وجه الجيش اللبناني صفعةً قويةً لأمير جبهة النصرة في القلمون، أبو مالك التلي وذلك بعد أن افشل المُخطّط الذي كان معداً لطرابلس. لم يعد يُخفى على أحدٍ تورّط أمير “جبهة النصرة” في القلمون، أبو مالك التلّي فيما جرى من معارك في مدينة طرابلس.
التلّي، الذي ضم بحكم الجغرافيا منطقة شمال لبنان إلى إمارته في القلمون والممتدة نحو القصير، كان يُعد الحاكم الفعلي الذي يُعين قادة المجموعات ويُديرهم ويُنسق معهم ويُحرّضهم على قتال الجيش!. أبن بلدة التلّ القلمونية، كان لاعب الظل في معارك طرابلس ضد الجيش اللبناني التي أراد لها ان تكون شرارةً تُغيّر الواقع في شمال البلاد وتخرج إمارة إسلامية ما تكون سنداً وعوناً للمسلحين في القلمون.
تفاهم “التلّي” مع “داعش” ومساهمته بإبعاد شبح قتال “الاخوة – الاعداء” عن منطقة القلمون وإستبدالها بالتنسيق مع التنظيم الذي يُعد من أشد أعداء “النصرة”، نقله “أبو مالك” إلى مدينة طرابلس، حيث أضحت مجموعات “جبهة النصرة” تنسق بشكلٍ علني مع “داعش” ضمن سقف أولويات وأهداف ومصالح واضحة، ليكون لبنان عكس سوريا، ارضاً خصبة لحوار “الجهادية” وتحالفهم على تخريبه!.
مجموعات “النصرة” المأمورة من شادي المولوي وحليفه إسامة منصور، كانت في 3 أيام معارك في ذروة التنسيق مع المدعو “أبو هريرة الميقاتي” أحد وجوه “داعش” المتورّط بدوره تنسيقياً مع مجموعة “أبو الهدى” (أحمد كرامي) التي ضبطت متلبسة في عاصون، فكان يوم الجمعة الماضي يوماً للرد على ضربة الجيش بتعاون “داعشي – نصروي” على المؤسسة العسكرية، ما يضعها امام عدوّان إرهابيان.
تنسيق “النصرة – داعش” كان واضحاً وتجلى في الميدان بعد إسناد “مجموعات المولوي – منصور” لمجموعات “ابو هريرة” ومن يدور في فلكها بمعارك طرابلس عبر فتح معركة “باب التبانة” بهدف توسيع رقعة القتال والضغط على الجيش. الجيش اللبناني الذي فهم الميدان جيداً، عرف كيف يُنسق خطواطه ضد خصومه الاعداء فنجح بجر الارهابيين إلى مناطقهم وقتالهم عبر عملية نوعية مباغتة كان هو المبادر للهجوم على المسلحين وليس العكس كما كان يحصل عادةً.
مبادرة الجيش وهجومه باللحظة المناسبة يوم الجمعة الماضي عقب خروج المجموعات المسلحة والمسلحين، اعطت له نقطة إستباقية مكنته من مباغتة الارهابيين ومفاجئتهم بمعركة، حيث ان هؤلاء لم يكونوا يتوقعون السيناريو الذي حصل، بل ظنّوا أن الامر لن يصل حد المعركة كما في السابق. إمتصاص الجيش لمعركة اسواق طرابلس الداخلية وفرضه نمطاً قتالياً محدداً على المسلحين ادى إلى تقويض حركتهم وحصارهم بعد ساعات، اسهم الأمر ايضاً بكشف مشاريعهم عبر فتح معركة “إنتحارية” بوجهه من خلال محاولة التضييق العسكري عليه عبر فتح معركة “بحنين – المنية” و “باب التبانة” بالاضافة إلى الضربات المباغتة والكمائن في طرابلس.
العمليات هذه التي كانت منصقة حتماً، لم ترتقي إلى مستوى التأثير على الجيش الذي كان بعد كل إعتداء أو فتحٍ لمعركة جديدة يُبادر بسرعة مطوقاً ما يحصل، لا بل حاسماً، نارياً وعسكرياً، بإنهاء أي حالة ومنع تمدد أخرى. على الرغم من الخسائر الجسمية التي قدمها الجيش، إلى انه فرض إيقاعه العسكري على المسلحين وفرض عليهم الميدان وحلبة القتال الذي يراها مناسبة.
كان واضحاً تشتّت المسلحين بعد الضربات التي تلقوها، حيث انهم لم ينجحوا بجر الجيش إلى معركة مفتوحة في كافة مناطق الشمالي، بل الذي ظهر واقعاً هو جرً الجيش لهم واجبارهم على قتاله ومقاتلتهم في ميدانهم بعد ان بعد ان تقدم في إيقاع مضبوط مجبراً إياهم على التحصن في مناطقهم وفي مساحاتٍ ضيقة وزواريبٍ ومساحاتٍ صغيرة حُصروا فيها لساعات. من الواضح ان افق المسلحين بعد 3 ايام معارك كان مسدوداً.
يرى مصدر عسكري متابع، ان “المسلحين وبعد 72 ساعة، وبعد ان رأوا تقدم الجيش وعدم تمكنهم من شن عمليات إنطلاقاً من باب التبانة ومحاصرتهم في نقاطٍ ضيقة، ايقنوا انهم سقطوا عسكرياً، وعليه، حاولوا إيجاد الوساطة عبر هيئاتٍ دينيةٍ قريبة منهم محاولين الخروج بأقل خسائر ممكنة”. ويكشف انه وفي الساعات الاخيرة من عمر المعركة، اخرجت صيغة تخرجهم من التبانة وتُدخل الجيش للمرة الاولى لهذه المناطق، وهم لم يترددوا بالمواقف عليها شرط خروجهم فقط وترك كل ما هو خلفهم”، ما يظهر مدى المأزق الذي أوقعهم الجيش فيه.
وإعتبر ان “الخروج بالشكل الذي حصل، اي بعد حصار ووساطة وعدم نجاح اي اسلوب عسكري بفك الحصار، يعتبر إنجازاً نوعياً وكبيراً للجيش الذي فرض شروطه على المسلحين مخرجاً إياهم تحت النار، ومفقدهم أحد أهم حصونهم في الشمال”.
السقوط المتسارع كان بمثابة “صفعة” لـ “ابو مالك التلّي” الذي، ووفق المصدر، عوّل كثيراً على مجموعات “المولوي – منصور” دائمة التنسيق معه، من إحداث فرق أو خرق في شمال لبنان أو في اي معركة ضد الجيش، لكنه إكتشف بعد 72 على بداية المعركة ان جنوده من ورق، سقطوا في ساعاتٍ قليلة وباتوا ينتشرون في مناطقٍ جردية بعيدة عن مركز الشمال، الذي كان يحلم يوماً بالسيطرة عليه. سقط حُلم الإمارة مرحلياً، لكن الخطة والمخطط والأدوات لا زالت موجودة. وقف إطلاق النار هو بمثابة هدنة مرحلية لا يعلم أحد متى تنتهي، والحرب جولات، اما الجيش فسجل نقطة مضيئة في سجله الذهبي بدحر الارهاب.
في هذا الوقت، كشفت مصادر صحافية ان المسلحين وبعيد فرارهم من مناطق باب التبانة، إنتشروا في جرود “القبيات”، لكن مصادر أخرى تحدثت عن وجودهم في جرود “الضنية” او منطقة “عيون السمك” فيما بدأت الجيش عملية بحث في تلك المناطق، وفق المصادر ذاتها.
وكانت مصادر صحافية اخرى قد اشارت إلى ان الجيش يتحضّر لتمشيط مناطق بين المنية وعكار، يُحتمل أن يكون قد التجأ إليها الشيخ خالد حُبلص وجماعته. في المقابل، تشير معلومات إلى إختفاء الشيخ “سليم الرافعي” من طرابلس بالاضافة لعددٍ من مشايح التنظير السلفي ومواطنون يدورون في فلك التنظيمات المسلحة، فيما يقوم الجيش بمداهمات عديدة للقبض على المخلين بالامن.