السؤال «ماذا لو قالت ايران نعم» للمساعي الاميركية والغربية لايجاد اطار حل للمعضلة النووية التي يعيرها الرئىس باراك اهمية خاصة جداً، والتي يعتبر انها تشكل الانجاز الابرز لرئاسته والمدخل الحقيقي لاحتلال موقع لائق في التاريخ.
تقتضي موضوعية وشمولية مناقشة الموضوع النووي الايراني بابعاده الدولية والاقليمية الانتقال الى الطرف الآخر للمقياس وبالتالي طرح فرضية فشل الديبلوماسية الاميركية والدولية في تحقيق الاتفاق المرجو مع ايران قبل تاريخ 24 تشرين الثاني، وهو التاريخ النهائي الذي حدّد قبل خمسة أشهر للتوصل الى توافق على اطار للحل.
يمكن تعريف المعضلة الراهنة، بعد محادثات مسقط بين وزير خارجية ايران ووزير الخارجية الاميركي وممثلة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي، والتي عقدت الاسبوع الماضي، بان القيادة الايرانية لم توافق على المطالب الغربية بايجاد ضوابط فعلية من بينها خفض عدد وحدات الطرد المركزي التي تشغّلها ايران، وتحويل مفاعل أراك للعمل بالماء الخفيف بدل الماء الثقيل، واغلاق منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، وذلك ضمن رؤية لقاء خبر اندفاع ايران نحو امتلاك القنبلة النووية لفترة عقد كامل. في المقابل لم تبد ادارة اوباما اي استعداد او مرونة للتساهل مع القيادة الايرانية والقبول بمطالبتها للحفاظ على حقوقها بامتلك كامل دورة التكنولوجيا النووية.
تخيّم اجواء من التشاؤم حول امكانية التوصل الى توافق لتجاوز كل المصاعب والتعقيدات التي يطرحها الطرفان الغربي والايراني، ويبدو بأن كل المؤشرات تقود نحو الاستنتاج بتعذر الوصول الى مثل هكذا اتفاق في الايام القليلة المقبلة، التي تفصلنا عن 24 تشرين الثاني.
اذا انتهت المفاوضات دون التوصل الى اتفاق فان ذلك يعني بان ايران قد حققت مجموعة لا يستهان بها من المكاسب لجهة الاحتفاظ بمعظم قدراتها للاستمرار ببرنامجها النووي، والتي يمكن لايران من خلالها التحوّل الى عضو كامل في «النادي النووي الدولي» خلال فترة لا تتجاوز ثلاث سنوات.
نجحت ايران في انتزاع هذه المكاسب من خلال المفاوضات التي جرت عام 2012، حيث وافق الاميركيون والغربيون على ستمرار ايران في عمليات تخصيب اليورانيوم، وعلى الاستمرار في تطوير انظمة الطرد المركزي العاملة في منشآتها، بالاضافة الى تطوير صواريخ باليستية بعيدة المدى. وكانت القيادة الايرانية قد اتخذت موقفاً صارماً من موضوع اخضاع العديد من منشآتها النووية لتفتيشات مفاجئة من قبل الوكالة الدولية للطاقة النووية. وكان اللافت في هذه المفاوضات التي جرت عام 2012 بان ايران قدرفضت البحث في نشاطاتها النووية العسكرية السابقة، واكتفت بتأكيد وقفها لهذه النشاطات.
لا بدّ ان نشير الى نجاح الديبلوماسية الايرانية في تحقيق معادلة رابحة في مفاوضاتها مع الغرب من خلال التأكيد على قبولها باية تنازلات تقدمها بصورة موقتة (لفترة زمنية محددة)، تسمح لها عند انتهائها بالعودة الى كامل حقوقها في استكمال نشاطاتها النووية، في المقابل فان كل التنازلات او الاغراءات التي قدمتها الدول الغربية قد تحولت الى مكاسب دائمة لايران.
تبقى الانظار متوجهة والامال معقودة خلال الاسبوع المقبل، على ما يمكن ان تحققه الاجتماعات التي تعقد في فيينا، والتي يمكن ان تشكل امتحانا قاسياً لنوايا وارادة الطرفين الاميركي والايراني، في تقديم تنازلات متبادلة لانقاذ العملية التفاوضية، وبالتالي البناء عليها من اجل توسيع هذه المفاوضات من اجل اسقاط العقوبات المفروضة على ايران، واعادتها كعضو فاعل في المجتمع الدولي.
في حال الوصول الى الحائط المسدود (وهذا الامر ممكن حصوله في ظل رفض ايران بالانصياع للمطلب الاميركي بنزع اربعة عشر الف جهاز طرد مركزي من منشأة ناظنز فان على الطرفين الاميركي والايراني مواجهة اربعة سيناريوهات ممكنة وخطيرة، خصوصا وانه من الصعب جدا التكهن بارتداداتها على المستويين الاقليمي والدولي:
السنياريو الاول : يمكن ان تتخلى ادارة اوباما عن استراتيجية «الديبلوماسية المباشرة» مع ايران وان تعود الى اعتماد الخيار العسكري وتوجيه ضربة جوية كبيرة الى المنشآت النووية الايرانية. من المؤكد ان تنفيذ هذه الضربة لن يأتي على كل قدرات ايران النووية بخسائر كبيرة تؤخر قدرة ايران على امتلاك السلاح النووي لسنوات عديدة. لكن في ظل الاجواء الراهنة فان الرئىس اوباما سيكون حذرا من ركوب مثل هذه المغامرة غير المحسوبة النتائج، وان عليه في هذه الحالة ان يستعد لمواجهة الضغوط التي سيمارسها اللوبي الصهيوني واصدقاء اسرائىل في الكونغرس لحثه على اعتماد الخيار العسكري ضد ايران.
السيناريو الثاني: تشديد نظام العقوبات المفروضة ضد ايران من قبل الادارة الاميركية والدول الغربية بفرض المزيد من العقوبات الخانقة اقتصاديا وماليا في محاولة لاجبار طهران على اعادة النظر في موقفها الرافض. من المتوقع ان يدخل الكونغرس الاميركي بقوة على خط العقوبات بحيث يشرّع قوانين جديدة ضد الدول التي تشتري النفط والغاز الايرانيين (الصين، الهند، واليابان، وكوريا وتركيا). ومطالبة بنوكها المركزية بالمقاطعة في حال تحويلها اية اموال ناتجة عن عقود الطاقة الى ايران. يمكن ان تقترن هذه العقوبات مع العمل على خفض اسعار الطاقة يمكن ان يؤدي نظام العقوبات «الصارم جدا» الى اقناع المرشد خامنئي باعادة صياغة الموقف الايراني، وابداء المرونة اللازمة من اجل العودة الى طاولة المفاوضات مع ابداء استعدادات وضمانات حول التجاوب مع المطالب الاميركية.
السيناريو الثالث : الجمع ما بين نظام العقوبات الجديد والتهديد بعمل عسكري يستهدف المنشآت النووية والاساسية في ايران. وسيتطلب مثل هذا السيناريو ان تبدأ الولايات المتحدة بزيادة حشدها العسكري في المنطقة وخصوصا الحشدين الجوي والبحري. ويمكن ان يؤدي الحشد العسكري الى اثارة نفس مشاعر الخوف التي اثارها احتلال العراق لديها حيث قبلت القيادة الايرانية في حينه بتجميد برنامجها النووي لمدة سنتين، ويبدو ان الرئيس حسن روحاني الذي كان يرأس الوفد الايراني المفاوض، قد اعترف بمفاعيل هذه المخاوف التي اثارها.
السيناريو الرابع: اعتماد استراتيجية اميركية جديدة تجاه ايران تجمع ما بين نظام العقوبات الصارم وتهديد المصالح الجيو -ستراتيجية (الاقليمية) الايرانية – وذلك من خلال توسيع الحرب الغربية ضد الدولة الاسلامية والجماعات الارهابية الاخرى تشمل النظام السوري، من اجل اسقاطه، تدرك ايران مدى الاضرار التي ستلحق بنفوذها وبالمخاطر المترتبة على حلفائها في سوريا والعراق ولبنان واليمن في حال عملت القوات الاميركية والغربية على اسقاط الرئيس الاسد، وذلك تحت شعار محاربة التطرف السني في المنطقة والذي يشجع عليه سياسة الاسد القمعية والتدخل الايراني في سوريا وفي دول عربية ذات اكثرية سنية.
لكن يبدو من السلوكية العامة التي يعتمدها الرئىس اوباما وحلفاؤه الاوروبيون بانهم لن يندفعوا نحو اعتماد اي من هذه السيناريوهات مباشرة بعد الفشل في تحقيق اتفاق مع ايران في 24 تشرين الثاني. وسيكون الخيار البديل مركزا على تمديد المفاوضات لفترة خمسة او ستة اشهر مقبلة. ويبقى قبول او رفض تمديد الاتفاق الحالي في يد المرشد علي خامنئي وذلك انطلاقا من حساب مصالح ايران الاقتصادية ومصالحها الاستراتيجية الاقليمية.
سي أن أن: تحذير بايدن من النووي الروسي لم يبن على معلومات استخبارية
قال العديد من المسؤولين الأميركيين لشبكة CNN إنّ "تحذير الرئيس جو بايدن ليلة الخميس من أن العالم يواجه أعلى احتمال...