فيما كانت الدورة الشهرية تصنّف في خانة “التابوهات” ويقتصر الحديث عنها بين الأمّ وابنتها وبشكلٍ مقتضب، أضحى التطرّق حول مشاكلها، عوارضها ونتائجها أمراً طبيعياً جداً. ورغم هذا التحوّل الملحوظ، ما زالت نسبة كبيرة من النساء يفتقدن الى المعرفة الكافية حول ما يحصل في اجسامهن خلال الدورة الشهرية.
قد يكون هذا النقص ناجما من الإهمال أو الخجل، إلاّ أنّ الطبّ أثبت أهمية الدورة الشهرية في عملية الإنجاب ومدى ارتباطها مع العديد من الأمراض. وفيما أظهرت الدراسات أنّ أكثر من 90% من النساء يعانين من أعراضها التي تؤثر سلباً على المزاج، إلاّ أنّ حوالي 10% منهنّ لا يتأثرن بوجودها.
في وقتٍ تعتبر الدورة الشهرية غير منتظمة لدى الكثيرات، تؤكّد الاختصاصيّة في الطبّ النسائي رولا نخّال “أنّ السبب الأساسي لعدم انتظام الدورة الشهرية يرجع الى عدم حصول الإباضة بالشكل المطلوب، أو مشكلة التكيّس على المبيض، حيث يكون لدى الفتاة عدد كبير من البويضات يؤثر على توازن الهرمونات ما ينعكس على انتظام الدورة”. وقالت: “هناك أسباب أخرى تؤثر على عمل الدورة، كارتفاع هرمون البرولاكتين الذي تفرزه الغدة اللمفوية في الرأس، أو عدم انتظام الغدة الدرقية التي بدورها أيضاً قد تسبّب حالة النزيف أثناء الدورة الشهرية”. وتابعت: “في حال لم يكن السبب لعدم انتظام الدورة هرمونياً، فقد يكون عضوياً حيث يظهر من خلال الصورة الصوتية كيس على المبيض، ما يتطلّب علاجه لدورةٍ شهرية منتظمة، ولكلّ مشكلةٍ حلّها وفقاً للسبب”.
وأكّدت أنّ تكيّس المبيض هو الأكثر شيوعاً لعدم انتظام الدورة الشهرية، ولعلاجها نعتمد على الفترة التي تغيب فيها، إذ إنّ الرحم لا يتأثر سلباً في حال حصول الدورة كلّ شهرين أو ثلاثة إنّما الخطورة تبدأ حين تتأخّر كلّ خمسة أو ستّة أشهر، حيث نعطي المرأة بعض الهرمونات كحبوب منع الحمل كوسيلة معالجة لعدم انتظام الدورة الشهري وهي لا تحتوي على أيّ عاملٍ خطرٍ على الإنجاب”.
لكن ما مدى ارتباط الدورة الشهرية غير المنتظمة مع بعض الأمراض، تشير نخال الى “أنّ عدم انتظام الدورة بشكل مفرط ودائم قد ينتج منه بعض الأمراض فتظهر اللحميات على سطح الرحم، كما تكون مشكلة التكيّس على المبيض سبباً أساسياً لمرض السكري والكوليسترول على المدى البعيد واستعدادا لمشاكل القلب. وفي حال لم يتمّ علاجها ووجدت بشكل مفرط قد تسبّب سرطان الرحم إنّما بنسبة ضيئلة”.
أما في ما يتعلّق بالنزف الحادّ أثناء الدورة، فترى نخّال “أنّ ذلك يكون مؤشراً لدى المراهقات بوجود مشكلة سيلان في الدم. أما عن عمرٍ متقدّم، فإما يكون ناجما من الليف”. وتتابع: “في حال لم يتمّ تحديد سبب طبيّ معيّن لغزارة الدم، فإنّ ذلك لا يعتبر خطيراً إنما قد يسبّب مشكلة فقر الدم، ما يستدعي تناول الأدوية المناسبة لذلك”.
صحيحٌ أنّ احتمال حصول الحمل خلال فترة الميعاد أمر نادر، إنّما قد يحصل ذلك. في هذا الإطار، تؤكد نخّال أنّ “من يحصل لديها الحمل في هذه الحالة، تكون دورتها الشهرية قصيرة حيث يمكن أن يمتد النزف. وفي حال الجماع في آخر يوم من الطمث، يمكن حصول الحمل خصوصاً أن الإباضة تأتي بعد ثلاثة أيام في وقتٍ تعيش الحيوانات المنوية لثلاثة أيام على الأقلّ”.
تتعدّد الأسئلة التي قد تطرحها كلّ فتاة حول ما يدور في جسمها خلال الدورة الشهرية وما قد تسبّبه هذه الأخيرة من عوارض جسدية ونفسيّة تنعكس سلباً عليها. إلاّ أنّ الخلل المفرط في انتظام الدورة يستدعي استشارة الطبيب المختصّ كي لا تتفاقم المشكلة.
البلد