بمعزل عن الأوراق والمفاتيح التي يمتلكها محور إيران- روسيا- سوريا بمواجهة القيادة الأميركية للائتلاف الدولي ضد داعش، إلا أن هذا الائتلاف ينوء تحت وطأة إرباك مصدره تعقيدات الظروف السياسية والميدانية في المنطقة والتباين بين مصالح الدول المنضوية تحت لوائه، إضافة إلى معوّقات داخلية أميركية.
الأردن الجار الأقرب إلى الحدث والأكثر تأثراً بنتائجه يدرك حراجة الموقف. الملك عبدالله الثاني ووزير خارجيته يشاركان في اجتماع جدة بينما يعلن رئيس الوزراء ابتعاد عمان عن المشاركة في أي عمل عسكري. شعبياً تخرج قوى وازنة في المملكة الهاشمية ترفض المشاركة العسكرية في ضرب داعش.
من الأردن إلى مصر، تزيد الأمور تعقيداً. للقاهرة مصالحها هي الأخرى ولها أثمانها. انضمامها إلى حلف يسعى إلى مكافحة الإرهاب عليه أن يمرّ حتماً بتعريفها للإرهاب. يقول وزير خاريجتها في مؤتمر صحافي مشترك مع جون كيري إن بلاده تراقب “عن كثب” الروابط بين مختلف المجموعات الإرهابية. ما يلمّح إليه سامح شكري واضح. ضميره المستتر “الإخوان المسلمون”. يكمل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كلام رأس الدبلوماسية المصرية. يشدد على ضرورة أن يكون التحالف الدولي لمكافحة الارهاب شاملا وألا يقتصر على مواجهة تنظيم بعينه. لا يخفى في هذا الإطار التوتر القائم بين واشنطن والقاهرة منذ ثورة 30 يونيو وإطاحة حكم الإخوان. للقاهرة شروطها إذاً.
مصالح إقليمية متابينة

تلاحظ الباحثة الاستراتيجية ليلى الرحباني أن “البيان الختامي للمؤتمر المنعقد في باريس مؤخرا لمحاربة الارهاب، لم يتضمن أي إشارة إلى سوريا، ما يدل على أن الموقف الأوروبي متيقظ لمخاطر التورط مجددا في أوحال الشرق”، بينما يلاحظ الباحث أمين حطيط رفضا بريطانيا وألمانيا للتورط في الحملة التي يقوم بها التحالف، وكذلك تمنع ذراعه العسكرية، أي حلف الناتو، عن التجاوب مع الحملة والانجرار إليها مخافة التورط حيث لا يستطيع أحد معرفة النتائج”.
أميركياً، يمكن الاستفاضة أكثر في الحديث عن ارتباك فاضت بالحديث عنه الصحافة الأميركية نفسها. يعلن أوباما أن لا وجود لاستراتيجية ضد داعش ويعود بعد أيام ليوحي بالعكس. الانتخابات التشريعية لها حساباتها في أي خطوة عسكرية خارج البلاد. شعبية أوباما وحزبه من خلفه منخفضة. ولائحة المطبات تطول. منها ما تذكره الدكتورة ليلى الرحباني لـ”الميادين نت” إذ تشير إلى أن الرئيس الأميركي يريد ضرب “داعش” لكنه في الوقت عينه لا يريد تقوية النظام السوري، أو الإبقاء عليه”، لذلك ترافقت حملته على “داعش” بحملة مماثلة على سوريا عبر مخيمات التدريب لبعض أطراف المعارضة السورية”.
وعن خلفيات واهداف التحالف يرى حطيط أن الأهداف التي أعلنها التحالف على “داعش” بهدف ضربها ما هو إلا كذبة كبيرة تخفي في طياتها تجديد العدوان على سوريا، بعد أن اجتازت وحلفاؤها في محور المقاومة، مخاطر تفككها، وضرب جيشها”. ويرى أن “التحالف الدولي الحالي ما هو إلا الحلقة السابعة من محاولات ضرب سورية، وتغيير النظام فيها، بعد سقوط ست محاولات سابقة للغاية عينها”.
تغير الظروف

ويعتقد حطيط ان “الولايات المتحدة تواجه عدة أزمات منها أساسا الأزمة الاقتصادية حيث يخشى من حصول انهيارات اقتصادية جديدة كبيرة في الأشهر الستة القادمة، وسقوط العلم الاستئثاري بقيادة الولايات المتحدة ببروز محور صاعد آخر، يملك القدرة على الرد بقوة في الوقت الذي يتردد تحالف الولايات المتحدة عن التورط العسكري في الشرق مجددا”.