسلامى محمد مرسى الصيف الماضى بحيث يتم التعامل معه باحترام رئاسى.
إضافة إلى ما سبق، تنتشر لافتات وصور السيسى فى كل مكان، بينما نادرا ما تجد تلك الخاصة بصباحى.
وفى ظل ذلك الاصطفاف وراء السيسى والحشد الدعائى له، يبنى صباحى استراتيجيته على محاولة التغلب على الدعوات لمقاطعة التصويت من قبل نشطاء شبان يصفون الانتخابات التى ستجرى فى السادس والعشرين والسابع والعشرين من مايو بغير المرغوب فيه.
وبعض المجموعات الثورية التى قادت الانتفاضة الحاشدة ضد الرئيس الأسبق حسنى مبارك تبدى تشككا تجاه صباحى. غير أن آخرين يحشدون الدعم له، ومنطقهم فى ذلك أنه على الأقل إذا فاز بأصوات كافية، فإن ذلك سيظهر أن هناك تيارا عاما ضد المنافس له.
وقال صباحى فى الآونة الأخيرة مناشدا الشباب المصرى ألا يقاطع “دعونا نختبر قوتنا. إذا اقتنع الشباب أن هذه معركته، فسيفوز فيها.”
وتشير التقديرات الرسمية إلى أن نحو سبعة وثلاثين مليون مصرى من إجمالى الناخبين المصريين البالغ عددهم ثلاثة وخمسين مليونا بين سن الثامنة عشر والأربعين.