ها ان الملك عبد الله بن عبد العزيز يثني على السيد علي السيستاني. متى يثني على آية الله علي خامينئي؟
لا نعتقد ان الايرانيين يريدون حمل السعوديين على التشيع، كما لا نعتقد ان السعوديين يريدون ارغام الايرانيين على الاخذ بمبادىء محمد بن عبد الوهاب واستاذه او شيخه ابن تيمية…
اذاً، حائط ايديولوجي ام حائط استراتيجي بين البلدين؟ بادىء بدء، كان عبد الوهاب المؤدب الذي تحدثنا عن رحيله وعن افكاره منذ ايام يستغرب، والازمنة تزداد جنونا مثلما تزداد عبقرية، كيف يمكن تعليب الاسلام، كونه حالة الهية ومسؤولة عن البشرية جمعاء( على الاقل كما ورد في النص)، في قوالب عقائدية صماء اذا ما اخذنا بالاعتبار كيف تتغير احوال البشر، ويوميات البشر، وكيف امتلأت القرون الغابرة بالفلسفات وبالافكار التي غالبا ما اخذت شكل الاحصنة المجنحة (لم يقل الثيران المجنحة).
من الطبيعي بل من الضروري ان تتعدد المذاهب، ولكن لماذا يفترض ان تتوقف عند اجتهادات او تأويلات محددة، كما لو اننا نعلن موت العالم، فيما العقل البشري يزداد تألقا و قد يزداد هولاً في بعض الاحيان…
لا نبتغي الدخول في هذه المتاهة الفقهية. الثابت ان الصراع في المنطقة يأخذ في الكثير من وجوهه المنحى المذهبي الذي غالبا ما يوظف لتغطية سياسات او استراتيجيات معينة، فيما لعبة المصالح، وفي اطارها لعبة العروش، تتجاوز اي لعبة اخرى…
واذا كان وودي آلن قد قال ضاحكا ان البراغماتية «تعني ان تقنع نفسك على الاقل بأن شفتي زوجتك اكثر اغواء من شفتي انجلينا جولي»، فما ظهر في لقاء الرئيسين باراك اوباما وشي جينبينغ في بكين حمل توماس فريدمان على القول ان البراغماتية تجعل حتى التنين يرقص التانغو مع الديك الرومي.
الصحافي الاميركي البارز لا ينسى ديبلوماسية البينغ بونغ التي حملت الرئيس ريتشارد نيكسون الى الصين، لينقل فريدمان عن مهندس هذه الزيارة هنري كيسنجر قوله «في تلك اللحظة قد يكون ماوتسي تونغ قد سبقني الى الاعجاب بعبقرية اميركا».
بحثاً عن البراغماتية (عن عبقرية ما) بين الرياض وطهران، اذ من يمكنه ان ينفي النفوذ السعودي من لبنان والى اليمن، ومن يمكنه ان ينفي النفوذ الايراني في المدى الجغرافي إياه، وان كان الثابت ان الصراع في المنطقة، والذي بدأ بصراع الآلهة وقد ينتهي بصراع الآلهة، لا يختزل بالسعوديين والايرانيين. هناك الاميركيون والروس والصينيون والاتراك، والاسرائيليون الذين قال الانكليزي مارك سايكس انهم (اي اليهود) يعتقدون ان الكرة الارضية كلها، وليس فقط الشرق الاوسط، هي ارض الميعاد..
من يتابع اقوال الحاخامات يعرف اننا، في نظر يهوه، من يغتصب هذه الارض من الفرات الى النيل، وربما من المحيط الى الخليج. وربما ايضا وايضا..
على ماذا الصراع بين الرياض وطهران؟ وهل يعتقد المسؤولون في البلدين ان اياً منهما يستطيع الاستئثار بأي بلد من بلدان المنطقة، و نحن المجتمعات المركبة التي تستوطن فيها كل آفات الماضي (وقلما تستوطن فيها مآثره) والتي تفتقد الحد الادنى من الرؤية الاستراتيجية في كل قطاعات البقاء. لا نقول في كل قطاعات الحياة..
اوبير فيدرين، وزير الخارجية الفرنسي السابق، وان كان شأنه شأن غالبية الساسة الغربيين اقل تعاطفا مع ايران، يسأل عن الجدوى من ذلك الصراع، خصوصا على الجانب العربي حيث تستنزف الثروات وتستنزف الازمنة، ليقول ان المجتمعات العربية بحاجة الى هزة سيكولوجية كبرى، وان كان ابدى التشاؤم «لان اولئك المجانين تمكنوا من التقاط لحظة التحول»، ليدفعوا بالمجتمعات إياها الى ثقافة الهذيان.
ولكن لنلاحظ اين نحن واين هم الايرانيون. ندرك ان الاميركيين يحترفون السياسات المزدوجة، والوجوه المزدوجة، ولكن حين يفاوض الايرانيون على برنامجهم النووي، وبكل ذلك الاصرار الذي حمل وليم بيرنز على القول لبوب ودورد «كما لو انك تتسلق شجرة الصبّار وانت عار من الثياب»، وحين يبدو علينا الهلع من ان يأتي الاتفاق، إن اُبرم، على حسابنا، فأين نحن وما معنى صراعنا مع الايرانيين؟
لا ريب ان للنظام الايراني مشكلاته الهائلة. العقوبات طحنت الحياة اليومية في ايران التي لا تستطيع الحصول حتى على اطارات لطائراتها المدنية، لكنها تفاوض بتلك الطريقة المذهلة في صلابتها، ودون ان يكون باستطاعة اي قوة الحد من تأثيراتها الجيوبوليتيكية وغير الجيوبوليتيكية في المنطقة، فلماذا لا نخترق الجدار إياه، لكأنه الجدار الميتولوجي، ونستعيض عن الصراع العبثي، بيومياته الدموية الراعبة في اكثر من مكان، بتفاهم لا يمكن ان يكون مستحيلا في حال من الاحوال؟
هل من المنطقي، والحال هذه، ان نحبس انفاسنا، وان نضغط وان نهدد لمنع التوصل الى اتفاق لعدم ثقتنا بالحليف الاميركي الاكبر ولعدم ثقتنا بأنفسنا بالدرجة الاولى، فيما يمكن للبراغماتية التي لا تعني قطعاً الوهن او التهاون، ان تحيل الصراع الى علاقات خلاقة، وقد خبرنا سوية كيف ان الامبراطوريات تعبث بنا بعدما حالت دون قيام نظام اقليمي في المنطقة الا اذا كانت اسرائيل هي المحور الاستراتيجي لهذا النظام…
واذا كان هناك من يقول انها سوريا وانه المسرح السوري الذي يجعل من اي لقاء بين الرياض وطهران هو اللامعقول، فإن ما اصاب سوريا، حيث جحافل المرتزقة وقطاع الطرق ومصاصو الدماء يعيثون دماً، هو الذي يجعل التفاهم براغماتيا ومثاليا في آن…
كفانا انتظاراً داخل الثلاجة. شعراً لا سياسة، تحدث صلاح ستيتية عن «ثلاجة الجمر». متى يثني الملك على المرشد؟
ومتى يثني المرشد على الملك؟
نبيه البرجي
بلينكن: واشنطن تدرس تدابير جوابية بما في ذلك ضد الرياض بعد قرار “أوبك +”
قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أمس الخميس، إن الولايات المتحدة تدرس عدداً من التدابير الجوابية، بما في ذلك ضدّ...