ادخلت قضية العسكريين المخطوفين الحكومة ومعها الدولة في مآزق كبيرة لا يبدو انها ستشهد نهايات سعيدة في وقت قريب بل ان ازمة العسكريين تتجه نحو ادخال البلاد في مآزق – سدود طالما ان التعاطي الرسمي يستبعد استخدام اوراق القوة التي تملكها الحكومة.
لذلك فالسؤال الاول لماذا وصلت الامور الى ما وصلت اليه على صعيد العسكريين المخطوفين؟
في المعلومات التي تملكها جهات سياسية بارزة ان المأزق الذي نتج عن هذه القضية يعود الى مجموعة اسباب وثغرات بدأت منذ «غزوة» المجموعات الارهابية باتجاه بلدة عرسال ومن قبل ذلك، وتعيد المصادر هذه الاسباب والثغرات الى الآتي:
– ما سبق «غزوة عرسال» من تراخي الحكومة السابقة في التعاطي مع تحرك الخلايا المسلحة في عدد من المناطق خاصة في الشمال وعرسال وتزامن هذا التراخي مع سياسة التسهيل لحركة المجموعات المسلحة من قبل تنظيمات ومجوعات سلفية وايضا من جانب فريق 14 آذار.
– عدم اعطاء حكومة الرئىس تمام سلام التغطية السياسية للجيش من اجل ابقاء الحصار على المسلحين في عرسال. وبالتالي اشتراط انسحابهم من البلدة في مقابل اطلاق سراح العسكريين، ما اتاح للمجموعات الارهابية اخراج العسكريين معهم الى منطقة جرود عرسال وبدء عملية ابتزاز الحكومة.
وتشير المصادر الى انه بعد كل ذلك بدأت المحاولات لفتح باب التفاوض مع المجموعات المسلحة بهدف اطلاق العسكريين، لكن خلال الاشهر الثلاثة الماضية من لجوء الحكومة الى فتح باب التفاوض حصلت الكثير من الاخطاء والثغرات في التعاطي الحكومي مع هذا الملف، تلخص المصادر ابرزها بالآتي:
– لقد تمنعت الحكومة عن اعطاء القرار للجيش لاقفال كل المعابر التي تؤدي الى جرود عرسال حيث استمر نقل السلاح والتموين الى المسلحين. كما ان الحكومة امتنعت عن الطلب من الجيش وضع يده على مخيمات النازحين التي هي خارج سيطرته في محيط عرسال.
– رفضت الحكومة فتح قنوات التواصل مع سوريا للتنسيق في موضوع المفاوضات بعد ان كانت «جبهة النصرة» اشترطت اطلاق موقوفات في سوريا مع العلم ان الجيش السوري ساند الجيش اللبناني خلال «غزوة» عرسال بالمدفعية والطيران على مواقع المسلحين في الجرود. وتقول المصادر انه في ظل الاعتراض على التنسيق والتواصل مع سوريا اضطر رئىس الحكومة تمام سلام قبل حوالى اسبوعين الطلب من المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم للموافقة على ذلك حيث اكد سلام للواء ابراهيم «اذهب على مسؤوليتي الى سوريا».
– لجوء بعض القوى السياسية اللبنانية الى اضعاف موقف الدولة من خلال اعلان موافقتها على المقايضة غير المشروطة اي امكانية فتح شهية المجموعات الارهابية لاشتراط اطلاق سراح كل الارهابيين الذين جرى توقيفهم منذ عدة اشهر وحتى الان وبين هؤلاء رؤوس كبيرة خططت لاعمال ارهابية كبيرة وحتى ان احدى الشخصيات لم تمانع بأن يتم اعداد سيناريو لهروب الارهابيين الكبار كجزء من صفقة محتملة مع المسلحين.
– تعدد الرؤوس المفاوضة من جانب الحكومة، وهو ما ادى ايضا الى حصول فوضى في الموقف الحكومي، بحيث لم يكن هناك قرار موحد حول آلية التفاوض او حدود المقايضة في حال الوصول الى اتفاق مع المسلحين حول اطلاق العسكريين.
– تلكأ بعض الدول الاقليمية القادرة على المساعدة خاصة تركيا وقطر وحتى السعودية، فتركيا ربطت المساعدة او الدخول في عملية التفاوض بزيارة الرئيس سلام لها، بينما ترفض السعودية حصول هذه الزيارة، كما ان الوصول القطري على خط المفاوضات في الفترة الماضية كان لغايات خاصة، ليس اقلها تضييع الوقت.
– ان قضية الموقوفين في سجن روميه، هي ايضاً من الاوراق التي يمكن ان تستخدمها الحكومة في عملية التفاوض، وبالتالي فاي عملية تفاوض جديةتبدأ من ضبط «المبنى – ب» في السجن من خلال منع عمليات التواصل بين ارهابيين فيها وخلايا ارهابية في جرود عرسال وغيرها، وصولاً الى وقف غرفة العمليات الموجودة في السجن.
انطلاقاً من كل ذلك، تقول المصادر ان السياسة المعتمدة حالياً من قبل الدولة تؤدي الى اعطاء المسلحين المزيد من الاوراق، بينما على الحكومة ان تبدأ اولاً استعمال اوراق القوة التي بيدها، وثانياً بحصر التفاوض بمرجعية واحدة اما اللواء عباس ابراهيم او قيادة الجيش الذي يمكنه اذا اعطي الغطاء السياسي – ان يحسم الامور مع المسلحين في جرود عرسال. ولذلك تقول المصادر، انه اذا لم تلجأ الحكومة الى هذه الاجراءات فالفوضى والارباك سيبقيان العنوان الابرز للتعاطي الرسمي مع قضية العسكريين المخطوفين، حتى ان المصادر تنقل عن مرجع معني انه «في ظل ما يحصل، فالمسلحون لن يدخلوا في اي مفاوضات جدية لاطلاق العسكريين، وبالتالي فهؤلاء لن يتنازلوا عن هذه الورقة التي تمكنهم من ابتزاز الحكومة وكسب المزيد من الوقت».
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...