عاشت منطقة جبل محسن شرق مدينة طرابلس الشمالية عند السابعة والنصف من مساء أمس، واقعاً يشبه إلى حد بعيد ما عاشته مدينة طرابلس أيام “الصولات والجولات” التي كانت تُخاض بين جبل محسن ذات الأغلبية العلوية من جهة وباب التبانة والمنكوبين ومحاور أخرى في المدينة ذات الأغلبية السنية من جهة ثانية.
ومما لا شك فيه ان تداعيات الأزمة السورية الراهنة لا تزال ترخي بظلالها على كل شارعٍ في طرابلس رغم الخطة الأمنية التي طُبقت ورغم سحب المظاهر المُسلحة من المدينة وتوقيف قادة محاورها. ومشهد التفجير الإنتحاري الذي وقع في مقهى أبو عمران في جبل محسن مساء أمس وتبناه تنظيم “جبهة النُصرَّة” في تغريدة على حسابه على موقع “تويتر”، يكفي لنقل الصورة الحقيقية لمأساة المدينة.
مصادر مُطلعة على الملف الاسلامي في مدينة طرابلس، أكَّدت لـ”ليبانون ديبايت” أنَّ “الانتحاريين طه خيال وبلال محمد مرعيان هما من منطقة المنكوبين المعروفة بتشددها وبمُناصرتها إلى تنظيمي “الدولة الاسلامية – داعش” و”جبهة النُصرَّة”، وكانا خضعا لتدريبات في منطقة القلمون السورية”.
وكشفت أنَّ “أكثر من 100 شاب من مدينة طرابلس يُقاتلون حالياً إلى جانب تنظيمي “داعش” والنُصرَّة” في سوريا”، موضحةً أنَّ “داعش لا يُدخل إلى العراق إلَّا الانتحاريين بالتالي لا مقاتلين لبنانيين هناك”.
أما عن كيفية وصولهم إلى الأراضي السورية للقتال إلى جانب “داعش” و”النصرَّة”، قالت المصادر: “يتواصلون مع رفاق لهم عبر شبكة الانترنيت ومن بعدها يُسافرون إلى تركيا والمؤكد أنَّ الحدود اللبنانية مُقفلة ولا أحد منهم يدخل عبرها”.
بدوره، عضو المكتب السياسي في الحزب “العربي الديمقراطي” علي فضة، وفي اتصالٍ مع موقع “ليبانون ديبايت”، وصف ما حصل بـ”العمل الارهابي”، مُشيراً إلى أنَّ “الانتحاريين فجرا نفسيهما في مقهى لا يرتاده الا الآمنين”.
واعتبر في معرض حديثه ان التفجير “هو رسالة سياسية في ظل الحوار القائم في البلد (بين تيار المستقبل وحزب الله)، وفي ظل دعوتنا الى الحوار في طرابلس لنزع كل فتيل”، مُضيفاً: “اتى هذا التفجير كردٍّ اعتبر مُنفذه انه في الوقت المُناسب لتفشيل المسعى إلى الحوار، لكنه لن ينجح ولن ننجر إلى الفتنة ولن نعود بعقارب الساعة الى الوراء وسنبقى على موقفنا خلف الجيش الوطني اللبناني المولج بامننا”.
فضة الذي رفض توجيه أصابع الاتهام إلى أي فريق في طرابلس بالوقوف وراء التفجير، دعا “لأن تكون منابر المساجد مسؤولة”، واضعاً هذا الأمر برسم مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، وقال: “أملنا كبير بسماحته ليقوم بضبط هذا الموضوع”.
وإذ اعتبر أنَّ “الوضع الحالي اكثر من خطير”، دعا إلى “التحلي بالمسؤولية في هذه الفترة”، لافتاً إلى أنَّ “الجميع بمن فيهم قوى “14 آذار” و”تيار المُستقبل” باتوا مستهدفين من التكفيريين”.
وعما اذا كان يعتبر أن التفجير هو رسالة إلى “حزب الله” اكثر مما هو الى الحزب “العربي الديمقراطي”، أجاب: “نحن جزء من فريق سياسي ولم نُخفِ يوماً انتمائنا له، بالتالي هو رسالة لكل لبنان“.
في المُقابل، اكتفى عضو “هيئة علماء المسلمين” الشيخ نبيل رحيم، بالقول في اتصالٍ مع “ليبانون ديبايت”: “أدين أي تفجير أو عمل يستهدف الابرياء”.