رأى الوزير السابق عضو جبهة النضال الوطني النائب غازي العريضي ان هدف المجموعات
المسلحة التي خاضت مواجهة مع الجيش اللبناني في بلدة عرسال هو استهداف المؤسسة
الأمنية اللبنانية وان لبنان بات في صراع معها، لافتا الى حصول عدة تفجيرات على
الساحة اللبنانية وجرى توقيف عدد من المنتمين الى تلك المجموعات وبالتالي يعتبرون
انهم في حرب، ملاحظا ان المسألة ليست هي فقط في لبنان وان القوى ذاتها تفعل ما تفعل
في أمكنة أخرى وباتت تشكل خطرا جماعيا، ورأى ان الخطر نسمعه الآن من عدة عواصم ومن
عدة جهات، مشددا على ان ليس أمام لبنان إلا أن يقف في مواجهة هذا الخطر موقفا واحدا
قاعدته الأساس تدعيم المؤسسات الأمنية وتعطيل دورها والتنسيق فيما بينها وتوفير
المزيد من الدعم لأنه ليس لدينا خيار إلا الدفع في هذا الاتجاه، معربا عن اعتقاده
ان الأمور في بداية مسلسل ما يوجب ان تكون الحسابات على أساس اننا أمام معركة
مفتوحة.
وأشار النائب العريضي في حديث لـ «الأنباء» الى ان ما تريده تلك المجموعات
المسلحة كداعش والنصرة وغيرهما في الساحة اللبنانية تماما كما تريده من الساحات
الأخرى، متسائلا عن الذنب الذي ارتكبه الايزيديون في العراق وما ذنب المسيحيين في
الموصل وذنب السنّة في سورية والعراق؟.
وأبدى العريضي ردا على سؤال استغرابه من سيطرة تنظيم داعش على منطقة الرقة التي
توازي في مساحتها ضعف مساحة لبنان في هذه السرعة، ورأى ان هذه المسألة ليست بسيطة
أولا لناحية السيطرة الكاملة وبسرعة تمت إدارة هذه المنطقة التي هي بحجم لبنان
مرتين، لافتا الى ان لدى هذا التنظيم إمكانيات هائلة من خلال سيطرته على أراض سورية
هي مورد رزق للشعب السوري وغنية بالموارد الأولية وبمنابع النفط والغاز والانتاج
الزراعي، مشيرا الى الامكانيات العسكرية لهذا التنظيم بعد مصادرته لمخازن الجيوش
سواء في العراق أو في سورية من أسلحة حديثة متطورة فضلا عن الدعم والأسلحة التي
جاءته، ورأى ان هذا التنظيم لم يأت بالمظلات فهو عبر حدودا وكانت له قواعد في
الأساس في الداخل سمح له بعبور الحدود اضافة الى غض الطرف عن التسلح.
وعن الملاحظات التي أبداها البعض حول كيفية ادارة المعركة في عرسال من جانب
السلطة السياسية والأمنية رأى النائب العريضي انه لا يجوز القول انه في خلال ساعات
كان الجيش سيحسم المعركة ويخرج منتصرا دون هفوات أو أخطاء أو كمائن من الآخرين،
لافتا الى ان هذا الأمر فيه مبالغة ومغالاة ولا مكان له في التحليل السياسي،
وفي الحقائق وفي الوقائع، مشددا على ان الجيش خاض مواجهة وربما وقعت أخطاء وهذه
أمور تحصل مع كل جيوش العالم، مستغربا اغفال الحديث عن الشهداء والإنجازات التي
حققها الجيش والوقوف عند السلبيات من أجل حسابات سياسية أو مناكفات أو أهداف سياسية
داخلية، منوها بالتنسيق الذي حصل بين الأجهزة الأمنية والذي جنب لبنان كوارث كبيرة،
ولفت الى ان الأخطاء تعالج داخل المؤسسة ولا يجوز ادخالها في بازار الحسابات
السياسية سواء كانت رئاسية أو غير رئاسية.
وحول كيفية ادارة الحكومة لملف المخطوفين من عناصر الجيش وقوى الأمن، أوضح
النائب العريضي ان التفاوض قائم بإشراف رئيس الحكومة ووزير الداخلية عبر قنوات
مختلفة وتجري متابعته متابعة جدية ومسؤولة يبنى عليها ولا يترك الأمر بين أيديهم،
ولفت الى ان وزير الداخلية يمكن ان يستنفر كل طاقات الوزارة ومسؤوليها ومنهم مدير
عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي له خبرة في هذا المجال وقنوات ومعارف
واتصالات، مشيرا الى المفاوضات التي تولاها بعض اللبنانيين مع المجموعات المسلحة
تحت عنوان استعادة الأسرى ورأى انه لا مشكلة أيا يكن الطرف أو الجبهة أو ربما جبهات
غير معلنة المهم هو المبدأ، ورأى ان الهدف بالنسبة الينا كلبنانيين استعادة هؤلاء
أحياء وهذا هو هدف نبيل يجب ان تسخر من أجله كل الامكانيات متوقفا عند أزمة الرهائن
في الثمانينيات في لبنان التي استمرت لسنوات واستخدمت فيها القنوات الديبلوماسية
والأجهزة الأمنية العربية والإسلامية والدولية ورجال مال وأعمال وإغراءات مالية
فضلا عن أزمة الرهائن في طهران ومؤخرا الصحافي الذي سلم حيث دخلت قطر في الوساطة،
ورأى ان الحديث عن هيبة الجيش وكرامته ومعنوياته لا تحط من قدره في عملية التفاوض،
وسأل هل حزب الله قد ضحى بكرامة المقاومة وشهدائها وبكرامة الجرحى والأسرى عندما تم
التفاوض بشكل غير مباشر مع إسرائيل وتم إطلاق سراح الأسرى وتحريرهم.
وأوضح ردا على سؤال عما يحكى عن شروط يضعها الخاطفون انه في عمليات التفاوض
المعقدة من هذا النوع تكون هناك شروط صعبة وسقوف عالية، لكن في التفاوض يتم التوصل
الى نتائج. لافتا الى أن هذا الأمر يعالج بحكمة رئيس الحكومة ووزير الداخلية. مشددا
على أن التفاوض لا يكون إلا بالاعلام وليس بمواقف استباقية والمسألة تترك عند رئيس
الحكومة ووزير الداخلية.
وحول المواقف الاخيرة للنائب وليد جنبلاط الذي اعتبر فيها أن تنظيم داعش بات
خطرا وجوديا وانه لا علاقة لمشاركة حزب الله في القتال في سورية لدخول هذا التنظيم
الى لبنان، أكد النائب العريضي أن جنبلاط لم يغير رأيه ولايزال ضد مبدأ تدخل حزب
الله في سورية، ورأى أن جنبلاط أكد قناعته بضرورة إعادة تصويب بندقية المقاومة
لتبقى بندقية في مواجهة إسرائيل وهذا في المبدأ ولم يغير رأيه، مشيرا الى أننا أمام
خطر داهم علينا هو خطر المجموعات الارهابية فهل نبقى نركز على نقاط الخلاف أم نذهب
الى تثبيت القراءة المشتركة بين بعضنا البعض لمواجهة هذا الخطر الداهم والمشترك هذا
هو السؤال؟
وأكد أن جنبلاط له موقف من النظام السوري مختلف عن رأي الكثيرين من القوى
السياسية وهو يقوله في مجالسه وفي جولاته وخطاباته الأساسية ولم يغير رأيه وموقفه
من النظام السوري، لافتا الى ما قاله وزير الداخلية الذي لا ينتمي لا لحزب الله ولا
رؤى تيار آخر، وان انتماءه السياسي معروف وتصرف كوزير داخلية وتكلم عن آلاف
المسلحين والارهابيين الموجودين على الحدود. رافضا التركيز على نقاط الخلاف مع حزب
الله في اللحظة التي نواجه فيها هذا الخطر.
وعن الحديث عن توجه أميركي ـ غربي لإنشاء تحالف دولي لضرب التنظيمات الارهابية،
وتحديدا تنظيم داعش، قال النائب العريضي: أنا لا أثق بالسياسة الاميركية وبكل
الكلام الأميركي، لافتا الى القول: ألم تكن تعلم الولايات المتحدة الأميركية من
خلال معلوماتها ومخابراتها ورصدها وتنصتها وصورها وأقمارها الصناعية ماذا يجري في
المنطقة؟! مشيرا الى أنها كانت لسنوات طويلة تتحدث عن إرسال أجانب وهذا التعبير
استخدم من قبلها من أنهم يأتون الى سورية ومنها يذهبون الى العراق فماذا فعلت؟
مشيرا الى أنها تحركت ثلاث مرات فعليا، الاولى عندما استخدم الكيماوي وانتهت
المسألة بأن قبض الإسرائيليون ثمن السلاح الكيماوي هذا السلاح الاستراتيجي السوري
سلم سياسيا لإسرائيل بالضغط الأميركي، واكتفت أميركا بهذا الأمر من دون ضربه وتم
أخذ السلاح الاستراتيجي، أما السلاح الباقي فاقتتلوا فيما بينكم ودمروا سورية
ودمروا بعضكم ومؤسساتكم وليستمر النزف، وهذا الدم السوري يسيل لا مشكلة مادام أن ما
يهدد اسرائيل تم أخذه، أما ما يهدد أمنكم واستقراركم فلا مشكلة اقتتلوا.
لافتا الى أن المرة الثانية التي تدخلت فيها الولايات المتحدة الأميركية
عندما سيطرت داعش على الموصل وحاولت التمدد نحو أربيل لم تتدخل وعندما وصلت الى
الموصل وبلغت الامور حدود أربيل وعلى أبواب بغداد قالوا لا. مستغربا كيف استنفر كل
العالم لتسليح كردستان ولم يتم هذا الأمر قبل ذلك، ولماذا الآن؟! فهل شعر هذا
العالم بالخطر وأتى الى كردستان ليقول لداعش حدودكم هنا وممنوع الوصول الى أربيل
والى بغداد، وليكن كيان سني وشيعي وكردي وتقاتلوا فيما بينكم.
مشيرا الى أن
المحاولة الثالثة للتدخل الأميركي هي بعد قتل الصحافي الأميركي يعني ان الدم أميركي
وليس دما عربيا، لافتا الى أنهم مستعدون للتدخل ودرس إمكانية هذا التدخل وان الأسد
لن يكون شريكا في العملية، ولكن نرسل له الصور من خلال موسكو وبغداد، مشيرا الى أن
سورية ستحاول الاستفادة من هذا الموقف لأنها استدرجت كنظام الى هذه الحالة، وقالت
هذا هو الارهاب الذي تشكون منه ولابد من مشاركتي يعني للاعتراف السياسي بي.
وعن الخطوات التي اتخذتها المملكة العربية السعودية لمحاربة الارهاب، لفت النائب
العريضي الى أن المملكة دخلت في مواجهة مع الارهاب وعلى مستويات عديدة داخل المملكة
وبرمجت في سياق سياسي معين سلسلة من الخطوات مع المعتقلين في السجون وكيفية التعاطي
مع عائلاتهم وإعادة تأهيلهم والاتيان برجال دين لمناقشتهم في السجون واحتضان
العائلات للتأكيد على أنكم مواطنون سعوديون.
مشيرا الى أن خادم الحرمين
الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز اتخذ قرارا كبيرا ضد الذين يقاتلون في سورية
وهم سعوديون وهدد بإجراءات بحقهم، ورأى أن من حظ العرب والمسلمين والمملكة العربية
السعودية ان الملك عبدالله بن عبدالعزيز على رأس المملكة، مؤكدا أن هذا الرجل
الوحيد لما له من رصيد وتاريخ ومن معرفة وخبرة وشجاعة وفروسية وإقدام هو الوحيد
الذي تجرأ على قول ما قاله أمام العلماء منتقدا صمتهم وتقصيرهم داخل المملكة، لافتا
الى أن السبحة بدأت تكر بمواقف من مفتي المملكة ومن المسؤولين والمشايخ ومن
المقيمين في بريطانيا عنوانها هذه حالات إرهابية ضد الاسلام لا نقبل بها أينما كان.
مشيرا الى أن الملك عبدالله عندما رأى أن الخطر مقبل على لبنان وترجمة لهذه
السياسة بادر الى دعم المؤسسة الأمنية اللبنانية.
وفي سياق متصل بالاستحقاق الرئاسي أوضح النائب العريضي أن المنطلق لمعالجة الوضع
الأمني هو انتخاب رئيس جديد للجمهورية، معتبرا أن عدم انتخاب رئيس هو تكريس
للانقسام السياسي الكبير القائم، ورأى أن تكريس هذا الانقسام أدى الى عطل حقيقي في
المجلس النيابي والى الاتفاق بالحد الأدنى على تسيير الأمور في الحكومة، معربا عن
اعتقاده أن الابواب مفتوحة ومشرعة على كل الاحتمالات السلبية التي ترتد انعكاساتها
علينا بشكل خطير، مشددا على أن انتخاب الرئيس هو المدخل لإعادة تفعيل الحياة
السياسية اللبنانية.
ورأى أن الوضع الأمني يجب أن يشكل حافزا أكبر لانتخاب
الرئيس ولمعالجة الموضوع الأمني، متوقفا عن الحراك الذي قام به جنبلاط ولقائه بعدد
من القيادات السياسية والتي سيكملها مع الرئيس أمين الجميل ود. سمير جعجع. نافيا أن
تكون العقدة الرئاسية عند العماد عون، ورأى أن علينا كلبنانيين أن نتفاهم فيما
بيننا ولا ننتظر الخارج.
وعن التمديد لمجلس النواب قال العريضي: التمديد ضرر، وسيكون ضرورة.