ازدادت في الفترة الأخيرة المؤشرات التي تدل على خروج الدعم الذي تقدمه “إسرائيل” إلى أوكرانيا إلى دائرة الضوء، وذلك مع قيام “إسرائيل” بخطوات تدل بوضوح على هذا الأمر، برز منها بيع شركة صناعات أمنية إسرائيلية الجيش الأوكراني منظومات مضادة للطائرات المُسيرة، عن طريق بولندا، من أجل الالتفاف على الحظر “العلني” الذي تفرضه الحكومة الإسرائيلية على بيع أسلحة متطورة إلى أوكرانيا، وتقديم معلومات استخبارية لأوكرانيا، معالجة جرحى من الجيش الأوكراني في المستشفيات الإسرائيلية، نقل جنود إسرائيليين من أصل أوكراني للاحتفال بعيد رأس السنة العبرية مع عائلاتهم في مولدافيا، ودرس إمكانية زيادة حجم الطائرات على خط الرحلات بين روسيا و”إسرائيل”، وذلك لوجود تقديرات بأن يصل إلى “إسرائيل” نحو 5 آلاف مهاجر من روسيا شهرياً.
وفي المقابل، حذر خبراء ومعلقون إسرائيليون من القلق الذي يُسببه التعاون الروسي – الإيراني لـ”إسرائيل”، على خلفية، تزويد طهران لموسكو، بطائرات مُسيرة قتالية، ودخول هذه الطائرات إلى ساحة القتال، وتمكّنها من “إلحاق أضرار بالقوات الأوكرانية”، وفقاً لمسؤولين أوكرانيين.
انحياز “إسرائيل” إلى جانب أوكرانيا يزداد وضوحاً
في دلالة واضحة على ازدياد الدعم الذي تُقدمه “إسرائيل” إلى الجانب الأوكراني، أفاد موقع “زمان إسرائيل” الإلكتروني أن شركة صناعات أمنية إسرائيلية، لم يُذكر اسمها، باعت الجيش الأوكراني منظومات مضادة للطائرات المُسيرة. ونقل الموقع عن مسؤول في هذه الشركة، أنه يجري بيع هذه المنظومات عن طريق بولندا، من أجل الالتفاف على الحظر “العلني” الذي تفرضه إسرائيل على بيع أسلحة متطورة إلى أوكرانيا.
ولفت الموقع إلى أن مسؤولين في الصناعات الأمنية الإسرائيلية وصفوا هذه المنظومات بأنها “تكنولوجيا دفاعية متطورة”، لا يُسمح ببيعها لأوكرانيا (بحسب القرارات الإسرائيلية المُعلنة). ومع ذلك، قال هؤلاء المسؤولون إن ” الحكومة الإسرائيلية ليست معنية بمنع الصفقة، وتفضل غضّ النظر عنها”.
وإضافة إلى ذلك، كشف موقع أخبار “تسِفاع أدوم” الإلكتروني الإسرائيلي أن أوكرانيا طلبت من “إسرائيل” معلومات استخبارية حول المساعدة التي تقدّمها إيران للجيش الروسي. وفي هذا السياق، أفادت مصادر إسرائيلية رفيعة المستوى أن نائب وزير الخارجية الأوكراني طلب فتح قناة محادثات بين أوكرانيا و”إسرائيل” من أجل الحصول على معلومات استخبارية وتنسيق مواقف.
وأشار إلى أن الأمر يتعلق بموضوعٍ مهم جدًا لأوكرانيا على ضوء التعاون العسكري بين إيران وروسيا. وتوضيحاً لهذا الأمر، نقل موقع “تسِفاع أدوم” عن مسؤول أوكراني قوله إن أوكرانيا معنية بالحصول من “إسرائيل” على “معلومات استخبارية حول الطائرات المسيرة التي تزوّد إيران بها روسيا“، مضيفاً أن “الإسرائيليين أعطونا بعض المعلومات الاستخبارية، لكن نحن نريد أكثر بكثير”.
وسُجل في الأيام الماضية أيضاً، زيادة واضحة في حجم “الخدمات الإنسانية” التي تقدمها “إسرائيل” للجانب الأوكراني. حيث أفادت المراسلة في القناة الـ 12 الإسرائيلية، كيرين بِتسيلئيل، أنه لأول مرة منذ اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية، ستستقبل “إسرائيل” في مستشفياتها 20 مقاتلاً أوكرانياً أصيبوا في الحرب مع روسيا. وتعليقاً على الأمر، أفادت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن “الأمر هو جزء من المساعدات الإنسانية الذي ستستمر إسرائيل بتقديمها”.
وفي سياق موازٍ، قررت جمعيات إسرائيلية نقل عشرين جنديّاً إسرائيلياً (من أصل أوكراني)، إلى مولدوفا، ليلتقوا مع عائلاتهم الأوكرانية، ويحتفلوا معا بعيد رأس السنة العبريّة.
عنوان إضافي يُمكن احتسابه من ضمن قائمة “الأعمال الإنسانية”، التي تقوم بها “إسرائيل” في سياق الحرب الروسية – الأوكرانية، هو كشف مراسل الشؤون سياسية في قناة “كان” الإسرائيلية، عميخاي شتاين، أنهم في “إسرائيل” يدرسون إمكانية زيادة حجم الطائرات على الخط بين روسيا وإسرائيل، بسبب عدم وجود أمكنة حالياً على متن الرحلات من روسيا لـ”إسرائيل”. وذلك بسبب وجود تقديرات بأن يصل إلى “إسرائيل” نحو 5 آلاف مهاجر من روسيا شهرياً، وهذه أرقام غير مسبوقة منذ 20 عاماً، وفقا لشتاين.
قلقٌ في “إسرائيل” من التعاون الروسي – الإيراني
ازداد في “إسرائيل” القلق من ارتفاع مستوى التعاون بين روسيا وإيران، لا سيما على صعيد الطائرات المُسيّرة التي زودت طهران موسكو بها مؤخراً، والتي دخلت إلى ساحة القتال، وتمكّنت من “إلحاق أضرار بالقوات (الأوكرانية) وتدمير عدد من أنظمة الصواريخ الغربية المضادة للطائرات”، وذلك وفقاً لكلام مسؤولين أوكرانيين، نقله عنهم الباحث في معهد السياسات والاستراتجيا في جامعة رايخمان (معهد هرتسيليا سابقا)، الدكتور “شاي هار تسافي”، في مقاله الذي نشره في موقع واللا الإخباري.
وحذر “هار تسافي”، في مقاله من أن الاستخدام الناجح للطائرات المُسيّرة الإيرانية من قبل الروس قد يؤدي إلى ازديدا الطلبات الروسية للاستعانة بوسائل قتالية ايرانية إضافية في الحرب مع أوكرانيا، وهذا الأمر قد يؤدي إلى زيادة “التعلّق” الروسي بإيران.
ورأى “هار تسافي” أن تزويد إيران روسيا بطائرات مُسيّرة متطورة، يعكس ارتقاء درجة في العلاقات الثنائية بينهما. كما لفت “هار تسافي” إلى أن روسيا إيران تعملان على تعزيز الهدف المشترك لكليهما، وهو “إضعاف الهيمنة الأميركية”، مضيفاً أن تطور العلاقات بينهما يُشكّل أيضا “دعامة مركزية للمحور الاستراتيجي الذي يرتسم مع الصين ودول أخرى في آسيا وأميركا اللاتينية وأفريقيا والشرق الأوسط”.
وحذّر “هار تسافي” من أنه “كلما زادت أهمية المساعدة العسكرية الإيرانية (لروسيا)، زادت المقايضات التي ستكون روسيا قادرة على توفيرها، بطريقة ستؤثر على الجهود الإسرائيلية لإضعاف إيران وتضييق خطواتها في المنطقة”. وأشار “ها تسافي” إلى أن “الدروس التي ستتعلمها إيران من أداء وفعالية الطائرات المُسيّرة في ميدان المعركة الأوكرانية، ستساعدها على إجراء تحسينات على القدرات التكنولوجية لهذه الطائرات”.
أما لجهة تأثير ارتفاع مستوى التعاون الروسي – الإيراني على “إسرائيل”، رأى “هار تسافي” أن تعميق العلاقات بين موسكو وطهران “يُنتج تحديات متنوعة أمام إسرائيل على المستويين الاستراتيجي والأمني”. وأضاف “هار تسافي” أن التطورات الأخيرة تعمّق المعضلة التي تواجهها “إسرائيل” منذ اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية، بين الانحياز الواضح إلى جانب أوكرانيا، وبين مراعاة ضرورات العلاقة مع روسيا.