بالفرنسية قال تقي الدين الصلح لسليمان فرنجية» المسلمون يشعرون بالخجل اذا بدا عليهم الفرح». السبب فلسطين. لو كان تقي بك لا يزال على قيد الحياة لقال ان اللبنانيين يشعرون بالعار (ثم بالخوف ثم بالخوف).
السبب الفلسطينيون…
يفترض بنا نحن الذين ندّعي الحداثة ( لكأنها محصورة بخاصرة هيفاء وهبي او بشفتي مايا دياب)، كما ندعي الرهافة، ان نخصص يوماً في العام للدخول الى المخيمات الفلسطينية. متحف بشري ام مستودع بشري ام مقبرة بشرية؟ كل هذا تراه هناك: الوجوه المحطمة، الارواح المحطمة، العظام المحطمة…
ساستنا هم الذين صنعوا تلك الغيتوات التي يترعرع فيها البؤس جنبا الى جنب مع الضغينة. كيف يمكن لهؤلاء الناس ان يحبونا و لا يحقدوا علينا، ولا يثأروا منا ذات يوم، اذا كانوا يعيشون تحت، تحت، تحت، خط الحياة. هنا لا وجود لخط الفقر الذي تتحدث عنه المنظمات الدولية. بداية، لا بد ان تسأل، وقبل الاقتراب من حالة العوز التي لا يمكن تصورها، ما اذا كان هؤلاء الناس الذين يمشون امامك، او يجلسون في المقاهي، او يتكدسون داخل الاكواخ ( او داخل الثقوب) ما زالوا على قيد الحياة..
هو العار يعترينا. هو الخوف ايضا. ثمة نصف مليون فلسطيني على تخوم مدننا لا بد ان ينظروا الينا على اننا نغتصب انسانيتهم اذا كان اليهود قد اغتصبوا ارضهم. براكين هامدة بل كامنة وقد تنفجر في وجهنا ذات يوم. ماذا يفعل هؤلاء الناس غير ذلك حين يكونون مدججين باليأس وبالسلاح؟
لا يكفي ان نقول اننا استضفناهم، وان الاسرائيليين اجتاحوا بيروت من اجلهم. ثمة مشكلة ولم تعد تستطيع الانتظار، خصوصا مع التفاعلات الايديولوجية، والمذهبية، الراهنة التي حملت فلسطينيين على تخطي القضية، تماما كما تخطاها ابو بكر البغدادي او ابو محمد الجولاني او ابو مصعب الزرقاوي، وتفجير انفسهم في الضاحية الجنوبية…
انظروا في وجوه منير المقدح وصبحي ابو عرب وخالد الشايب وماهر شبايطة و فتحي ابو العردات. عيون زائغة، وتصريحات رثة من كثرة الاستعمال، فيما النيران تمشي تحت اقدام هؤلاء الذين لا يستطيعون ان يحركوا ساكناً او ان يحولوا دون ظهور تورا بورا داخل مخيم عين الحلوة، وداخل اي مخيم اخر، ومنذ «فتح الاسلام» وحتى اليوم…
السؤال الكبير هو كيف استطاع شادي المولوي الانتقال من باب التبانة الى حي حطين؟ هذه المرة بسيارة تاكسي لا بسيارة احد كبار القوم. كيف دخل؟ ومن استقبله واصطحبه الى المكان الذي يحل فيه الآن، وربما اولم على شرفه او على الاقل اقام حفلاً من الاراكيل؟
القصة ليست قصة المولوي وحده. ثمة احياء في المخيم تحولت الى معسكرات للمتطرفين الذين دفعهم البؤس ( واصحاب اللحى الكثيفة والجيوب الفضفاضة) الى سلوك الطريق إياه كما لو انه لا توجد» مخيمات لبنانية» داخل لبنان. اذهبوا الى باب التبانة و اذهبوا الى جبل محسن، وتصوروا انكم في لبنان. كيف لهؤلاء البؤساء ان يقاتلوا بعضهم البعض ولا يوجهوا بنادقهم الى مكان آخر…
قضية المولوي هي بمثابة الضوء الاخير على واقع مخيم عين الحلوة. همساً يقول نائب بارز «هي مستوطنات فلسطينية اكثر من ان تكون مخيمات فلسطينية بيننا». ثم يقول «غداً بل الآن المستوطنات السورية، فهل يحل بالجمهورية اللبنانية ما يحل بالضفة الغربية؟».
المخيم مشكلة. قادة« فتح» على علم تام بأن شادي المولوي حلّ ضيفا عظيم الشأن على مخيمهم الذي تحوّل الى مخيمات، فهل لا يعلم هؤلاء القادة ان اتصالات قد جرت بين جماعة الجرود وجماعة المخيمات للتحرك سوية في ساعة الصفر من اجل انهاك الجيش اللبناني وتشتيته، وان كانت العمليات الاخيرة، لا سيما في الشمال، قد ادت الى تفكيك الخلايا التي كانت تنتظر اشارة مولانا الخليفة لاقامة ولاية لبنان؟
احمد الاسير هناك. ولعلنا نسأل ما اذا كان شاكر العبسي هناك. فضل شاكر كان الاكثر شجاعة،والاكثر حقداً، حين قال «انا هنا»، وكان يقول ضمناً»…وصاحبي هنا»، حتى ولو حاول التغطية بالقول انه قطع كل صلة بالشيخ الاسير، ليدلي بما ادلى به و يكشف مرة اخرى عن تلك المذهبية القاتلة التي لا تليق بالقردة فكيف لها ان تليق بفنان مرهف، وان قيل انه، وبكل بساطة، انتقل من ليلة الحشيش الى ليلة الحشيش.
«فتح»، بكل تلك القيادات الفضفاضة، وعلى الطريقة العرفاتية اياها، لا تستطيع الاعتراف بأنها عاجزة عن القبض على المولوي. «حماس» في مواقفها المزدوجة لا ندري ما هو موقفها الآن، فهل نكتفي بما سأله النائب اياه همساً «هل حقا اننا مقبلون على دولة الاقاليم.. اقليم لبناني واقليم سوري واقليم فلسطيني؟».
يا صاحب الغبطة هل رئاسة الجمهورية في خطر ام الجمهورية التي في خطر اعظم؟
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...