«ليس لدي ما يطمئن اللبنانيين» اختصر رئيس الحكومة تمام سلام عصارة اتصالاته في نيويورك بكلمات غير مدبلجة ولا ملتوية بل مستقيمة وباللغة العربية الواضحة، صارح سلام بعض منتظريه اللبنانيين بان ما من شيء مريح للساحة اللبنانية طالما الوضع في المنطقة متفجر للغاية وفي غياب اي افق لاهداف التحالف الدولي لضرب تنظيم «داعش»، وتقول اوساط وزارية ان عنوان المرحلة المقبلة في لبنان لم يكن غائباً عن بال المسؤولين جميعا وبالتالي فان رئيس الحكومة لم يأت بجديد بالرغم من لقاءاته مع مسؤولين كبار في الادارة الاميركية وبعض الدول العربية وهذا يعني ان لبنان قادم حتما على مرحلة متقدمة من العنف لم يشأ سلام ايرادها بهكذا مضامين انما عمد الى تغليفها بصيغة عدم الاطمئنان حتى لجهة ايجاد الحلول لقضية العسكريين المختطفين في ظل عدم توافر ارضية سياسية لبنانية تتعاطى مع هذه المسألة بالذات والتي باتت تقض مضاجع اللبنانيين في حياتهم اليومية ناهيك عن تداعيات عدم اطلاق سراحهم واطالة مدة احتجازهم لشهور مقبلة.
وعلى هذا الاساس تشير هذه الاوساط الى ان هناك ضرورة ملحة وعاجلة من قبل الحكومة للتعامل مع هذه القضية وفق الاسس التالية:
اولاً: قيام توافق حكومي جامع على وضع خطة محددة لمعالجة ملف العكسريين المختطفين وان ما حكي عن خلية الازمة واوراق القوة لا يعفِ الحكومة من تباطؤ كبير في سبل المعالجة خصوصا وانها تكبر ككرة الثلج من قطع طرقات رئيسية وحيوية الى تعطيل اعمال الناس بالرغم من احقية مطالبة الاهالي الاساسية بعودة ابنائهم من بين ايدي جماعات مسلحة متطرفة.
ثانياً: كيف يمكن للواء عباس ابراهيم ان يعمل على حل قضية معقدة بهذا الحجم في ظل خلافات في الرأي داخل مجلس الوزراء لناحية المقايضة او عدمها، فالرجل يريد من خلال التعاطي مع هذا الملف تغطية سياسية وورقة محددة رسمية تؤشر الى كيفية الانطلاق نحو الدول او الجهات المؤثرة للتقدم بها او المناورة من خلالها على خلفية المطالب المستعصية للخاطفين والتي تتطلب وقتا في كيفية الاخذ والرد وعودة اللواء ابراهيم الى قواعده في الدولة ليضع اوراقه التي على اساسها يمكن ان يكون قد حقق تقدماً وهو لم ولن يفتح حساباً خاصاً به للتفاوض الا وفق الاسس التي تضعها الجهات الرسمية بفعل الافق الذي لا يعرف احد ان كان مسدوداً بالكامل ام ان هناك بعض النوافذ لاستكمال المهمة.
ثالثاً: لم تتقدم كل من تركيا وقطر بشجاعة نحو استلام دفة التفاوض حتى الساعة بل هناك دراسة لرغبة اللبنانيين في الدخول بمفاوضة المسلحين ولم تؤشر هذه الرغبة الى قبول واضح من قبل الدولتين كل حسب مصالحها الضائعة في هذه الفترة وسط كم كبير من التطورات الكبيرة التي ترغب قطر وتركيا في اصطياد الموسم قبل حلول قطافه، مما يعني حسب هذه المصادر ان غياب اية بارقة امل حول العسكريين امر صحيح وعلى الاهالي العض على جراحهم لأن القضية كبيرة ومعقدة وبالتالي فإن الاهتمام الدولي والاقليمي بلبنان يوازي صفرا مكعبا حتى الساعة بالرغم من خطورة الوضع فيه خلال الشهرين المقبلين.
رابعا: لا تستطيع الحكومة اللبنانية الوقوف وراء اصبعها او وضع رأسها في الرمال بعد الآن فالقضية ملحة وخطرة على السلم المتأرجح في البلد وبالتالي تدعو هذه الاوساط الدولة الى حزم امرها داخل مجلس الوزراء بعد يوم غد الخميس والخروج بموقف موحد وعلني حول اعطاء المقايضة شرعيتها او عدمها وعلى اساسها يمكن ان ينطلق اللواء عباس ابراهيم في مهمته بعد ان تكون قطر وتركيا قد تسلمت رسميا وبالاجماع هذا الطلب اللبناني الموحد اما في غياب توافق حكومي فإن البلد مقبل على فوضى امنية واجتماعية لا تستطيع القوى الامنية وعلى رأسها الجيش اللبناني القيام بمهام متنوعة امنية ومخابراتية والتعاطي في شؤون النازحين وصولا الى معالجة قضايا من اختصاص غيره فالجيش عديده معروف عددا وعتادا وهو ينتشر على كافة الحدود اللبنانية وفي الاحياء والشوارع والازقة وهذا ما لم يفعله اي جيش اخر في العالم وبالرغم من هذه المهام تأتي بعض السهام لتطال المؤسسة العسكرية وكأن في توقيتها ومضامينها تشكل عدوا اخر للجيش بدل ان تكون ظهيرا للمؤسسة في هذه المنعطفات الخطيرة في لبنان والمنطقة.
خامسا: فيما ينتظر اهالي العسكريين كلمة الفصل من قبل الحكومة سلبا او ايجابا تتخوف هذه الاوساط من ان تتراجع الاهتمامات السياسية بها جراء تهديدات الجماعات الارهابية للجيش وامكانية افتعال حادث امني كبير يودي بقضية المخطوفين الى الوراء لتتراكم الهموم الكبرى وتختلط القضايا الكبرى فيما بينها في ظل التراخي الدولي في التعاطي مع مسألة الارهاب في لبنان خصوصا وتركيزها على العراق بشكل اساسي ثم على سوريا بالدرجة الثانية.
وتلفت هذه الاوساط الى المعلومات المتقاطعة فيما بينها حول عزم هذه الجماعات القيام بتفجيرات نوعية في لبنان على ابواب عيد الأضحى خصوصاً، وأن عرسال وطرابلس تغليان في ظل وصول عناصر من «جبهة النصرة» الى داخل احياء باب التبانة وان الاهالي هناك سيشاهدون ويسمعون اشخاصا وافرادا جدد يتحدثون اللكنة السورية وغيرها مما يدفع على الاعتقاد بأن تهديد جبهة النصرة للجيش نابع من تمتين قواعدها في المدينة مع غياب وصمت سياسي طرابلسي فاضح بالرغم من اللقاءات التي تجري من حين الى اخر مع العلم ان زعماء المدينة يعرفون ما يجري داخل الاحياء المسلحة اسماً اسماً على خلفية التعاطي السابق مع بعض زعماء الاحياء الذين تم سجن قسم منهم والاخرون يتعاملون مع الوضع في المدينة بشكل مباشر من سجن رومية.
اما مسألة بناء مخيمات للنازحين السوريين على الحدود بين لبنان وسوريا فيبدو وبحسب الاوساط اصبحت خارج التداول الفعلي مع اعتراض علني من وزراء اساسيين في الحكومة وان بعد غد الخميس يجب ان يشكل مفصلا ومانعا لمراوحة الحكومة في التفاوض او المقايضة مع الارهابيين.
لماذا يهدّد الروس العالم بالسّلاح النووي؟
كان الخطاب الذي أطلقه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الاحتفال بضمّ الأقاليم الأربعة إلى روسيا بمنزلة استكمال للخطاب السابق الذي...