من المخجل أنه باسم الإسلام، وباسم السنة النبوية؛ ظهرت “القاعدة” كأعتى منظمة إرهابية متطرفة، وبالرغم من ظهور منظمات أخرى أوغل منها قدما؛ إلا أن “القاعدة” كانت المحصلة النهائية والكاملة لأسس الإرهاب والتطرف، فاستطاعت أن تزرع بذورها بشكل واسع وعشوائي منذ بداية الألفية الثانية، بمساعدة رياح المحافظين الجدد آنذاك، لتنشطر وتتكاثر فتصبح “داعش” و”أنصار الشريعة” و”بوكوحرام”..؛ وهناك باسم الشيعة، وباسم العقيدة الإثني عشرية، وباسم الممانعة والمقاومة ظهر “حزب الله” و”فيلق بدر” و”فيلق القدس” و”مجاهدي خلق”.. والحبل على الجرار في كلا الاتجاهين، والثقافة الإسلامية بمختلف أطيافها – مع بالغ الأسف – قابلة لتوالد هذه الأمراض الجينية المتطرفة.
ولا نشك؛ في أن استئصال جذوة الإرهاب أمر في غاية الصعوبة، لكنه ليس مستحيلا، والبداية تتطلب معالجة داء الطائفية، التي باتت أسهل وسيلة لإشعال الحروب والانقسامات، وأسرع وقود يشعل جذوة التطرف.
لكن إجراء هذه العملية الجراحية الخطرة والمعقدة في جسد الثقافة الإسلامية لا يتوقف على رجل الدين وحده، أو السلطة السياسية وحدها، بل هي في حاجة إلى خبراء وعلماء ومتخصصين في مجالات علوم الاجتماع، والسياسة، والإعلام، وهي بحاجة إلى رجال دين معتدلين يفهمون هذا العصر، ولديهم إلمام كامل ووعي تام بالفواصل والحدود بين الدين والسياسة.
موقف الإنسان المسلم من الآخر يجب أن يكون واضحا ومحددا، فالداعية والمعلم وأستاذ الجامعة وخطيب الجمعة والمثقف.. يجب أن يقوم كل بواجبه في بيان موقف المسلم من هذا المخالف، عبر مراجعات ودراسات تجديدية عميقة، تظهر إنسانية هذا الدين، وموقفه المعتدل من المخالفين، وحثه على التعايش معهم وقبولهم، وإظهار كل قيم التسامح وحب الحياة في تاريخنا الإسلامي والتي طمرت مع الزمن، هذه المراجعات ينبغي أن يفهمها الطفل في مدرسته، والشاب في جامعته، وطالب العلم في مسجده، ورجل الشارع في عمله، وهذا الاتفاق ليس من السهل أن يحدث في ظل هذه الانقسامات الثقافية، وفي ظل شيوع الطائفية حتى بين النخب، لكن الظروف تحتم على المخالفين – أو من سيطرت عليهم ثقافة التوجس والحذر من الآخر – أن يفهموا لغة المصلحة، وأن يتنازلوا عن فكرهم الأحادي لمصلحة الدين، ولمصلحة الوطن. فالطائفية أصبحت ذريعة ملائمة وقناة سهلة العبور لتعبئة أبنائنا، وحثهم على الخروج علينا، والانضمام إلى الجماعات الإرهابية في العراق وسورية واليمن وغيرها.
لماذا يهدّد الروس العالم بالسّلاح النووي؟
كان الخطاب الذي أطلقه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الاحتفال بضمّ الأقاليم الأربعة إلى روسيا بمنزلة استكمال للخطاب السابق الذي...