على مثال “ليالي لبنان السودا” هي صورة السياسة فيه. لا تقدم في عملية تشكيل الحكومة ولا ايجابيات توحي بامكان حصوله، فيما “جنرال بعبدا” يدوزن لعبته وفقا لاجندته مطيرا رسائله الى من يريد ان يسمع في الداخل والخارج، مفادها حكومة غير المكتملة المواصفات وغير الحائزة ثقة مجلس النواب مستحيل ان “تعبي محل” رئيس الجمهورية. موقف بالمختصر المفيد، اوحى للكثيرين بان “العماد” لن يسلم سلطاته وصلاحياته للحكومة الميقاتية المستقيلة في حال عدم اتمام استحقاق تشرين الاول. فهل في ذلك حث على التشكيل ام توطئة للبقاء؟
ففي وقت “تركض” فيه البلاد نحو مرحلة فراغ رئاسي، بدأت تلوح في الافق تباشيرُ الجدل الدستوري الذي سيملأ انتظار الفترة المقبلة، خاصة اذا لم يتم تشكيل حكومة جديدة تنال ثقة مجلس النواب، السيناريو الاوفر حظا حتى الساعة، في ظل التباين الكبير في وجهات النظر بين كل من الرئاستين الاولى والثالثة حول التركيبة الوزارية العتيدة.
فمن “الحجز الاحتياطي” لكرسي بعبدا كما يحلو لمرجع رئاسي وصف قرار الرئيس عون في ما يتعلق بامكان بقائه في بعبدا، الى عدم تشكيل حكومة تحت اسباب واهية ساقطة بحكم منطق الفراغ، وفي مقدمتها الثلث الضامن “لزوم ما لا يلزم”، تترنح الساحة السياسية وترسم السيناريوهات وتتشعب بين محب من هنا وكاره من هناك “مش مصدق يترك بعبدا”، ليزيد طين الضياع بلة بيان رئاسة الحكومة الليلي.
اولى الفصول العلنية والمباشرة لهذا لاشتباك الدستوري، اطلت في بيان من السراي اوحى بان رئيس الجمهورية يعرقل التشكيل تنفيذا لخطة بقائه في بعبدا، في رد على كلام “مستشار البلاط” بان التكليف ليس مفتوحا، غامزا بسحب التكليف بالتعاون مع مجلس النواب، ما اثار حفيظة “الطائفة السنية” التي اعتبرت مرجعيات فاعلة فيها، ان في ذلك مسا بالصلاحيات، معتبرة انه “لا يمكن اليوم لمن يعطّل الانتخابات الرئاسية ويضرب نصاب الجلسات ولمن يحول دون صدور تشكيلة حكومة جديدة مكتملة الصلاحيّات أن يتذرّع بـ”موت الحكومة الحاضرة” كي يدّعي أنّ هناك استحالة في تسلّم هذه الحكومة صلاحيّات رئيس الجمهوريّة”.
لكن ولعدم تفسير الكلام في غير محله، ينقل زوار رئيس الجمهورية عنه انه “الجنرال فالل” وهو يعد الساعات الفاصلة عن خط نهاية الولاية، ليعود الى الرابية التي اشتاق اليها، مشيرين الى الحماسة في كلامه عند حديثه عن الاجراءات التي بدات للانتقال الى “المنزل القديم”، من التحضيرات والترميم “من قريبه” الى انجاز الترتيبات الامنية الضرورية، حيث بدا نقل بعض الاغراض الخاصة، كما طلب من الموظفين والامنيين تحديد الوظائف التي يرغبون بالانتقال اليها، كما درجت عادة كل العهود.
اوساط التيار الوطني الحر من جهتها تجزم ان كلام رئيس الجمهورية واضح وصريح منذ البداية بانه لن يسلم البلاد للفراغ، او لحكومة “ناقصة”، فمن قال ان ذلك يعني انه قرر عدم مغادرة القصر الجمهوري، الذي وان بقي احد الخيارات القابلة للبحث في حينه، الا ان ثمة الكثير من الخطوات والسيناريوهات الدستورية التي قد تفاجئ الجميع، لذلك انتظروا الكثير من المفاجآت في تشرين و”يمكن قبل”. فهل يعني ذلك ان الحكومة “جاية جاية” مهما اشتد شد الحبال وعلت الاصوات على خط بعبدا- السراي، على قاعدة “اشتدي ازمة تنفرجي”، في ظل الحديث عن مفاجآت سياسية في النصف الاول من الاسبوع المقبل؟
وفقا للتجربة اللبنانية كل ما يقال اليوم ويرسم لا يعدو كونه بالونات اختبار وعينة عن السجالات التي ستتمحور حولها الحياة السياسية في الشهرين المقبلين لالهاء الناس عن الكوارث الاجتماعية والمعيشية المقبلة، في حفلات “زجل بيزنطي” مع “رشة بهار وملح” من خطابات طائفية عن صلاحيات الرئيس المسيحي ورئيس الوزراء السني، تنفض الغبار عن ادوار وسطاء عفى عنهم الزمن، قبل ان يفرض تأليف حكومة جديدة، او انتخابٍ سريع للرئيس المنتظر… حتى الساعة، “لا دي ولا دا زابطين”، لذلك ابشروا ايها اللبنانيون،”تخبزوا بالافراح”…