عمليا من خطوات، يفيد بأن لبنان هو جزء من التحالف الدولي ضد الإرهاب. وإذا كانت
مشاركة وزير الخارجية جبران باسيل في مؤتمري جدة وباريس اللذين وضعا أسس وأطر هذا
التحالف شكلت إعلانا لانضمام لبنان الى هذا التحالف رغم أنه انضمام مشروط باحترام
سيادة الدول والقانون الدولي، فإن مشاركة قائد الجيش العماد جان قهوجي في اجتماع
واشنطن لقادة جيوش دول التحالف شكلت خطوة أخرى متقدمة وأكثر دلالة ومغزى على صعيد
انخراط لبنان في التحالف الدولي ضد الإرهاب، بغض النظر عن الأسباب التي حملت العماد
قهوجي على المشاركة في هذا الاجتماع والمتعلقة بشكل أساسي بالمساعدات العسكرية التي
يحتاجها الجيش اللبناني، وبغض النظر عن الصيغة المعتمدة لهذا الانخراط في «الجهد
والإطار الدولي» وليس في «التحالف الدولي».
ومع أن لبنان غير مشارك عمليا في عمليات التحالف العسكرية في سورية والعراق، فإن
مسألة مشاركته في اجتماعات التحالف تثير سجالا وانقساما داخليا منذ اللحظة التي
أعلن فيها أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله أن لبنان ليس جزءا من التحالف
الدولي مشككا في أهدافه وغاياته.
النظرة الى «التحالف الدولي» وأهدافه وموقع ودور لبنان فيه ليست نظرة واحدة في
بيروت على المستويين السياسي والحكومي، ولذلك ليس من المتوقع أن تأخذ الحكومة موقفا
رسميا في هذا الموضوع حتى لا تنفجر من الداخل، في وقت يستمر الانقسام في النظرة الى
هذا التحالف بين اتجاهين ووجهتي نظر:
الأولى (تيار المستقبل وحلفاؤه) ترى أن التحالف الدولي يشكل حماية
للبنان، وتشير الى أن:
? اهتمام التحالف ينصب بالدرجة الأولى على التدخل ضد «داعش» في العراق وسورية،
ولكنه غير واضح ولا محدد الوجهات، ولا يمكن التكهن ما إذا كان سيستهدف المسلحين في
المناطق الحدودية بين لبنان وسورية.
? دخول لبنان في التحالف ضروري لأنه يريح الجيش اللبناني ويحمي لبنان، لأن
الهجوم على التنظيمات المتطرفة في العراق وسورية قد يجعل من لبنان أرضا خصبة
لاستقطاب المتطرفين هربا من هناك، ما يزيد الأوضاع تعقيدا.
? حزب الله اعترض على دخول لبنان التحالف لأنه يخشى من أن تشكل تلك المشاركة
البسيطة خطرا وانعكاسات على وضعه نتيجة تدخله في الحرب في سورية، وهو لا يريد لهذا
التدخل أن يؤثر سلبا عليه في المرحلة اللاحقة البعيدة المدى.
? المطلوب هو الحد من لهجة الخطاب السياسي لبعض القوى السياسية التي تعمد إلى
التأكيد للقاعدة الشعبية أن «داعش» وأخواتها تستهدف طائفة معينة. فالخطر يشمل جميع
الطوائف، ولهذا يجب أن يشارك لبنان في التحالف الدولي.
الثانية (حزب الله وحلفاؤه) تعتبر أن التحالف الدولي يشكل خطرا على
لبنان، وتشير الى أن:
? للتحالف انعكاسات سلبية على لبنان لأن القصف الجوي في سورية بلا تحرك في
الميدان لن يحقق الفائدة الملموسة، إذ إنه من جهة سيؤدي إلى تدفق المسلحين
المتطرفين إلى الأراضي اللبنانية، ومن جهة أخرى سيؤدي إلى استقطاب مزيد من ألوف
النازحين، لينتج من ذلك انفجار ديموغرافي ويبقي عرسال قاعدة لوجستية لإمداد
المسلحين بالبشر والتموين.
? أهداف وخطط التحالف مثيرة للريبة والشكوك في أن يتم استخدام الحرب ضد «داعش»
غطاء لضرب نظام الأسد ومن خلاله النيل من حزب الله.
? ثمة ضرورة للتنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري لأنه يشكل تنسيقا عسكريا ومن
أبسط قواعد الدفاع، إذ لا يمكن نفي حقيقة أن كلا من لبنان وسورية دولتان متجاورتان
مع حدود مشتركة وطويلة. وستبقى عرسال جرحا نازفا مادام انه لا وجود لتنسيق بين
الجيشين اللبناني والسوري لتأمين التجهيز الكامل والضروري لضرب «داعش».
تعتبر مصادر ديبلوماسية في بيروت أنه من خلال عدم اعتراض لبنان على التحالف
الدولي لمكافحة الإرهاب وتوقيعه بيان جدة، بات لبنان يحصل على اهتمام دولي في مجال
أداء الدول المهتمة بالموضوع وبوضع المنطقة. وبما أن لبنان بات يتأثر بالأحداث
المحيطة به، لاسيما بصورة مباشرة على الحدود وفي البقاع تحديدا، أصبح ضمن شبكة
الحماية والأمان الموجودة، بحيث انه في حال حصلت تطورات اضطر من خلالها الجيش إلى
خوض معركة أخرى، يمكن للبنان الحصول على دعم الدول الكبرى ومساندتها.
وتستطيع الدول أن تدعمه إذا احتاج إلى دعمها، إما عن طريق المعلومات، لأن
لديها إمكانات بواسطة الأقمار الاصطناعية والطائرات من دون طيار، حيث إمكانية تصوير
المواقع وتقديم معلومات عن الجماعات الإرهابية فضلا عن أنها تستطيع المساعدة عن
طريق الضربات الجوية، كذلك في مجال التنسيق العسكري والتشاور.