تتصدر الجمهورية الإسلامية المشهد في المنطقة، هذه الايام، مع تحول طهران محجة للوفود الإقليمية والدولية، ما يفسر زحمة اللقاءات والوفود، والخلاصات التي يتردد صداها على غير مستوى وصعيد، من المبعوث الدولي الى سوريا إستيفان دي مستورا ومعه لازمة ضرورة مشاركة الجميع بمكافحة الإرهاب وضرورة الإستفادة من تجارب طهران لتسوية الأزمة السورية، الى رئيس الوزراء العراقي، والروسي بمسؤول أمنه القومي، واللبناني بوزير دفاعه، العائد من طهران بخارطة طريق لهبة الاسلحة تقضي بدرس نوعية الاسلحة عسكريا ونوعية الهبة قانونا ومدى تأثرها بالقرار الدولي الذي يحظر تصدير او استيراد الاسلحة الايرانية وصولا الى درس المسألة في مجلس الوزراء لاتخاذ القرار النهائي، رغم السهام الخارجية الآتية من باريس.
الاكيد ان العرض الايراني الحالي يختلف في الشكل والمضمون والظروف عن العروض السابقة ان وجدت، بحسب ما تؤكد مصادر مقربة من الرئيس الاسبق ميشال سليمان، فالسلاح المعروض لا يعتبر نوعيا كما ان الولايات المتحدة الاميركية زودت الجيش بكميات كبيرة منه. اما بالنسبة للظروف فبالتأكيد تاتي المعونة الايرانية في الوقت الذي يخوض فيه الجيش حربه ضد الارهابيين، في نفس الوقت الذي تخوض فيها الجمهورية الاسلامية صراعها الدولي والاقليمي من واشنطن الى الرياض باسطة نفوذها الى المؤسسات الرسمية في البلاد التي تمكنت فيها من اقامة علاقات مع فئات مجتمعية من طوائف معينة.
من هنا فان المعطيات المتوافرة حتى الساعة تشير الى اتجاه حكومي لرفض الهبة المقدمة، رغم محاولات كسب الوقت من خلال تأجيل وضع موضوعها على جدول اعمال مجلس الوزراء، حيث تؤكد اوساط وزارية وسطية ان تبعات قبول الهبة تفوق الايجابيات التي قد يحصدها لبنان من ذلك، نتيجة وجود عقبات عديدة ابرزها:
-وجود قرار صادر عن مجلس الامن الدولي عام 2007 يحمل الرقم 1747 يحذر من استيراد السلاح من ايران ويفرض عقوبات دولية على المخالفين، وبالتالي فان لبنان غير مستعد للدخول في مواجهة مع المجتمع الدولي. فابان الحكومات السابقة جرى البحث في إمكان شراء لبنان مشتقات نفطية من إيران أو استيراد الكهرباء منها، لكن العروض الإيرانية سقطت نتيجة التهديدات الغربية.
-الموقف الاميركي المتحفظ الذي وصل حدود التلويح بوقف كل المساعدات المقدمة للجيش، ما يعني عمليا شل المؤسسة العسكرية كون اكثر من 90 % من العتاد اميركي الصنع، كما ان المساعدات الاميركية النوعية المقدمة حديثا ساهمت بقلب موازين القوى في عرسال.
-ليس من مصلحة الدولة اللبنانية اغضاب المملكة العربية السعودية التي قدمت اربعة مليارات دولار كمساعدات عسكرية وامنية.
-بروز امتعاض فرنسي واضح لامس حدود التهديد.
وبحسب تلك الاوساط فان الاتجاه يميل الى تأجيل قبول الهبة باتفاق بين جميع الاطراف الداخلية وبمظلة دولية، بانتظار ان يتلقى الجيش اللبناني كل الهبات الممنوحة له، فإن احتاج المزيد من العتاد، يتم حينها بحث الهبة الايرانية، مع تأكيد هذه المصادر أن واشنطن لم تدفع بيروت باتجاه رفض الهبة، وإنما باتجاه تأجيلها إلى حين، وهو ما يسعى اليه حاليا نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع من خلال جولاته المكوكية على القيادات السياسية. من هنا فان الملف لن يعرض على مجلس الوزراء قبل انتهاء قيادة الجيش من اعداد تقريرها المفصل عن ملاءمة المقدم لحاجاتها ورفعه الى مجلس الوزراء عبر الوزير المختص، بعد عودة الوفد العسكري الذي رافق مقبل والذي بقي يجول على مصانع السلاح في طهران بانتظار الطائرة الخاصة التي اقلته من بيروت الى طهران لتعيده الى مطار رفيق الحريري الدولي.
مصادر في قوى الثامن من آذار اعتبرت ان طهران نجحت في تحقيق هدفها السياسي من المبادرة التي اطلقتها، فيما المكرمة السعودية عالقة عند الاجراءات الروتينية والادارية الفرنسية، علما ان تسريع الاعلان عن الهبة الايرانية وسرعة تسليمها في حال قبولها انما جاءا نتيجة الحراك الاميركي والفرنسي العاجل نحو تسليح الجيش اللبناني كما نجحت باظهار حيادها تجاه كل الاطراف اللبنانية باعتبارها المساعدة مقدمة عبر الحكومة اللبنانية مباشرة، وليس عبر الجيش او حزب الله، دون اي قيد او شرط ، غامزة في هذا الاطار من قناة الرياض التي مررت هبتها عبر الشيخ سعد الحريري ، ما وضع الحكومة اللبنانية في وضع حرج لجهة كيفية التعامل معها. واعتبرت المصادر ان ارتهان الرئيس السابق ميشال سليمان للارادة الاقليمية والدولية فوّت على الجيش اكثر من هبة ايرانية، كاشفة انه، في المبدأ مندرجات القرار الدولي الذي فرض عقوبات اقتصادية على الجمهورية الاسلامية لا تنطبق على الهبة الايرانية كون لبنان لن يسدد اي مبالغ مالية مقابلها، غامزة من قناة استعداد طهران للذهاب الى النهاية في «المواجهة» وصولاً الى استبدال عرضها من خلال تقديم مساعدة مالية، بدل الهبة العينية مخصصة لشراء السلاح من اي مصدر تحدده الحكومة اللبنانية.
على الطرف الآخر رأت مصادر في قوى الرابع عشر من آذار ان الهدف الايراني هو اختراق الجيش اللبناني، من خلال طرح ارسال مدربين وخبراء عسكريين في وقت لاحق وهو ما المحت اليه القيادة الايرانية خلال مشاوراتها مع وزير الدفاع اللبناني، سائلة في هذا الاطار من يضمن عدم استخدام المساعدات العسكرية المرسلة للجيش كغطاء لسلاح آخر موجه لحزب الله ، كذلك بالنسبة للمدربين وقوات الحرس الثوري الذين سيشرع وجودهم في لبنان بموجب ما تعرضه طهران، مشيرة الى ان انواع السلاح والذخيرة المقدمة اصبح لدى الجيش فائض منها سواء لجهة رشاشات الدوشكا او مدافع الهاون وذخائرها ، كذلك الصواريخ المضادة للدبابات التي تسلم الجيش اكثر من 400 منها اكثر تطورا من تلك المعروضة ايرانيا. اما فيما خص الدبابات فان عماد سلاح المدرعات حاليا في الجيش هو دبابات ام -48 أ2 وكذلك ام 60 أ1 وهي التي حققت الفرق خلال المعارك الاخيرة التي خاضها الجيش منذ نهر البارد وحتى اليوم فيما تحولت دبابات الـ ت 55 و54 الى قطع خردة.
عاد وزير الدفاع من ايران،حيث لقي استقبالا حارا ومميزا، بـ «تذبذب» رسمي لبناني ازاء الهبة العسكرية للجيش اللبناني غير قابلة للصرف، لأن ليس في وسع الحكومة قبولها بقرار يُجمع عليه جميع أعضاء مجلس الوزراء، وذلك لقطع الطريق على تعريض لبنان لمواجهة مع المجتمع الدولي، في ضوء تصاعد التوتر بين حزب الله وتيار المستقبل، على خلفية ما هو ابعد اقليميا.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...