حين تتحول العمامة، في لحظة ما، الى قنبلة!
هي صرخة الشيخ مالك جديدة التي كنا بأمس الحاجة اليها، وفي هذا الوقت بالذات،والتي بالاشعة ما تحت الحـمراء، فـوق الحمراء، شقت الطـريق الى تعرية تماثيل النار. بالاحرى تماثيل الرماد التي حاولت، عبثاً، ان تخفي الغابة التي تحت الجلباب…
للشيخ نقول اننا رأينا، وبالعين المجردة، كيف يمد مرشد «الاخوان المسلمين» محمد بديع قدميه الى بعض من حوله، واحدهم استاذ جامعي بارز، لكي يشدوا له رباط الحذاء، وهو رابض على اريكته كما لو انه الخديوي يبعث من الآخرة…
منذ البداية قلـت لرجـل دين صـديق له، ويتصف بالنزاهة و الشفافية والرقي «كيف للشيخ مــالك، وهو ما هو عليه من اعتدال وانفتاح ان يخالط اولئك الذين اتوا للتو من تورا بورا او على الاقل من الجاهلية؟».
وكان رده «لعله يصلح ما يمكن اصلاحه» قبل ان يستدرك «…ولكن هل من مجال لاصلاح اولئك الذين في لحاهم يختال الوسواس الخناس؟». وقال لي» ليكن الله بعونه لانه سيصاب باليأس عاجلاً ام آجلاً». قدم استقالته بالدوي الذي زعزع تلك الظاهرة التي نعلم الكثير عن خباياها وخفاياها…
بماذا يختلف باعة الدماء عن مصاصي الدماء. كنا نتابع صيحاتهم في الساحات، وعلى المنابر، وعبر الشاشات، وكنا نسأل اين هي صلة هؤلاء القوم بالنص الذي جعل الانسان على صورة الله. بشكل او بآخر انهم…قتلة الله!
هل حقاً ان الشيخ مالك فجر قنبلته، بل فجر الحالة، بعدما تناهى اليه ان ثمة من امر باغتياله لانه تحوّل، لكثـرة اعتراضاته ولكثرة مثاليته، الى عـالة على الذين لا يفقهون ان من يعمل لفساد الروح انما يتجاوز اثمه اثم الذي يعمل لفساد الجسد. ماذا عندما يتقاطع فساد الجسد مع فساد الروح؟
قال الشيخ مالك في كتاب الاستقالة ان البعض رأى هيئة العلماء المسلمين غطاء ومكسباً يستغله في دول الخليج التي كان يزورها (هذا البعض) موسميا « لجمع المال، كما جمعوا باسم الثورة السورية واللاجئين السوريين، ولم يصل الى هؤلاء الاخوة من الجمل اذنه كما يقولون، واصبح هذا يجمع حوله بعض الشباب المتحمس يشعل حماسهم ويجعل لنفسه عليهم زعامة، وذاك يستغل الهيئة والثورة السورية يجمع لنفسه ويبني مدرسة خاصة تكلفتها مليون دولار».
وشهد شاهد من اهله، وهو ليس من اهلهم، ليؤكد لنا ما كنا نشكك في صحته بالنظر للفضائحية الصارخة للحادثة. تحدث الشيخ مالك عن ذاك الذي «ترك زوجته تنهش في لحوم العلماء بالكلام البذيء والتكفير والتفسيق».
وكنا نعلم بأي فظاظة كان يقصى او كان يلاحق رجال الدين من اصحاب الادمغة النظيفة والايدي النظيفة. وكنا نعلم ان ثمة من حوّل الهيئة الى مغارة لا تتوقف حدودها عند جرود عرسال، ولا عند بساتين الغوطة، وصولاً الى احياء الرقة والموصل ودير الزور…
وحين قام الجيش بمهمته، كان واضحا انهم هم من غرروا باولئك الشبان الذين لم يكونوا يملكون شروى نقير والذين كانوا يؤخذون بجاذبية الكلمة، حتى عندما ينطق بها الثعبان وبجاذبية البندقية حين لا تكون زينة الرجال بل اداة في يد المرتزقة…
قال الشيخ مالك» ثم اذا كنت منفتحا على المعتدلين من الطوائف الاخرى تتهم في دينك، وفي عقيدتك، واذا انصفت الجيش في موقف محــق فأنت انحرفت عن ثوابت الهيئة وارتكبـت منكراً، علما بأن الجميع يتزلفون على ابواب الضباط هنا وهناك».
تفوه بالكثير. ما ورد في استقالة الشيخ اماط اللثام عن الطراز الآخر من الخلايا النائمة بل عن اولئك الذين صنعوا الخلايا النائمة لاقامة الامارة. وكان رجل دين فاضل من الشمال قد قال لنا «اتعلم لماذا يريدون الوصول الى مرفأ طرابلس والاستيلاء عليه؟». لم يكونوا يتوخون التهريب فحسب، بل القرصنة، وعلى الطريقة الصومالية…
من لا يعرف ان النماذج التي تحدث عنها الشيخ مالك، وكـان لبعـضها دور مباشـر في اخــتطاف العسكريين، تتواجد بكـثرة لدى تنظيم الدولة الاسلامية ولدى جبهة النصرة، وبعدما روى لنا باحث عراقي تفاصيل عن «الحياة الاخرى»، لابي بكر البغدادي الذي اذ امر بجلد النساء، فإن البعض، حتى داخل الموصل، يصفه بـ«شهريار البغدادي». خليفة وعلى خطى شهريار…
هؤلاء موجودون بين سـطور الاستقــالة، وحين اتصلنا بأحد اعضاء الهيئة للاستيضاح، اجاب بعصبية «هو حصان طروادة وزرعــوه بيننا». هم احصـنة طروادة، بل احصنة الشيطان وزرعوهم بيننا!!
نبيه البرجي