فوجىء الكثيرون بما أقرّه الكونغرس الأميركي يوم الخميس الفائت، وأشاد به الرئيس الأميركي باراك أوباما نظراً الى السرعة التي أُقرّ فيها ويتعلّق بخطة أوباما لتدريب وتسليح مقاتلي المعارضة المعتدلة في إطار محاربة تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في العراق وسوريا. فقد ظهرت نيات الكونغرس سريعاً، على ما أكّد مصدر ديبلوماسي مطلع، إذ دخل في سباق محموم لمناقشة تفاصيل استراتيجية أوباما، على خلفية السباق والتنافس الانتخابي بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس المقرّر أن تجري في تشرين الثاني المقبل.
ويبدأ الكونغرس عطلة طويلة من بداية الأسبوع المقبل حتى بداية تشرين الثاني، يقول المصدر، إذ يُسافر النواب في جولات لحشد التأييد لمصلحتهم في انتخابات التجديد النصفي. وستكون سياسات أوباما في منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة، واستراتيجيته لمحاربة «داعش»، ومدى مشاركة الجيش الأميركي في هذه الحرب بصفة خاصة، في خضم وبؤرة الحشد الانتخابي، وقدرة كلّ حزب في الهجوم على سياسات الحزب الآخر. ويُهاجم الجمهوريون استراتيجية أوباما قائلين إنها ليست واضحة، وليست قوية بما يكفي لهزيمة «داعش»، في حين يقلق الديموقراطيون من تورّط عسكري أميركي آخر طويل الأمد في منطقة الشرق الأوسط.
فبعد سنوات على ممارسات «داعش» وأعماله الإرهابية في دول المنطقة ضد المدنيين الأبرياء، قرّرت الولايات المتحدة إقامة تحالف دولي للقضاء على هذا التنظيم المتطرّف، يضيف المصدر الديبلوماسي وقد أعربت 40 دولة عن استعدادها للمشاركة في الجهد الدولي لمكافحة الإرهاب، وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا، وأبدت أكثر من 30 دولة استعدادها لتقديم الدعم العسكري. ولكن هل كان لبنان على علم بأنّ خطة أوباما للقضاء على «داعش» ستشمل تسليح وتدريب عناصر المعارضة السورية المعتدلة (المموّلة أساساً من الولايات المتحدة والدول الحليفة لها)، بهدف القضاء على «داعش»، كما على قوّات النظام السوري؟!
التدابير التي اتخذت ووافق عليها لبنان، إن في جدّة أو باريس، بحسب المصدر نفسه، تدخل في إطار الاتفاقيات الدولية التي هو موقّع عليها في ما يتعلّق بمكافحة الإرهاب. كذلك فإنّ خطة أوباما نصّت على شنّ ضربات عسكرية متواصلة على عناصر التنظيم للقضاء عليه، مع تدخّل قوّات بريّة مساندة للضربات الجوية، ولكن ليس من أجل محاربة قوّات النظام السوري. غير أنّ الرئيس أوباما أكّد لدى شكره الكونغرس على إقرار خطته أنّها «ستُقدّم دعماً كبيراً للمعارضة السورية التي تُقاتل كلاً من وحشية تنظيم الدولة الإسلامية واستبداد نظام الأسد».
وقال المتحدّث باسم المعارضة السورية أنّ «هدف المعارضة السورية بعد حصولها على التدريب والتسليح الأميركي سيكون قتال «داعش»، وفي الوقت نفسه، قتال قوات الأسد، بحسب ما قال المصدر الديبلوماسي، فكلاهما أولوية خصوصاً أنّ قوّات الأسد تُساند تنظيم «داعش» في شمال سوريا، وأنّ هناك تعاوناً كبيراً بينهما».. كما أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري صراحة أنّ «المعارضة السورية ستقوم بقتال الأسد الفاقد للشرعية داخل سوريا بعد قيام الولايات المتحدة بتدريبها وتسليحها»، مؤكّداً أنّ المعارضة المعتدلة تضمّ عشرات المقاتلين الذين يقاتلون «جبهة النصرة» و«داعش»، وأنّ احتمالات تدريب أعداد أكثر منها (أكثر من 5 آلاف) هو احتمال وارد، ويتوقف على مدى نجاح المعارضة السورية في قتالها ضد «داعش» وما ستحقّقه من نتائج.
علماً أنّ هذه المعارضة المسلّحة نفسها تُقاتل قوّات النظام السوري، وعناصر التنظيمات الإرهابية منذ ثلاث سنوات ونصف السنة، ولم يعطِ قتالها أي نتائج إيجابية ملموسة على الأرض، وكانت ولا تزال مدعومة عسكرياً ومادياً من الولايات المتحدة ومن لفّ لفّها. غير أنّ أوباما يعتقد أنّ تدريب أعداداً أكبر منها، قد يؤهّلها لتحقيق شيء ما على الأرض، يقول المصدر الديبلوماسي الأمر الذي ينفيه المصدر نفسه، كون هزم التنظيمات الإرهابية، لا يكون فقط بربح المعارك عسكرياً. كذلك فإنّ عملية تدريب المسلّحين التي ستجري في المملكة العربية السعودية تتطلّب عدّة أشهر لتصبح قوتهم موازية لتلك التي يمتلكها «الداعشيون».
ومن هنا، تبدو خطة أوباما ملتبسة، على ما يضيف المصدر، وقد وضعها من أجل حماية مصالحه ومصالح الدول الحليفة له في المنطقة، وليس بهدف القضاء على «داعش» و«جبهة النصرة» اللذين لا يبدوان خائفين ممّا ينوي أوباما القيام به، الأمر الذي يطرح عدّة تساؤلات. كما رأى المصدر فيها خطة (أميركية عربية إقليمية) مبطّنة لضرب النظام السوري بالقوة، بعد أن فشلت محاولة أوباما السابقة، ولم يجد من يوافقه في مجلس الأمن الدولي على هذه الخطوة. وتُلقي اميركا اللوم على نظام الأسد في نمو نفوذ «داعش»، رغم أنّها أوجدته هي والسعودية وقطر لمواجهة النظام السوري والتخلّص منه. ولأنّها ستكون منشغلة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 69 التي تُعقد الأسبوع المقبل في نيويورك، وتتوقّع حصولها على المزيد من مساهمات الدول في خطة أوباما، فهذا يعني وبحسب المصدر أنّ ضرب «داعش» لا يزال يحتاج الى بعض الوقت، ولن يُنفّذ من دون ضمانات لا سيما من الدول العربية والإسلامية لكيلا يضع التنظيم المتطرّف نفسه في وضع حماية الإسلام من العدوان الغربي عليه، خصوصاً أنّها أعلنت مراراً أنّ هذا التنظيم لا علاقة له بالإسلام، بل هو عدو للإسلام، ويتبع الشيطان.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...