تبدو الحاجة ماسة جدا الى الحوار الايراني -السعودي في هذا التوقيت، اذ الاستدارة المهمة التي قامت بها الرياض في اعلانها الحرب على خلافة داعش والتنظيمات التكفيرية، خطوة استراتيجية اذا ما جرى استكمالها في الاتجاهات الصحيحة، كون السعودية اول المتضررين بصورة مباشرة من هذا التكفير الذي اعلن لنفسه دولة، وخلافة تضاهي خلافة المسلمين او على المسلمين، فكيف اذا انطلقت هذه الدولة من جوار المملكة وحدودها التي تعتبر نفسها قائدة المسلمين السنة في العالم العربي بالتحديد وولية امرهم.
والامر الآخر وفق ما تراه مصادر ديبلوماسية تقرأ الخطوات السعودية – الايرانية والحوار بينهما، هو ما تنظمة المملكة العربية السعودية من مؤتمر حول داعش والتكفير وهو امر مستجد وهام في السياسة الخارجية للملكة التي اتهمت بصورة مستمرة بتصدير تلك الافكار المتشددة من زمن افغانستان الى اليوم في سوريا والعراق وامكنة اخرى، وبغض النظر الا ان الخطوات التي تقوم بها المملكة اليوم لمواجهة خلافة داعش مهما جرى تفسيرها الا انها خطوات هامة وحاسمة خصوصا في مجال تعرية ان تكون الصراعات في المنطقة العربية والاسلامية سنية – شيعية.
تضيف المصادر الديبلوماسية، من هنا عندما تقف المملكة العربية السعودية ضد داعش واخواتها وتقف ايران ذا الموقف نفسه، هذان الموقفان يضفيان اجواء اسلامية وعربية ايجابية على صعيد العلاقات البينية بين المسلمين الشيعة والسنة اولا ثم بين المسلمين والمسيحيين، اذ عندما تقف السعودية ذات الاغلبية السنية مع ايران ايضا ذات الاكثرية الشيعية، سيشكل هذا الوقوف نموذجا يحتذى به وتنعكس ايجابياته على اكثر من حوار.
من هنا المفيد جدا ان يتواصل الحوار الايراني -السعودي وان كان بين العاصمتين – طهران والرياض – خلافات كثيرة حول سوريا والموقف منها او حول اليمن ولبنان والبحرين، الا ان ذلك، لا يعني انه لا يمكن اتباع «سياسة ادارة الخلاف» تماما كما يمكن ادارة التوافق او الوفاق، وهنا اهمية الديبلوماسية الايرانية والسعودية في قدرة ادارة الخلافات في هذه المرحلة الخطرة والراهنة على الجميع دون استثناء.
لماذا على الطرف السعودي الاقتناع بالحوار؟ السبب ان ايران اثبتت انها لا تريد ابتلاع احد ولا تفكر في التمدد خارج حدودها ولا تعمد الى سحب البساط من تحت اقدام المملكة في اي مكان وزمان، لكن ايران لها مواقفها الواضحة من الاحتلال الاسرائيلي ودعم المقاومة في لبنان وفلسطين ضد الكيان الاسرائيلي، اما في الملفات الاخرى العربية والاسلامية فأيضا الخلاف يمكن ادارته بهدوء ما ينعكس ايجابا على اي خلاف، بشرط ان تبتعد اصابع الفتنة الاميركية والاسرائيلية من زوايا التدخل في تخريب العلاقات.
الامر الثاني ان الرهان على غير الامن الذاتي لدول المنطقة معادلة ثبت فشلها وان واشنطن لا تملك مصداقية تأمين الامن لاحد وخير دليل العراق، وفي الوقت عينه الرهان على الدور الاسرائيلي رهان خاسر فمن يتعاون مع مثل داعش والنصرة في الجولان السوري المحتل ويفتح لهما ابواب المال والعتاد، لا يمكن الرهان عليه، بل اي رهان سيخسر مع هذا العدو، وان كان البعض لا يريد اليوم اعتباره عدواً.
مختلف مراكز القرار بما فيها الاميركي في الفترة الاخيرة نصحت بالحوار السعودي – الايراني وفق ما يقوله العارفون بل ان الرئيس الاميركي باراك اوباما بنفسه كما نقل نصح السعوديين ببدء الحوار مع ايران، وواشنطن اليوم تتجه نحو آسيا وافريقيا وتركت وراءها غولا. كل اجهزة الاستخبارات العالمية تتحدث عن ان واشنطن عبر السي آ ايه اسسته ومولته وجعلته يتمدد على الحدود السعودية وربما قريبا الاردنية من خلال سوريا والعراق، اي ان واشنطن تركت غولا تبتز به العرب وكل دول المنطقة وتستثمر عليه نفطيا وماليا وجغرافيا واقتصاديا وكل انواع الاستثمار الطائفي والمذهبي حتى النفس الاخير.
مديرة معهد كارنيغي للشرق الاوسط لينا الخطيب تقول أن الرئيس الاميركي اختار إقامة المزيد من التعاون مع «الشركاء السنّة» ضد الدولة الإسلامية. صحيح أن مثل هذه «الشراكات» الإقليمية ضروري، إلا أن التشديد على اللاعبين السنّة يغفل عنصراً أساسياً من دونه لايمكن أن تنجح أي استراتيجية ضد الدولة الإسلامية. وهذا العنصر هو إيجاد وسيلة لتخفيف التنافس بين إيران والسعودية.
الخطيب مديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت. وشغلت سابقاً منصب رئيسة برنامج الإصلاح والديموقراطية في العالم العربي، في مركز الديموقراطية والتنمية وحكم القانون التابع لجامعة ستانفورد، وكانت احدى مؤسّسِيه قالت: تنظر كلٌّ من طهران والرياض إلى الدولة الإسلامية باعتبارها خطراً، ومع ذلك، تسعى الاثنتان إلى حماية مصالحهما قبل كل شيء. وهذا يعني أن استئصال الدولة الإسلامية بالنسبة إليهما لايمكن أن يحصل إلا إذا تعاطفت القوى التي ستنتصر في سورية والعراق، في أعقاب ذلك، مع هذه المصالح.
اضافت: تنظر السعودية بدورها إلى الدولة الإسلامية على أنها تهديد خطر، لأنّ التنظيم يضمّ عدداً من الجهاديين من دول الخليج، ويُحتمَل أن تجلب عودةُ هؤلاء الجهاديين إلى بلدانهم المزيدَ من عدم الاستقرار الإقليمي لكن مع أن السعودية تتشارك مع إيران العداء تجاه الدولة الإسلامية، لا تزال السعودية قلقةً مما قد يحدث إذا تم القضاء على التنظيم في ظل الوضع الراهن في العراق وسورية. ففي سورية، نظام الأسد أقوى من المعارضة المعتدلة، فيما العراق لم يشكّل بعد حكومة وحدة وطنية. ويمكن أن يعني القضاء على الدولة الإسلامية من دون إيجاد بديل عن نظام الأسد، وعن الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة في بغداد، بقاءَ حليفَي إيران في هاتين الدولتين. ومن شأن استمرار الوضع السياسي الراهن في سورية والعراق أن يوطّد نفوذ إيران في المنطقة.
تتابع مديرة معهد كارنيغي: من العقلاني حتماً أن الولايات المتحدة لن – وعليها ألا – تسعى إلى المشاركة في عملية مطوَّرة ضد الدولة الإسلامية، سواء كانت عسكرية أم سياسية، من دون مشاركة شركائها الإقليميين. لكن، في حال سعت الولايات المتحدة إلى إقامة تحالف دولي وإقليمي ضد الدولة الإسلامية، سيكون نجاح هذا المجهود رهناً بما إذا كانت السعودية وإيران قادرتَين على التوصّل إلى تسوية ما حول دور كلٍّ منهما في الشرق الأوسط. وسيتطلّب هذا الأمر أساساً أن يوافق الفريقان على تقاسم السلطة بين حلفائهما.
الحاجة ماسة إلى الحوار بين السعودية وإيران، ما من شأنه ان يشكل استراتيجية لمحاربة الدولة الإسلامية، بالتعاون بين الشركاء في الشرق الأوسط.
بلينكن: واشنطن تدرس تدابير جوابية بما في ذلك ضد الرياض بعد قرار “أوبك +”
قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أمس الخميس، إن الولايات المتحدة تدرس عدداً من التدابير الجوابية، بما في ذلك ضدّ...