لطالما قسمت اسرائيل المعارضة السورية الى فئات وفصائل، الا انها لم تر يوما في اسلامييها اعداء فهي تقف وراء ظهور تلك الجماعات المتطرفة من القاعدة بداية وصولا الى داعش حاليا، وتحريكها عبر جهات ثالثة خدمة لاجندة مشتركة تضعها تل ابيب نفسها، على حد قول تقارير اسرائىلية التي اكدت ان تل ابيب التي لم تخف قلقها الحذر من المواجهات التي شهدتها المناطق المحاذية لهضبة الجولان وصولا الى القنيطرة، والتي انتهت الى تقاسمها بين «جبهة النصرة» الموالية للقاعدة ومجموعات من «الجيش السوري الحر»، فتحت خطوط اتصال مباشر مع المسلحين، مقدمة المساعدة الانسانية لجرحاهم وعلاجهم في مستشفياتها، إضافة إلى إرسال إمدادات أساسية لهم، بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، منطلقة من اعتبار ان الطرفين غير معنيين بالعمل ضد اسرائيل، لان استراتيجيتها تركز على اسقاط النظام السوري، اقله حاليا وعلى المدى المتوسط، ما سيخلق فترة من اللااستقرار امني على تلك الحدود.
وفي وصف ادق للعلاقة بين الطرفين يلفت معلق الشؤون العسكرية في «القناة العاشرة»، ألون بن ديفيد، إلى وجود علاقات تجمع الجيش الإسرائيلي و«المتمردين»، كما يصفهم، وهي بحسب تعبيره ليست جداراً طيباً»، لكنها علاقات آخذة بالتطور، وليس فقط مع «التنظيمات المعتدلة»، بل أيضاً مع المتطرفة منها، بما فيها «جبهة النصرة» التي وصل حدود التعاون معها الى تسليمها تل ابيب أسيراً أميركياً كان موجوداً في قبضتها، معتبرا ان معالجة جرحى تلك المجموعات في المستشفيات الميدانية في الجولان وصفد ونهاريا، سمح للمخابرات الاسرائيلية «بتشخيص جيرانها في الفترة المقبلة».
معلومات اكدتها بالوقائع صحيفة «وورلد تريبيون» الاميركية نقلا عن تقرير للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يؤكد فيه أن إسرائيل تحرص على إقامة علاقات مع عناصر «جبهة النصرة»، كاشفة أن أفرادًا من الجيش الإسرائيلي يلتقون مع أعضاء «جبهة النصرة » المتواجدين في الجزء السوري من هضبة الجولان، موضحة أن قوات مراقبة فض الاشتباك كشفت النقاب عن أن أول اتصال تم بين إسرائيل و«جبهة النصرة» كان في شهر آذار من عام 2013، حيث قال التقرير إن إسرائيل اعترفت بنقل العناصر المسلحة المصابة لتلقي العلاج الطبي.
وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل قالت إنها عالجت نحو ألف سوري، أغلبهم ينتمون إلى الجبهة في أربعة مستشفيات تقع في شمال إسرائيل، فيما احتج أعضاء من طائفة الدروز في إسرائيل في تشرين الثاني الماضي على سياسة الحكومة الإسرائيلية التي من شأنها أن توفر الرعاية الطبية لمقاتلين من تنظيم القاعدة، كما لاحظ التقرير نقل جنود إسرائيليين لصناديق إلى المسلحين، مضيفًا أن تل ابيب قدمت الخيام لحوالى 70 أسرة من الأسر الفارة على الجانب السوري من الجولان.
وتعتبر التقارير الاسرائىلية، ان اتفاق «الجنتلمان» المبرم وغير المعلن، بين الجيش الاسرائيلي والفصائل المسلحة على امتداد الحدود في الجولان، خلاصته «صفر مشاكل بين الجانبين»، اذ تمتنع اسرائيل عن التعرض للفصائل على اختلافها بما فيها النصرة، مقابل التزام الاخيرة الشروط نفسها تجاه اسرائيل، الامر الذي يفسر سبب الهدوء الامني على الحدود منذ أن سيطر التنظيم المحسوب على القاعدة على المنطقة الحدودية.
أما لجهة «داعش»، فتبدو إسرائيل للوهلة الأولى، بحسب التقارير الاسرائىلية مشغولة بصعود الدولة الاسلامية، فوسائل الاعلام الاسرائيلية لا تألو جهدا في تغطية هجوم التنظيم المتطرف على مدينة كوباني الكردية كما تنشر تقريرا كل بضعة أيام عن فظائعه، رغم بقاء تل ابيب أقل الدول قلقا وأقلها عرضة للتهديد المباشر للتنظيم، بحسب التحاليل الاسرائيلية، التي لا ترى في هذه الجماعة خطرا خارجيا عليها استنادا الى: بعد اسرائيل عن مدى أكثر الأسلحة تطورا لدى «داعش»، عدم وصول الاهتمامات الاقليمية المباشرة للتنظيم الى الحدود الاسرائيلية، عدم تمثيلها حتى الآن أي تهديد داخلي لاسرائيل، التأييد لـ «داعش» في المناطق المجاورة لإسرائيل مازال لا يذكر، تاكيد الدولة الاسلامية عدم اهتمامها بالتدخل في الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني. الا انه في المقابل هناك من المحللين من يرى أن التهديد الحقيقي الوحيد الذي تمثله الدولة الاسلامية لاسرائيل رغم بعده، يتمثل فيما إذا أطاحت بأي دول عربية معتدلة، لاسيما الأردن سواء بغزوها أو الاستفادة من الاستياء المحلي فيها أو بالاثنين معا.
تنقل مجلّة «فورين بوليسي» أنّ نتنياهو أعرب عن إستعداده لمساعدة الدول العربية في المعركة ضد هذا التنظيم، في الوقت الذي تريد فيه إسرائيل إظهار نفسها كمحاربة للإرهاب أمام الدول الغربية، مؤكدا استعداد تل ابيب لتقديم كلّ ما لديها من معلومات جمعتها إستخباراتها ضد «داعش» للتحالف الدولي، فيما تعمل الولايات المتحدة الأميركية على إحاطة مشاركة إسرائيل بالسرية التامة، لأنّ الرئيس الأميركي باراك أوباما قد يواجه مشكلة مماثلة لتلك التي تعرّض لها الرئيس جورج بوش الأب خلال حرب الخليج، لا سيّما وأنّ المشاركة الإسرائيلية ستثير انتقادات من دول تعدّ أساسية في التحالف.
في الواقع، أكّدت معظم أجهزة الإستخبارات الإسرائيلية أنّه لا أدلّة على تشكيل «داعش » لأي خطر حتّى الآن على إسرائيل، رغم القلق المستجد من التقارير الواردة من الامم المتحدة عن تغلغل للتنظيم في مناطق جنوب الليطاني، عززتها المعلومات الامنية اللبنانية، عن ارتفاع منسوب الخطر الناجم عن اللاجئين السوريين، الامر الذي استدعى مشاورات على مستوى عال في القيادة الاسرائيلية افضى الى اتخاذ سلسلة من القرارات ابرزها تشديد التركيز على مراقبة نشاطاته في لبنان وسوريا، والمباشرة بحملة اتصالات مع الامم المتحدة وواشنطن وباريس بهدف تفعيل التعاون مع الجيش اللبناني في اطار الحرب على الارهاب.
تحت هذا العنوان يندرج ما كشفه احد الضباط الاسرائيليين عن ان «البحث جار عن إمكانية التعاون مع الجيش اللبناني لمواجهة إسلاميين متشددين سنة بالرغم من أن البلدين لا تزالان في حال حرب من الناحية الفنية» مضيفا «إذا كان لديكم جميعا عدو مشترك فسيكون من السهل جدا إيجاد فرص مشتركة لمحاربته. ويتابع الضابط الاسرائيلي «ربما يكون التعاون عن طريق وساطة مع القوات المسلحة اللبنانية»، رافضا توضيح ما إذا كانت هناك اتصالات جارية وقال «لا يمكنني الحديث بالتفصيل عن ذلك. علي أن أكون حريصا جداً ولن أقول أكثر من ذلك».
مصادر دبلوماسية اشارت الى وجود مسعى فعلي لتفعيل التعاون من خلال الاجتماعات الثلاثية التي تعقد في الناقورة برعاية دولية، والتي اثبتت نجاحها حتى الآن، كما ان تعاون غير مباشر يجري من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الاجهزة المعنية، مشيرة الى ان اي صيغة مستقبلية تبقى رهن الظروف والتطورات، رغم ان التحالف الدولي استطاع جمع اطراف «متقاتلة».
في حديثه امام لجنة الشؤون الخارجية والامن في الكنيست، منذ يومين، اشار وزير الدفاع الاسرائيلي موشيه يعالون الى ان اسرائيل تواجه «ارهابا اسلاميا في المنطقة يريد اقتلاعها لكن تل ابيب لن ترتدع». وهل يشكل الكشف عن الرغبة الاسرائيلية بالتعاون مع الجيش اللبناني تمهيداً لتوسيع التحالف ضرباته في ظل الكلام عن خطة وتعهدات سرية؟وهل ان المسعى الاسرائيلي المستجد هو صدى لما شهده مجلس الامن من طلب خليجي لتوسيع لائحة المنظمات الارهابية؟ ام هو خوف من حرب بين داعش والنصرة على الحدود الاسرائيلية؟
اسئلة كثيرة وحدها الايام تحمل الاجابات عنها.
وزير إسرائيلي: اتفاق الترسيم مع لبنان جيد..”الموساد” و”الجيش” يريدانه
أعرب وزير السياحة في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الجمعة، عن "أمله في أن يُنجز الاتفاق مع لبنان بشأن ترسيم الحدود...