هل تشكل عملية الحسم العسكري التي سيضطر الجيش اللبناني للجوء اليها في عرسال، في حال وصلت الامور الى طريق مسدود، مستندا الى قدراته العسكرية والتسليحية المتواضعة المتوافرة لديه، نهاية للمشروع التكفيري الوافد الى لبنان،عبر المناخات السائدة في معظم الساحات العربية؟ وهل هناك من يسعى للاستفادة من «جبهة عرسال» لاستعادة زمام الامور السياسية، وبالتالي تجيير «الانتصار المفترض» في خانة اعادة الامساك باوراق سياسية كانت خاسرة قبل «جبهة عرسال» وهل تؤسس المواجهة في عرسال لفتح ملف الاستحقاق الرئاسي ؟، ام ان مفجريها يسعون لان تكون مقدمة لسيناريو من الصراعات المتنقلة، بزي اسلامي فتنوي وتكفيري؟.
كل هذه التساؤلات مطروحة بقوة لدى العديد من الاوساط السياسية، وهي بالطبع، لا تُلغي ما تراه اوساط سياسية متابعة، بان معركة عرسال، تبدو، وكأن جهة ما صنعتها، لتكون المدخل الاساسي لاستحضار التأثيرات الاقليمية على الملف الرئاسي، وتقول الاوساط: كأن هناك من استدعى جيوش «داعش» و«النصرة» الى عرسال، لتذكير اللبنانيين بالقوى الاقليمية المؤثرة في لبنان، والتي كرست نفوذها وتاثيرها على «ثورات الربيع العربي» ودواعشه الدموية.
بالمقابل تتوقف الاوساط عند حجم التآمر على الجيش اللبناني، ووضعه امام اوضاع امنية خطيرة تستدعي الحسم العسكري السريع، من دون ان يكون الجيش جاهزا من الناحية التسليحية للحسم، ويبرز في هذا السياق، التأخير في تسليح الجيش باسلحة فرنسية بقيمة ثلاثة مليارات دولار، ضجت الساحة اللبنانية بالاعلان عنها، من دون ان تُبصر النور، يضاف الى ذلك حملة التشكيك بدور الجيش ووضعه في دائرة الاستهداف، ليس في عرسال فقط، وانما في قلب عاصمة الشمال طرابلس، من خلال استهداف دورياته والياته بعبوات ناسفة وقنابل يدوية وهجمات ليلية، وسط حال من الصمت وصل الى حد التآمر على الجيش..
وتسأل: ما معنى ان يظهر من داخل الكتلة النيابية الواحدة ، موقفان، الاول يدين الجيش ويشن الحملات المشبوهة عليه و«يُفتي» بتحريض عدم الانضواء في صفوفه، والثاني يعلن تأييده ودعمه ؟، وما معنى ان يطل رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري من «منفاه» السعودي ليحمل «حزب الله» مسؤولية ما يجري في عرسال؟
وتروي الاوساط المتابعة، ان معركة استهداف الجيش وجعله عاجزا عن القيام بدوره ومحاصرا تسليحيا، امام اي استحقاق امني مستجد، بدأت مع «الفيتوات» التي وضعت امام تسليحه من ايران او روسيا، وجعله رهينة «المساعدات» العسكرية الاميركية والخليجية، اضافة الى حملات التشكيك بكل المعلومات التي توفرت لدى الاجهزة الامنية اللبنانية، وفي مقدمها مخابرات الجيش، والتي تحدثت عن وجود خلايا للتنظيمات الارهابية والتكفيرية في عرسال، مشيرا الى ان وزير الدفاع السابق فايز غصن، وحين تحدث عن معلومات تؤكد وجود تنظيمات تابعة لـ«القاعدة» في عرسال، شُنت عليه الحملات، واتهمته قوى سياسية نافذة بـ «التواطؤ» مع «حزب الله» والنظام السوري لتسويق معلومات «لا اساس لها»، فكان ان دحضت قوى 14 آذار هذه المعلومات بزيارة ميدانية قام بها بعض نواب هذه القوى الى عرسال ووادي خالد، للتأكيد على ان لا وجود لمنظمات ارهابية في تلك المنطقة.
فتارة، كان السياسيون ينفون المعلومات عن وجود تشكيلات عسكرية لمنظمات ارهابية وتكفيرية، بحجة الحفاظ على المواسم السياحية، وتارة اخرى، كان هؤلاء يهدفون الى تمرير وجودهم في الداخل اللبناني، لاحداث خروقات امنية من شأنها ان تستهدف «حزب الله»، وارباك مشاركته في القتال داخل سوريا، فامتد انكار وجود المنظمات الارهابية داخل لبنان لاكثر من ثلاث سنوات، ما ساهم في تكبيل الجيش اللبناني وتقييد حركته، منعه من القيام باجتثاث هذه المنظمات والحد من تمركزها وتوفير البيئة الداعمة لها. وتقول الاوساط كل التقارير الامنية الصادرة عن الاجهزة الامنية الرسمية تحدثت عن تمركز خلايا ارهابية في عرسال، وان معظم السيارات المفخخة التي استهدفت الجيش اللبناني وغيره، كان مصدرها عرسال، المفتوحة جغرافيا على منطقة القلمون ( قبل سيطرة النظام السوري و «حزب الله» على المنطقة).
كل ذلك، تضيف الاوساط، ترافق مع حملة مشبوهة قادها سياسيون وهيئات حزبية ودينية، وضعت الجيش اللبناني في خانة التكفير، حيث صدرت دعوات واضحة وصريحة، من شأن القوانين اللبنانية، ان تزج اصحابها في السجون، حيث وجهت دعوات صريحة للضباط والجنود المنتمين لطائفة محددة، بالانشقاق عن الجيش والالتحاق بجماعة «اهل النصرة والداعش»، ولعل ابرزها «الفتوى» التي اصدرها الداعية الشهال بتحريم الانخراط في الجيش اللبناني «المعادي لاهل السنة». وقد سُجلت مؤخرا حالة يتيمة بقيت مدار التشكيك، تمثلت بفرار جندي وانضمامه الى «جبهة النصرة».
كل انواع الحصار على الجيش اللبناني، تقول الاوساط، وضعتها قوى سياسية نافذة في البلد، استفادت من حملات التحريض المذهبي، هذا الحصار بدأ بمطالبة سياسيين ونواب ووزراء باجراء محاكمات لضباط وجنود الجيش اللبناني، فور انتهاء معركة عبرا التي بدأتها المجموعات المسلحة التابعة للفار احمد الاسير في بلدة عبرا في شرق صيدا، والتي ادت الى استشهاد 24 ضابطا وجنديا من الجيش وجرح اكثر من 120 ضابطا وجنديا،، ومرّ بقطع الطريق امام اي مساعدات عسكرية للجيش من دول صديقة لـ «سوريا» و«حزب الله» كايران وروسيا، وتأخير اي مساعدات تقرها دول صديقة لقوى 14 آذار كالسعودية وفرنسا التي لا يمكن لها ان تُضر بمصالح اسرائيل، بحيث تمنع على لبنان اسلحة تشكل خطرا على الانتهاكات والاعتداءات الاسرائيلية التي لم تتوقف منذ صدور القرار 1701، الذي صدر في عقاب العدوان الاسرائيلي على لبنان في تموز العام 2006، ولا ينتهي.. بالحصار السياسي الذي يمنع الغطاء عن الجيش بالقيام بعملية عسكرية حاسمة ضد المنظمات الارهابية.
وتضيف الاوساط المتابعة، بيان الامس الذي قال فيه امين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله « «لو أننا لم نتدخل في سوريا في الوقت المناسب وفي الطريقة والكيفية المناسبتين.. لكانت داعش الآن في بيروت»، واليوم، الذي وصلت فيه «داعش» الى عرسال فقط، هناك في الاوساط المسيحية والسنية والدرزية، وبالطبع الشيعية، من يُردد ما قاله نصرالله قبل سنتين، وقد سبق ان المح الى ذلك اركان اساسيون في «تيار المستقبل» وقوى 14 آذار .
والمفارقة ان «حزب الله» الذي يُجمع كثيرون على ان ملائكته الحاضرة على طول خط الحدود اللبنانية ـ السورية، يراقب ما يجري، وان قرر ان «ينأى» بنفسه في معارك داخل لبنان (!)، لكنه الضامن لانتصار الجيش اللبناني المُحاصر والمُستهدف، في معركته ضد القوى الارهابية والتكفيرية الوافدة من خلف الحدود،والتي استباحت دم ضباطه وجنوده، بعد ما استباحت عرسال، البلدة التي تحمل ارثا وطنيا، على صلة وثيقة بمقاومة الاحتلال الاسرائيلي في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، المقاومة نفسها التي ينبري «حزب الله» في حمل لوائها، فحزب الله تقول الاوساط، قاتل الى جانب الجيش السوري، لانه استشعر الخطر القادم اليه من خلف الحدود، فيما لو تمكنت المجموعات التكفيرية من الوصول اليها، فكيف سيتصرف مع مواجهة تدور بين الجيش اللبناني والمجموعات التكفيرية ذاتها؟.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...