لا تخفي اوساط شمالية قلقها من واقع الحال الذي تعيشه عاصمة الشمال طرابلس ويتمثل ذلك بقيام بعض الاطراف بشحن الشارع السني ضد المؤسسة العسكرية وتحت شعار «مظلومية اهل السنة»، في وقت يسعى فيه «تيار المستقبل» الى استعادة ما خسره امام المد الاسلامي المتطرف الذي بنى ركائزه في ظل الغياب الكلي للزرق بفعل المنفى الاختياري للرئيس سعد الحريري ويجهد المستقبليون لعدم «تدعيش» الفيحاء في سباق محموم مع التيارات الاسلامية المتطرفة لاستقطاب فاعليات الاحياء الشعبية انطلاقا من باب التبانة لا سيما ان طرابلس تقع على فالق الصراع الاقليمي بامتياز.
وتضيف الاوساط أن المراقبين للواقع الميداني والمطلعين على الكواليس الاقليمية يرون ان ما يحصل في طرابلس من ارباكات امنية هو ترجمة عملية للصراع السوري – السعودي، فمعادلة الـ«س.س» التي كانت تصنع مختلف الاطباق السياسية في زمن السلم ما زالت تمسك بقواعد الاشتباك على الساحة المحلية في زمن الغليان الاقليمي. وان دخول المملكة معركة محاربة الارهاب وفي طليعته تنظيم «الدولة الاسلامية» في العراق والشام، لن يصلح بتاتاً العلاقة السورية – السعودية لا بل يزيد من حدة الصراع بين الطرفين كون المملكة ترى في النظام السوري «داعش» من نوع آخر، وهذا ما يرتب على الساحة المحلية دفع اثمان اكبر من طاقتها انطلاقا من البوابة الشمالية للبلد الصغير.
وتشير الاوساط الى ان الانقلاب في الموقف السعودي تجاه لبنان يعود الى عدة اسباب يأتي في طليعتها غضب المملكة من واشنطن اثر التقارب الاميركي – الايراني، وان السعودية تنظر بحذر بدوي الى كل ما يحيط بها من مجريات لا سيما انها الادرى بالخبث الاميركي لان صداقتها مع الادارات الاميركية المتتابعة جعلتها الطرف الاقليمي صاحب الوزن الثقيل في صناعة اطباق المنطقة، وان تجاهل واشنطن للسعودية في المسألة الايرانية ليس عابرا، وان وراء الاكمة الاميركية ما وراءها.
وتقول الاوساط ان السعودية فوجئت بدعم واشنطن «للاخوان المسلمين» اثر الصفقة بين الطرفين التي اوصلت الرئيس محمد مرسي الى الحكم في مصر وفي تونس وان هذه الصفقة تمت من دون معرفة المملكة التي تخشى ان يصل اليها الدور بعد اكتشاف الامارات خلية «للاخوان المسلمين» كانت تعمل وتخطط لضرب استقرار الخليج وان القيادي الفلسطيني محمد دحلان كان وراء الامر فاقدمت السعودية على ترتيب اوراقها بعد شكوكها في الادارة الاميركية، فأطاحت مرسي عبر الجيش المصري بقيادة السيسي، وحولت مليارات من الدولارات بمشاركة الامارات لدعم الاقتصاد المصري الذي كان قد شارف على الافلاس في ظل حكم «الاخوان»، في رد على تهديد واشنطن بايقاف المساعدات المالية لمصر، ولإفهام واشنطن بان السعودية كخزان مالي ومصر كخزان بشري يشكلان القوة الاقليمية في المنطقة، وان الرهان على اي طرف آخر لن يكون رابحا ولا مفيدا للادارة الاميركية.
وترى الاوساط ان التفجيرات التي تحصل في العراق يوميا تندرج في ظل الصراع الاميركي – السعودي، كون المملكة تعتبر ان الغزو الاميركي للعراق جاء على حساب اهل السنة الذين حكموا العراق منذ اكثر من 1400 عام وان السعودية خدعت في الاهداف الاميركية حيال العراق، وعلى هذا الاساس ليست مستعدة لان تخدعها واشنطن في سوريا، خصوصا ان كلام الرئيس السوري عن «انصاف الرجال» لا يزال يتردد في اروقة المملكة وهي لن تغفر له ذلك. وان دخولها على خط المعارضة السورية لا رجعة عنه لعدم قناعتها بالحل السياسي ولارتيابها بواشنطن خصوصا بعدما بات تنظيم «داعش» يشكل خطرا ليس على المملكة بل على الامن العالمي. برمته، لذلك سعت اثر معركة عرسال الى تقديم دعم مالي بمليار دولار للمؤسسة العسكرية عبر الرئيس الحريري سعيا منها الى اعادة تعويم دوره سياسيا لسحب البساط من تحت اقدام خصومه وخصوصا على الساحة السنية، فهل ينجح «المستقبل» في تعويض خسارته في الفيحاء وتكريس الاعتدال في طرابلس، ام ان «تدعيش» المدينة بعد حين واقع لا محالة وسط كلام عن ضخ اموال في الاحياء الشعبية في سبيل استقطابها من قبل التكفيريين….
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...