بعيدا عن المزايدات السياسية الشعبوية في ملف العسكريين المخطوفين تتجه الأنظار نحو الحدود اللبنانية الشرقية في ظل معلومات أمنية واستخباراتية تتوقع أن يستغل المسلحين الإرهابيين في جرود عرسال فترة أعياد الميلاد ورأس السنة بالإضافة إلى انشغال الدولة اللبنانية وتخبطها في ملف العسكريين من أجل شن هجوم واسع ومباغت ضد مواقع الجيش اللبناني الحدودية من أجل احداث خرق في العمق اللبناني يمكنهم من فك الحصار المحكم عليهم خصوصا في ظل استحالة قيامهم بإحداث خرق الجانب السوري بعد فشل محاولات المسلحين التسلل باتجاه مواقع القوات السورية وحزب الله الذين ألحقوا بالمهاجمين أكثر مرة خسائر كبيرة في الارواح والعتاد، وفق اوساط أمنية بقاعية، مضيفة بأن المعلومات الأمنية والإستخباراتية تشير بان حراك الإرهابيين المشبوه على الحدود الشرقية يحمل في طياته الكثير من الدلالات والمعطيات التي تدل على أن الإرهابيين التكفيريين في الجرود يتحضرون لإعتداءات على لبنان خلال فترة الأعياد التي قد تكون الوقت المناسب بالنسبة للتكفيريين لشن عمليات واسعة على طول الحدود الشرقية اللبنانية – السورية.
وعلى الرغم من اتخاذ الجيش اللبناني منذ فترة كل الاجراءات اللازمة لصد اي اعتداءات او محاولات تسلل للمسلحين إلا أن أوساطا متابعة للملف، تتخوف من البيئة الحاضنة للإرهاب التكفيري. مشيرة بأنه مخطئ من يظن بأن «تنظيم داعش» و«جبهة النصرة» لن يلقيا ترحيبا من البيئة الحاضنة للإرهاب التكفيري في بعض القرى الحدودية ومخيمات النازحين السوريين التي تأوي منذ بداية الأزمة السورية أهالي وأقارب وعائلات المقاتلين في صفوف التنظيمات الأسلامية الاصولية المتطرف المقاتلة في سوريا، وكل تخفيف من مخاطر هذه البيئة الحاضنة ونكران وجودها على الساحة اللبنانية ليس سوى تعامى عن الحقيقة لأسباب وغايات مشبوهة لأن من ينكر هذا الواقع يسبب عن قصد أو اهمال أو تقاعس بتنامي الخطر الإرهابي الذي يتهدد لبنان بأمنه واستقراره وسلمه الأهلي وعيشه الوطني في حين أن المطلوب هو دق النفير العام لمواجهة ما هو اعظم على لبنان من مخاطر الهواء الأصفر التكفيري الذي يجتاح المنطقة.
الأوساط شددت على أن البيئة الحاضنة للتكفيريين الإرهابيين في بعض القرى الحدودية اللبنانية لا تزال كبيرة خصوصا أن هذه البلدات تحتوي بداخلها عشرات الألاف من النازحين السوريين الذين هم في الأساس هربوا من سوريا لأنهم مع المعارضة التي تقاتل ضد النظام، ومع تطورات الأزمة السورية التي شهدت تحولات أساسية في تركيبة المعارضة المقاتلة التي تحولت بمعظمها الساحق من منظومة الجيش الحر إلى منظومة التنظيمات الإسلامية المتطرفة المقاتلة في سوريا، فأن أوكار النازحين في تلك القرى والبلدات اللبنانية تحولت بطبيعة تأثرها بالمجريات العسكرية الجارية في سوريا إلى حصان طروادة لشتى التنظيمات المتطرفة الأصولية في قلب لبنان وعلى رأس تلك التنظيمات تأتي كل من «جبهة النصرة» و«تنظيم داعش» ويليهما بالطبع تنظيم القاعدة ومشتقاته من تنظيمات ارهابية تعيث فسادا بأمن واستقرار لبنان.
ولعل ما جرى في غزوة عرسال الأولى في شهر آب الفائت و بحسب الأوساط عينها لم يكن سوى دليل قاطع على وجود البيئة الحاضنة اللبنانية (بلدة عرسال) والسورية (مخيمات النازحين) في قلب لبنان للتنظيمات الإرهابية التي أكثر ما يشجعها ويدفعها على تكرار محاولاتها في التسلل أو شن هجمات متوالية باتجاه الأراضي اللبنانية هو وجود تلك البئية الحاضنة التي توفر لها عمقا استراتيجيا لتنفيذ مخططاتها الإجرامية الغادرة ضد الجيش اللبناني والمواطنين الأبرياء في منطقة البقاع التي لا تزال مهددة بشكل كبير وخطر من التنظيمات الإرهابية التي تتعاظم قوتها على الحدود اللبنانية، خصوصا بعد التطورات الأخيرة في القلمون السورية التي شهدت انتصارات واستقداما لتعزيزات كبيرة لـ «تنظيم داعش» الذي هناك احتمالات كبيرة بأن يصبح قريبا على تماس مباشر مع الجمهورية اللبنانية التي كانت ولا تزال محط استهداف من قبل دولة الخليفة أبو بكر البغدادي الذي لن يتوانى عن ضم الأراضي اللبنانية لسلطان خلافته المزعومة إذا ما سمحت له الظروف والمعطيات الميدانية على الارض بذلك.
وفي السياق، أكدت الأوساط أنه في موازاة الوضع العسكري في جرود عرسال فان ملف المخطوفين العسكريين لم يشهد اي تطورات إيجابية على الرغم من كل التسريبات الحاصلة في هذا الملف بخلفيات سياسية فارغة من أي أساس عملي واقعي من شأنه أن يتفح كوة في جدار هذه الأزمة المزمنة التي كان بإمكان الحكومة اللبنانية أن تحقق انجازا حقيقيا ونوعيا فيها فيما لو أبعد ملف العسكريين عن المزايدات السياسية والإعلامية التي أقل ما يقال فيها أنها مغرضة إذا كنا لا نريد القول أنها مشبوهة، وفيما أيضا لو أن الدولة قامت بحصر هذا الملف بالأجهزة الأمنية وتحديدا مع جهاز الأمن العام الذي هناك مزاحمة و«قوطبة» على دوره الأساسي الفاعل في هذا الملف من قبل بعض المرجعيات السياسية المعروفة بمزايدتها العبثية في هذا الملف منذ البداية. كما أن الدولة اللبنانية كان بإمكانها تحقيق خطوات نوعية في هذا الملف لو أنها قبلت التواصل والتعاون مع الدولة السورية التي هناك دول كبرى عديدة على خلاف جذري مع النظام السوري، ولكن تلك الدول مع ذلك لم تتوان عن التنسيق والتعاون الحثيث مع الحكومة السورية في قضايا مكافحة الإرهاب، إلا أنه بنتيجة الاعتراضات السياسية التي تتحكم بها الخلافات المحلية والإقليمية حُرِمت الحكومة اللبنانية من الإستفادة من ورقة التعاون مع سوريا، وهي ورقة أساسية كان يمكن للبنان الرسمي والشعبي والعسكريين المخطوفين وأهاليهم الإستفادة منها لاطلاق العسكريين جميعا منذ البدايات وحتى من قبل أن يرتكب المسلحون أي عملية إعدام كون تلك الورقة كانت ولا تزال توفر عرض تأمين ممر آمن للمسلحين الإرهابيين باتجاه الأراضي التي يسيطر عليها المعارضون في سوريا مقابل اطلاق سراح جميع العسكريين المخطوفين.
الاوساط أبدت تخوفها من التورط السياسي المتصاعد في قضية المخطوفين العسكريين سيما أن هناك تعقيدات أمنية واستخباراتية تتحكم بسلوكيات وممارسات المسلحين الإرهابيين الذين يستثمرون ويستغلون هذا الحراك السياسي لكسب الوقت وتوظيفه ضمن الأجندات التي تخدم مخططات مشغلي هؤلاء الإرهابيين الذين لن يردوا على هذا الزعيم السياسي او ذاك إذا اقتضت في اي لحظة أجندات مصالحهم السياسية والأمنية والعسكرية اعدام العسكريين الذين سيقومون بتصفيتهم بكل دم بارد من دون الإكتراث إلى طائفة ومذهب العسكريين المخطوفين الذين لا يمكن تحريرهم إلا عبر القنوات الأمنية التي لديها الكفاءة والخبرة اللازمة والكافية للتعامل مع هؤلاء الإرهابيين الذين لا يخضعون ولا ينصتون إلى للغة القوة والضغط التي يمكن أن تمارس عليهم كي يذعنوا إلى حراك الدولة اللبنانية القادرة من خلال العديد من أوراق القوة والضغط أن تجبر الخاطفين الإرهابيين ومشغليهم من دول إقليمية معروفة على اطلاق العسكريين المخطوفين ليعودوا بخير وبكرامة إلى أهاليهم ومحبيهم.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...