شهدت جلسة مجلس الوزراء اللبناني امس مناقشات حادة حول جملة ملفات ذات طابع
خلافي مرتبطة بالاستحقاقات الدستورية والامنية، الا ان هذه النقاشات ظلت تحت سقف
ضرورة الاستقرار الحكومي المحمي بالوصايا الاقليمية والدولية.
وتقدم الاستحقاق الرئاسي الصفوف مرة اخرى امس، مع الطرح الجديد للعماد ميشال عون
الذي ابدى استعداده لمواجهة المرشح الرئاسي سمير جعجع في مجلس النواب، شرط ان يكونا
وحيدين في السباق، اي بعد انسحاب مرشح اللقاء النيابي الديموقراطي الذي يرأسه وليد
جنبلاط وهو النائب هنري حلو.
واضاف عون، في حديث لقناة «ام.تي.في» القريبة من 14 آذار: ليست عملية ديموقراطية
حصر الترشيح باثنين، لكن جعجع يتحداني باستمرار، وانا لا امنع احدا من انتخاب رئيس،
اذ هناك 102 نائب خارج تكتلنا، واذا بقي هنري حلو على ترشيحه فليصوتوا بين بعضهما
هو وجعجع!
واستدرك قائلا: جعجع هو من تحداني واريد ضمانات على ان تتحول الجلسة الى حفلة!
واضاف: ليتجرأ من لا يريدني رئيسا ويقول لماذا، ومنذ ما قبل عودتي من فرنسا هناك
من يريد حذفي من اللعبة السياسية.
وقال ردا على سؤال: لا مؤشرات ايجابية لدي بالنسبة لرئاسة الجمهورية.
ودعا عون القوات اللبنانية وتيار المستقبل الى «الدخول معنا في التحالف الوجودي
مع حزب الله ضد اسرائيل والارهاب».
وعن رأيه بالشهادات التي يدلى بها امام المحكمة الدولية، قال حول رصد اتصال
للرئيس السوري بشار الاسد مع متورطين ان هناك امكانية لوصل خط بأربعة الى خمسة
خطوط، ولا يكون صاحب العلاقة على علم بالموضوع، وبالتالي هذا الامر يكون صحيحا او
لا يكون.
وردا على طرح العماد عون حول سحب المرشح هنري حلو من المعركة الرئاسية، اعتبر
المرشح الرئاسي سمير جعجع ان المرشح الرسمي لحزب الله هو الفراغ وليس اي اسم آخر،
بدليل عدم نزول نواب الحزب الى الجلسة، ما يعني ان الضوء الاخضر الايراني لم يعط
للحزب بعد، وقال جعجع ان عون مرشح المقاطعة وليس مرشح الرئاسة.
بدوره، رد النائب وليد جنبلاط على عون عبر تويتر بقوله: احترم رأيه، لكن من حقنا
الممارسة الديموقراطية.
مصادر 14 آذار قالت من جهتها انه ليس من حق عون ان يضع الكتل النيابية مطلقا
امام امر واقع وان يفرض شروطه على الجلسة الانتخابية، وان عون لا يستطيع ان يلزم
مطلقا السنة والشيعة بمرشحين للرئاسة، كل منهما مرفوض من كتلة اسلامية وازنة.
في غضون ذلك، التقى الرئيس نبيه بري الوزير وائل ابوفاعور موفدا من النائب وليد
جنبلاط في اطار السعي لاقامة حوار بين تيار المستقبل وحزب الله.
وقال ابوفاعور بعد اللقاء: يخطئ من اللبنانيين من يعتقد انه قادر على احداث فارق
فيما يحصل في سورية او غير سورية، والمنطق الطبيعي والسليم يقول بالعودة الى
الوطنية اللبنانية، الى الجغرافيا اللبنانية، وليكن النأي بالنفس نأيا بالنفس داخل
حدود لبنان، وهذا لا يمكن ان يستقيم الا بتسوية وطنية شاملة.
وفي معلومات لـ «الأنباء» ان اصحاب المساعي اخذوا في اعتبارهم المستجد الآتي من
الامم المتحدة والمتمثل بطلب مندوب المملكة العربية السعودية في الامم المتحدة الى
مجلس الامن الدولي ادراج حزب الله على قائمة المنظمات الارهابية.
لكن النائب ميشال موسى عضو كتلة الرئيس بري النيابية استبعد ان يعيق موقف الرياض
هذا مسعى رئيس مجلس النواب لعقد الحوار بين المستقبل وحزب الله، لأن اداء الحزب
مختلف كليا عما هو مطروح لأنه يمثل حماية في وجه العمليات التكفيرية، كما قال موسى.
وتقول مصادر في 14 آذار لـ «الأنباء» ان هذه المساعي الحوارية اوجبت اطلالة
اعلامية شاملة للرئيس سعد الحريري الاسبوع المقبل يضع من خلالها النقاط على كل
الحروف السياسية والرئاسية والامنية.
وفيما يخص جلسات المحكمة الدولية التي جذبت اهتمام اللبنانيين شككت قناة
«الجديد» بشهادة النائب مروان حمادة امام المحكمة الدولية «والتي هي اقرب الى الوصف
الكاريكاتيري عن الحوار الذي دار بين الرئيس بشار الاسد والرئيس الراحل رفيق
الحريري».
واضافت القناة الموالية لفريق 8 آذار ان حمادة اراد ان يكحلها فأعماها،
فالسوريون كانوا ممسكين بزمام لبنان وبأيدينا دعوناهم ليكونوا اوصياء علينا،
والحريري بموافقتهم اسقط بمظلة على رئاسة مجلس الوزراء، وتهديد الاسد بتدمير لبنان
فوق رأس الحريري وجنبلاط اذا رفضا التمديد للرئيس اميل لحود نسخة طبق الاصل عن
التهديدات اليومية التي كان يكيلها رستم غزالة وغازي كنعان لمعظم السياسيين ومن
بينهم الحريري، ورغم التهديد وقع التمديد، وترأس الحريري الحكومة ومنح اللواء غازي
كنعان مفتاح بيروت.
وتابعت قناة «الجديد» بالقول: السوريون ارتكبوا الفظائع على مرأى ومسمع الكثير
من السياسيين، لكن أنه لا يجوز ان نسأل اين اسرائيل من الاغتيال؟ فاسرائيل هي
المتضرر الاكبر من علاقة الحريري بسورية وحزب الله.
وتابع النائب مروان حمادة الادلاء بشهادته امام المحكمة الدولية متوسعا في رسم
المشهد السياسي الامني الذي سبق اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وابرز ما شهد به حمادة في جلسة الاستماع الثالثة قول الرئيس بشار الاسد للرئيس
الشهيد رفيق الحريري في اغسطس 2004: سأدمر لبنان فوق رأسك ورأس وليد جنبلاط في حال
عدم التمديد لاميل لحود.
وفي شهادته للجلسة الرابعة امام محكمة لاهاي، قال حمادة: من تداعيات التمديد
للحود كان تدهور النظام السياسي في لبنان، حيث اصبحت المؤسسات مجرد دمى بيد النظام
السوري.
وقد حاول الحريري التهدئة من روع النظام السوري بعد القرار الدولي 1559، فاستقبل
السفيرين الاميركي والفرنسي ودعاهما الى طمأنة السوريين والحد من غضبهم، وقال: لقد
فرض السوريون على الحريري ثلاثة مرشحين في انتخابات العام 2000 نقبل بهم، لكن في
انتخابات 2004 رفضهم، وكان هذا سببا اضافيا للنفور بينه وبين دمشق.
ونقل حمادة عن الرئيس الراحل وصفه النواب المفروضين عليه بـ «الغواصات السورية».
وقال ان النظام السوري فرض تقسيم بيروت الى ثلاث دوائر، لكن الحريري فاز بكل
الدوائر، واضاف: بعد الانتخابات حاول الحريري تشكيل حكومة معتدلة تمثل كل الاطراف
وكان يعتقد ان الاستقرار الحكومي يضمن سلامته الشخصية، لكن محاولة اغتيالي عشية رأس
السنة جمدت المحاولات.
وتحدث حمادة عن استقالته والوزير غازي العريضي والوزير عبدالله فرحات احتجاجا
على التمديد للرئيس لحود، وقد سبقهم الى الاستقالة الوزير فارس بويز وذلك لأن حضور
الجلسة التي يرأسها لحود يتعارض مع رفضنا التمديد له.
واشار حمادة الى تنظيم معارضة شعبية وسياسية للوجود السوري الذي بتنا نعتبره
احتلالا بعدما اصبح يفرض تعديلات دستورية مهمة، كما كنا نحاول اعداد ارضية
للانتخابات المقررة في 5 مايو 2004 وصولا الى حكومة استقلالية بمعزل عن موقف
لحود.