عندما تناقش الولايات المتحدة والصين التعاون في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في وقت لاحق هذا الشهر، فقد تكون النتيجة الأهم تراجع انتقاد سياسات مكافحة الإرهاب لكل منهما الآخر.
ويناقش الرئيس الأميركي باراك أوباما، والرئيس الصيني شي جين بينغ، القضية عندما يلتقيان، على هامش قمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أوبيك) في بكين.
وسيكون التعاون في مجال تبادل معلومات أجهزة المخابرات صعبا. ولن تلزم الصين نفسها بالمشاركة بقوات أو بأسلحة.
لكن خبراء ودبلوماسيين يقولون إن “الاتفاق بشأن مشكلة الدولة الإسلامية يمكن أن يؤتي ثماره السياسية، في الوقت الذي تشن فيه الولايات المتحدة غارات جوية على المتشددين في العراق وسوريا، وتواجه الصين إدانة لأساليبها الصارمة في منطقة شينجيانغ بغرب البلاد”.
وقال فيليب بوتر، الأستاذ المساعد في جامعة فرجينيا والباحث في مجال الإرهاب العالمي، “سنرى على الأرجح الصين وهي تمتنع عن انتقاد الولايات المتحدة وهكذا يبدو التعاون”.
في المقابل فإن بكين ستقدر اعتراف واشنطن بما تقول السلطات الصينية إنه تهديد إنفصاليين إسلاميين متشددين في شينجيانغ بأقصى غرب الصين.
وترى الصين أن “حركة تركستان الشرقية الإسلامية تسعى لإقامة دولة مستقلة في شينجيانغ موطن أقلية الاويغور المسلمة”.
لكن جماعات حقوق الإنسان تقلل من شأن تهديد حركة تركستان الشرقية، وترى أن التهميش الاقتصادي للاويغور أحد الأسباب الرئيسية لأعمال العنف هناك.
واعتبرت واشنطن حركة تركستان الشرقية منظمة إرهابية في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول 2001 لكن بعض مسؤولي الحكومة الأمريكية يشككون سرا في مدى تأثير الحركة في شينجيانغ.
ومع ذلك يشير بعض الخبراء إلى أن حديث الولايات المتحدة عن الحركة الآن ربما يتأرجح لصالح بكين.
وقال دانيال راسل، مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ، لرويترز، “تلتزم الولايات المتحدة بقرارها اعتبار حركة تركستان الشرقية الإسلامية منظمة إرهابية بموجب أمر تنفيذي صدر في عام 2000، علاوة على ذلك نؤيد تصنيف الأمم المتحدة لحركة تركستان الشرقية”.
ومع ذلك، أشار راسل إلى أن “إجراءات الحكومة الصينية في شينجيانغ تزيد الاستياء”، ورفض فكرة أن “هناك تحولا لاعطاء المزيد من المصداقية لسياسات بكين مقابل تخفيف الصين انتقادها للعمليات الأميركية في سوريا والعراق”.
وقال “أرفض الافتراض الضمني بأن هناك مقايضة لتعاون الصين ضد الدولة الإسلامية. نعتقد أنه يجب على الصين مواصلة مساهماتها في الجهود الدولية لمحاربة الدولة الإسلامية لأن القيام بذلك في مصلحة الصين“.
ولدى الصين مصالح كبيرة في مجال الطاقة في العراق، وتقول وسائل الإعلام الرسمية إن مسلحين من شينجيانغ سعوا إلى الحصول على تدريب من مقاتلي الدولة الإسلامية لشن هجمات في الداخل.
وقدمت الصين مساعدة إنسانية فضلا عن مساعدات إعادة الإعمار للعراق.
لكن كثيرا ما ضغطت الصين على واشنطن للتخلي عن “المعايير المزدوجة” عندما يتعلق الأمر بمكافحة المتطرفين.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، هونغ لي، للصحافيين، يوم الخميس، “إن المعركة ضد حركة تركستان الشرقية الإسلامية أحد مكونات الحملة العالمية لمكافحة الإرهاب. نأمل في دعم المجتمع الدولي”.
وفي ما يتعلق بما هو أبعد من ذلك، كانت الصين غامضة إزاء تعاونها مع الولايات المتحدة في هذا الصدد.
وعندما سئل عما إذا كانت الصين ستعمل مع الولايات المتحدة للحد من المعاملات المالية للجماعات المتشددة، قال هونغ إن “الصين تريد معالجة سبب وأعراض الإرهاب”.
واستضاف وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، محادثات ليومين في بوسطن، مع عضو مجلس الدولة الصيني، يانغ جيه تشي، في تشرين الأول وخلالها اتفق الجانبان على ضرورة التعاون في مواجهة الدولة الإسلامية.
وقال مبعوث غربي في بكين، لرويترز، طلب عدم نشر اسمه، “الاتفاق على محاربة الإرهاب فوز دبلوماسي سهل للبلدين”.
ويقول مسؤولون أميركيون إن “الدولة الإسلامية تربح عشرات الملايين من الدولارات شهريا من خلال مبيعات النفط وغيرها من الأنشطة وتهدد إدارة أوباما بفرض عقوبات على أي شخص يشتري النفط من المتشددين”.
لكن إمكانية مناقشة قادة البلدين ذلك في العلن محدودة. واحتمال تبادل معلومات أجهزة المخابرات بين واشنطن وبكين غير مؤكد في أحسن الأحوال.
وأوضح بوتر، الأستاذ المساعد بجامعة فرجينيا، “الانطباع القوي لدي هو أن أجهزة المخابرات تزداد تباعدا وخصومة”.
ويرى خبراء أنه “نظرا للعلاقة الحادة في كثير من الأحيان بين الولايات المتحدة والصين فإن الدعم الدبلوماسي من بكين سيكون تطورا إيجابيا”.
ومع ذلك، قال مارتن إنديك، نائب رئيس معهد بروكنغز لمنتدى ببكين في آواخر تشرين الأول، “علينا أن نتحلى بالواقعية إزاء ما يمكن للصين أن تفعله”.