هي زلة لسان ان يبدي سفير عربي في دولة اوروبية خشيته من ان يحدث لباراك اوباما ما حدث لجون كنيدي إن هو ابرم الاتفاق النووي (بل والاستراتيجي المتعدد الابعاد) مع طهران…
هل وصلت هذه الرسالة، المبرمجة بدقة، الى الاستخبارات الاسرائيلية التي يحكى في الاروقة الخلفية في واشنطن عن دورها في اغتيال الرئيس الاميركي الثالث والثلاثين بعدما قرر ايفاد مبعوث الى صحراء النقب للكشف على المفاعل النووي هناك؟
لا حاجة لزلة اللسان لان معلومات موثوقة تشير الى ان جهاز استخبارات عربي على علاقة قديمة و«عضوية» مع جهاز الاستخبارات الاسرائيلية اضطلع بدور شديد الحساسية في اقامة قنوات اتصال وتنسيق، حتى على المستوى العملاني، بين الموساد وجهاز الاستخبارات في دولة السفير إياه، وفي اطار يمكن وصفه دون تردد بالاطار الاستراتيجي..
ايضا لا حاجة للاغتيال الجسدي لان تشابك الخيوط يمكن ان يفضي الى تداعيات دراماتيكية. الاغتيال السياسي يكفي، من لا يعلم بالمبالغ الهائلة التي دفعتها دول عربية معينة للوبي اليهودي خلال الانتخابات النصفية في الكونغرس من اجل حصار البيت الابيض. كل وسائل الاعلام الاميركية تحدثت عن ارقام قياسية سجلت هذه المرة في النفقات الانتخابية.
هذه مسألة رائعة ان نؤثر، كعرب، في مجرى الانتخابات الاميركية، ولكن، ايها السادة، عبر اللوبي اليهودي!
لا نقول، بأي حال، اننا نجاري ايران في مسارها الجيوبوليتيكي او في خياراتها الايديولوجية، ولكن الى متى تستعمل هذه الدولة، ومنذ بداية الثمانيات من القرن الفائت كفزاعة، والآن كفزاعة نووية، لتفريغ الصناديق العربية من محتوياتها واعادتنا الى زمن امرىء القيس (قفا نبكِ…) او الحارث بن حلّزة؟
ولماذا لا نتعامل مع ايران تعامل الند للند، بل لماذا لا نصنع نحن القنبلة في مواجهة القنبلة الاسرائيلية بدل ان نمّول في الخفاء القنبلة الباكستانية على انها قنبلتنا ثم ندفع بكل امكاناتنا لقطع الطريق على القنبلة الايرانية التي من لا يعلم، وفي ضوء الديناميكية الخاصة بالتكنولوجيا النووية، انه بات باستطاعة الايرانيين انتاجها خلال ايام، بل وخلال ساعات، بعدما استكملت الدورة التكنولوجية حدودها القصوى…
كما لو ان القنبلة الايديولوجية ليست الخطر الذي يطبق علينا، ودون ان يكون تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) هو نهاية المطاف. تابعوا الابحاث والتعليقات الغربية، على ضفتي الاطلسي، والتي تتحدث عن «المفاعلات اللاهوتية»، وحيث المجتمعات التي تعيش تحت الركام (ركام النصوص وركام الازمنة وركام الانظمة) تحولت الى مستودعات لتخصيب الضغينة و لتخصيب الغضب الذي لا بد ان ينفجر في لحظة ما ضد انظمة القرون الغابرة…
ثمة مسرحية وتجري فوق ظهورنا، لا وراء ظهورنا. الاميركيون يتعاملون معنا كما لو اننا غابة من الصراخ، ويفاوضون الايرانيين الذين بهروا العالم بمواقفهم، فيما نحن نراهن على عقوبات اضافية، وعلى حرب البراميل، من اجل هدف مستحيل هو تفكيك ايران اقتصادياً، بالتالي سياسياً، بالتالي استراتيجياً…
ألا يقتضي المنطق، او ما تبقى لدينا من منطق، ان نعيد النظر في ديناميات الصراع مع ايران بعدما تبين لنا ان مجتمعاتنا هي التي تتفكك، بل والتي تتحطم، وان ثرواتنا هي التي تتلاشى على ذلك النحو السيزيفي الذي يعيدنا الى زمن البداوة، كما لو اننا لا نعيش زمن البداوة ان لم يكن ما قبل البداوة…
لما لا نقرأ ما يكتب؟ ولماذا لا نصغي الى ما يقال من ان الاميركيين يلعبون، ويقولون وراء الضوء انه لا بد من الحفاظ (التكتيكي) على مستوى محدد من التوتر مع ايران، وهو ما يدفع الى تمديد المفاوضات المرة تلو الاخرى، من اجل اللعب الاستراتيجي في المنطقة، ودون ان يبقى خفياً على احد ما هي نظرة واشنطن ( الحقيقية) الى طهران والى دورها في ضبط الايقاع في المنطقة خصوصا بعد اندلاع الهيستيريا الايديولوجية وتهديدها لكل قواعد اللعبة…
هل شاهدتم الصور المتتالية لجون كيري ومحمد جواد ظريف؟ الرجلان يتبادلان الود، والضحكات العريضة بعدما كان النظام في ايران يحاسب على مجرد الابتسامة، نصف الابتسامة، مع الاميركيين والى حد رفض الالتقاء بهم. اذا اردتم المزيد اسألوا وليم بيرنز كم امضى من الوقت وهو ينتظر في بهو احد الفنادق السويسرية للالتقاء بالمفاوض الايراني، ودون ان يتمكن من ذلك بطبيعة الحال…
المشهد تغيّر كلياً. لا نحتاج الى من يحلل الصور التي تتلاحق امامنا. العلاقات بين واشنطن وطهران، وفي ظل التمديد إياه، اخذت منحى آخر، لكننا نراهن على تضاؤل دور اوباما وعلى دخول شخصية اخرى على شاكلة جورج دبليو بوش الى البيت الابيض، دون ان ندرك ما هي التداعيات الكارثية (علينا تحديداً) اذا ما ظل ذلك التقاطع بين الفوضى الاستراتيجية والفوضى الايديولوجية في المنطقة…
غريب اننا لم نشعر حتى الآن باننا النسخة المعاصرة عن الهنود الحمر في حضرة الاله الاميركي الذي يماشينا تكتيكياً و يمشي فوقنا…استراتيجياً!
سي أن أن: تحذير بايدن من النووي الروسي لم يبن على معلومات استخبارية
قال العديد من المسؤولين الأميركيين لشبكة CNN إنّ "تحذير الرئيس جو بايدن ليلة الخميس من أن العالم يواجه أعلى احتمال...