رضخت الأمم المتحدة للضغوط الأميركية التي تحظر على لبنان الحصول على سلاح من
خارج المصادر التي تسمح بها واشنطن. حسمت المنظمة الدولية بأن الهبة الايرانية
العسكرية لتسليح الجيش اللبناني خرق للقرارات الدولية القاضية بفرض عقوبات على
ايران. تبرّعت الامم المتحدة بالتدخل في لبنان، فيما تغضّ الطرف عن السلاح الإيراني
المنقول إلى كردستان العراق، وبعضه بطائرات أميركية إلى المقاتلين الاكراد في مدينة
عين العرب السورية.
تذرّعت الامم المتحدة بالقرار 1747 الصادر عام 2007، الذي ينص على ألاّ تصدِّر
إيران أو تقدِّم السلاح إلى أيّة دولة، الأمر الذي يعرّضها، كما الدولة المتلقية
للسلاح، لعقوبات نتيجة نقل السلاح من أراضيها، وتلقّي الدولة الأخرى له. وتنص
المادة الخامسة من القرار على ما حرفيته: «يقرّر ألاّ تقوم إيران بتوريد أو بيع أو
نقل أي أسلحة أو عتاد ذي صلة بشكل مباشر أو غير مباشر من أراضيها».
وقد تعدّدت التفسيرات، تبعاً للانتماءات السياسية اللبنانية، حول ما إذا كان
العرض الايراني لتسليح الجيش يندرج ضمن هذا القرار. وفيما رأت فيه قوى 14 آذار
خرقاً للقرارات الدولية لا يمكن لبنان تحمّل تبعاته، اعتبرت قوى 8 آذار أن «الهبة
غير المشروطة» لا تندرج ضمن «التوريد» أو «البيع»، خصوصاً أن هناك غضّ طرف دولي عن
نقل السلاح الايراني الى بعض الأطراف مثل كردستان العراق. ونتيجة رار الأطراف
المحلية عدم الدخول في «مشكل» حول الهبة، «نام» ملفها في الأدراج.
وعلمت «الأخبار» أن فريق الخبراء التابع للجنة العقوبات الدولية على ايران راسل
بعثة لبنان لدى الأمم المتحدة ـــ من دون طلب لبناني ـــ في شأن الهبة الايرانية
عارضاً إرسال خبراء الى لبنان لـ «فحص» كل ما يتعلق بهذه الهبة ومدى انطباق
القرارات الدولية عليها. وتراقب هذه اللجنة مدى التزام الدول بتنفيذ القرارات،
وتُراسل أي دولة تخالفها، وتفيد مجلس الأمن عن الخروقات. وقد ردّت الدبلوماسية
اللبنانية على العرض الأممي بمذكرة طلبت إفادتها حول ما إذا كان عرض التسليح
الايراني يتعارض الهبة مع القرارات الدولية. وقالت مصادر دبلوماسية مطلعة لـ
«الأخبار» إن الرد اللبناني تضمّن «رفضاً لبقاً لقدوم أي فريق خبراء دولي لا نعرف
الى أين يمكن أن يصل في الفحوصات التي يمكن أن يجريها، ولتجنّب فتح هذا الباب».
كذلك لفت الردّ الى أن تعبير«نقل أي أسلحة أو عتاد ذي صلة» الوارد في الفقرة
الخامسة من القرار الدولي يشير الى ما له صلة بالبرنامج النووي الايراني، وهو ما لا
ينطبق على لائحة الأسلحة التي عرضت ايران تقديمها للجيش.
وفي رسالة جوابية تلقتها البعثة اللبنانية، رأى فريق الخبراء في اللجنة الدولية
أن الأسلحة التي عرضت ايران وهبها للبنان تقع تحت الفقرة الخامسة من القرار الدولي،
وأن كلمة «نقل» الواردة في متن الفقرة «تعني ضمناً الهدايا والهبات»، وأن تعبير «ذي
صلة» الوارد في الفقرة نفسها يشير الى «الأسلحة التقليدية حصراً» ولا يمت بأي صلة
الى الأسلحة النووية.