في حديثه التلفزيوني الأول خلال حملته الانتخابية، لم يتردد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في الإجابة على سؤال “إلى أين ستكون زيارتك الأولى خارج مصر؟”. كان جواب السيسي سريعاً، كما لو كان قد قرّره من قبل، فقال: “المملكة السعودية”.
مساء أمس، وصل السيسي الى جدة، حيث أجرى محادثات مع الملك عبد الله بن عبد العزيز.
ورغم أن زيارة السيسي للسعودية ليست الأولى له إلى خارج مصر، حيث سبقتها زيارتان للجزائر وغينيا، إلا أنها تكتسب أهمية خاصة، فالزيارتان السابقتان جاءتا في سياق مشاركة المشير في فاعليات ومؤتمرات، كالقمة الإفريقية، في حين أن الزيارة الحالية تحمل طابعاً خاصاً يعبّر عن مدى اهتمام الإدارة المصرية الجديدة بالعلاقات مع المملكة.
وظهر ذلك واضحاً عندما خصّ السيسي السعودية وملكها بالشكر في حفل تنصيبه رئيساً، وحين صعد إلى الطائرة الملكية في مطار القاهرة للقاء قمة خاطفٍ مع الملك عبد الله.
وتأتي زيارة السيسي للسعودية في لحظة حرجة، ليس للقاهرة أو الرياض فحسب، وإنما للمنطقة ككل، التي تشهد بعض دولها المركزية تحولات جذرية، ويتهددها شبح الانهيار.
كما تأتي الزيارة، التي يلتقي فيها مركزان إقليميان رئيسيان، في الوقت الذي يقترب من حدود كل منهما خطر التطرف الإسلامي ممثلا في تنظيم “داعش”: السعودية من بوابة العراق، ومصر من بوابة ليبيا.
وقد يعني التفاهم بين مصر والسعودية ترتيب الكثير من الأوضاع في المرحلة المقبلة، أو ربما ظهور حلف إقليمي جديد يصبح حجر الزاوية في خطط المنطقة المستقبلية.
وربما تتحول الزيارة أيضاً إلى زيارة نمطية تفتح فيها بعض الملفات الإقليمية والدولية ويجري تنسيق المواقف من القضايا المختلفة، وبحث مستقبل التعاون بين البلدين.
ولكن في كل الأحوال، فإن التقارب المصري السعودي عقب “ثورة 30 يونيو” والدعم الكبير الذي قدمته وحشدته المملكة لمصر في تلك الفترة ـ والذي تجاوز العشرين مليار دولار من السعودية والكويت والإمارات ـ قد يفضي إلى محاور تحالفات جديدة في المنطقة.
ويقول سفير مصر الأسبق لدى واشنطن عبد الرؤوف الريدي لـ”السفير” إن “زيارة السيسي للسعودية في هذا التوقيت تكتسب أهمية كبيرة. ليس فقط على الصعيد الاقتصادي، ولكن بالذات على المستوى السياسي”.
ويرى أن “الزيارة تؤكد العلاقة الإستراتيجية بين مصر والسعودية، وتذكّر بالموقف العظيم المؤيد والمساند لمصر في الظروف الصعبة من قبل السعودية”.
ويضيف الريدي أن “المنطقة العربية تمرّ بظرف صعب، لم تمر به من قبل. والمراكز الإقليمية المؤثرة مثل القاهرة والرياض عليها أن تتعاون أولا لوقف تمدد الخطر، مثلما حدث في لبنان، ومعالجة الوضع السياسي في العراق”، لافتاً إلى أن “إلقاء الثقل المصري والسعودي معاً قد يكون له دور حاسم في القضايا المهمة والوضع الحرج الذي تمر به المنطقة”.
وعن احتمال ظهور حلف إقليمي جديد في المنطقة بقيادة مصر والسعودية يقول الريدي: “ليس مهماً الإطار الشكلي، فهناك تحالف قائم بالفعل، والأهم من وضع إطار شكلي أو قانوني هو توافر الإرادة السياسية”.
وعن البعد الاقتصادي للزيارة يقول الريدي إن “الزيارة سياسية بالأساس. أما عن الدعم الاقتصادي ومؤتمر المانحين، فلابد أن تكون هناك خطة مصرية للإصلاح الاقتصادي حتى تنجح جهود الدعم والمساندة الاقتصادية”، مشيراً إلى ان “الدول المانحة تحتاج الى أن تطمئن إلى خطط الإصلاح التي ستنتهجها الحكومة المصرية”.
ونفى الريدي جديّة الحديث غير الرسمي عن استعانة السعودية بقوات مصرية لمواجهة الخطر على حدودها مع العراق.
اللافت أن زيارة السيسي للسعودية تسبق زيارته لروسيا، وهي زيارة اخرى تحمل دلالة خاصة للمراقبين للديبلوماسية المصرية.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة وحيد عبد المجيد لـ”السفير” إن “الزيارتين مرتبطتان بالتأكيد. والمفارقة أن أقرب طرف لمصر إقليمياً هو السعودية، وأقرب طرف لمصر دولياً هو روسيا. والدولتان في حالة عداء كامل. وهذه مشكلة أمام السياسة الخارجية المصرية. لذا كان من الضروري أن تسبق زيارة السيسي لروسيا زيارة للمملكة، حتى لا يحدث سوء تفاهم”.
ويضيف عبد المجيد “لا يمكن اعتبار الزيارة ذات طابع اقتصادي، والأرجح أن السعودية تريد تحالفاً إستراتيجياً مع مصر، ولكن هذا يعوقه تباين في مواقف الحليفين من عدد من القضايا والملفات، مثل الملف السوري والملف الإيراني والملف العراقي وغيرها”، مشيراً إلى ان “مواقف السعودية من بعض تلك القضايا حاسمة، بينما مواقف القاهرة وسطية، وسيكون الأهم في تلك الفترة للطرفين الحفاظ على علاقة التقارب وعدم حدوث تباعد أو فجوة”.
ويرى عبد المجيد أن لا ضرورة أصلا لدور عسكري مصري على الحدود السعودية، معتبراً ان كل ما يدور حول هذا الدور لا أساس حقيقياً له.
البنك الدولي يوافق على قرض لمصر بـ400 مليون دولار
قالت وزارة التعاون الدولي المصرية إن البنك الدولي أعطى موافقة على إقراض مصر مبلغ 400 مليون دولار، تخصص لعدة مجالات...