انتهت جولة المفاوضات الرابعة في الاجتماع الثلاثي الذي انعقد في سلطنة عمان بين وزيري الخارجية الاميركي والايراني بالاضافة الى ممثلة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي، والتي انعقدت مع اقتراب 24 تشرين الثاني الذي حدد كموعد للتوصل الى اتفاق شامل بين ايران والدول الخمسة زائد واحد لحل الخلافات القائمة حول برنامج ايران النووي. ويرى مختلف خبراء السياسة الدولية بان نتائج هذا الاجتماع باتت تلقي بأثقالها على علاقات ايران بالمجتمع الدولي، وهي تبدّد كل الامال حول امكانية تحقيق اختراق فعلي في العلاقات الاميركية – الايرانية.
كان من المفترض ان تحقق اجتماعات مسقط مخارج لكل نقاط الخلاف التي جرى تحديدها في الاجتماعات السابقة، والتي تشكل جوهر الاطار العام للتوصل الى اتفاق مقبول من الطرفين الايراني والغربي.
تشكل عملية تخصيب اليورانيوم النقطة المحورية للمفاوضات، وهذا ما يضع نقطة تحديد عدد وحدات الطرد المركزي التي يمكن ان تستمر ايران في تشغيلها في رأس قائمة الاولويات للمباحثات. يريد الغرب الاّ تحتفظ ايران بأكثر من الفي وحدة تخصيب، بينما تطالب ايران بالاحتفاظ بخمسة آلاف وحدة على الاقل.
وتتركز نقطة الخلاف الثانية على موضوع المفاعل النووي الايراني الموجود في منشأة آراك، حيث كان الموقف الغربي يطالب بوقف تشغيله بصورة نهائية، وعلى اساس بأنه يشكل الطريق البديل لانتاج الوقود اللازم لصنع القنبلة النووية من خلال انتاج كميات كافية من البلوتونيوم. لكن يبدو بان الغرب قد قدّم تنازلات حول مستقبل مفاعل اراك من خلال الطلب الى تحويل المفاعل المذكور، للعمل بالماء الخفيف بدل العمل بالماء الثقيل، منعاً لانتاج البلوتونيوم.
يضاف الى هذين العنصرين الاساسيين للاتفاق الاطار فان الغرب يطالب ايران بضرورة نقل الكميات المتوافرة لديها من اليورانيوم المخصبة بنسبة 20 في المائة الى الخارج، ومن المرجح الى روسيا الاتحادية لاعادة معالجته.
لا بد ايضاً من ان توافق ايران على اقفال منشأة فوردو وعدم تشغيلها من أجل تخصيب اليورانيوم، على ان يستمر العمل في منشأة «ناظر»، وذلك لسهولة استمرار المراقبة الداخلية والخارجية لهذه المنشأة الاخيرة بالمقارنة مع منشأة فوردو المبنية في نفق تحت جبل يشرف على مدينة قم.
يمكن التوافق على مخارج للنقاط الاخرى والمتعلقة ببرامج المراقبة والتحقق الدوليين، لكن ذلك لا يحل الخلافات القائمة حول مدة الاتفاق، والتي يطالب الغرب ان تكون 20 سنة بينما توافق ايران على خمس سنوات، يضاف اليها المطلب الايراني بضرورة رفع جميع العقوبات الدولية والاميركية المفروضة على ايران فور توقيع الاتفاق. من المؤكد بان هذا المطلب الايراني سيصطدم بعقبة عدم قدرة الادارة الاميركية على تجاوز العقوبات المفروضة بموجب قوانين شرّعها الكونغرس الاميركي بمعزل عن ادارة اوباما، وفي وقت بات الجمهوريون يسيطرون فيه على مجلس الشيوخ والنواب بعد الانتخابات التصفية التي جرت مؤخراً.
انعقدت اجتماعات مسقط في ظل تسريبات اميركية عن رسالة سرّية وجهها الرئيس اوباما الى المرشد الاعلى السيد علي خامنئي تركز على المصالح المشتركة للطرفين في الحرب على الدوة الاسلامية في كل من العراق وسوريا، وب0254ن هناك ضرورة لتسهيل مثل هذا التعاون من خلال التوصل الى اتفاق – اطار للمشكلة النووية الايرانية.
وتذكّر المصادر التي سرّبت خبر الرسالة الرئاسية بانها الرسالة الرابعة التي يوجهها اوباما الى السيد خامنئي منذ دخوله الى البيت الابيض عام 2009، والتي تؤكد على وجود نوايا اميركية للانفتاح على الجمهورية الاسلامية، وتؤكد الرسالة الاخيرة على اهمية التواصل الى توافق يسهّل مشاركة ايران العسكرية والديبلوماسية في مواجهة الدولة الاسلامية في العراق وسوريا، وبالتالي دحرها والقضاء عليها.
يبدو بوضوح بان تسريب خبر الرسالة «السرية» ومضمونها قد جاء ضمن خطوة مدروسة لدعم الجهود الديبلوماسية التي يقوم بها وزير الخارجية جون كيري من اجل حل نقاط الخلاف الاساسية تمهيداً للتوصل الى اتفاق شامل قبل 24 تشرين الثاني المقبل، والذي حدّد كموعد نهائي لتوقيع الاتفاق ـ الاطار..
لكن لم تحقق عملية التسريب غايتها، حيث فشلت اجتماعات مسقط في تجاوز الخلافات القائمة، وكانت المصادر المتابعة قد حددت نسبة النجاح لتجاوز الخلافات بخمسين في المائة.
من المنتظر ان لا ينعي اي من الاطراف العملية التفاوضية، على ان يكون المخرج باعلان تعليقها في الوقت الراهن.
كان من الواضح بوجود نية مشتركة لدى القيادتين الايرانية والاميركية للتوصل الى اتفاق حول نقاط الخلاف، حيث اكدت المصادر الايرانية بأن السيد خامنئي قد اعطى تفويضاً للوفد الايراني برئاسة وزير الخارجية محمد جواد ظريف للعمل على تحقيق اتفاق مع تحديد بعض الخطوط الحمراء دون شك. في المقابل يريد الرئىس اوباما ان يستفيد من الفرصة السانحة بوجود حكم معتدل بقيادة حسن روحاني من اجل تحقيق اتفاق على البرنامج النووي كخطوة اساسية لاعادة بناء العلاقات الاميركية ـ الايرانية بعد ثلاثة عقود ونصف من القطيعة الكاملة. وكان الرئىس اوباما قد علق اهمية خاصة على التواصل الى اتفاق من خلال اجتماعات مسقط، مستبقاً، وقاطعاً الطريق على وجود مشروع في الكونغرس من اجل تشديد العقوبات على ايران والذي من المفترض ان يقرّ الآن بسهولة وسرعة بسبب سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ، وتأييد رئيس مجلس النواب جون بينر للمشروع، وهو المعروف بتشكيكه بجدوى المفاوضات الجارية في شأن البرنامج البرنامج النووي الايراني. سبق لجون بينر ان قال في رسالة وجهها لاوباما «انني آمل بأن تكون المفاوضات الجارية الآن هي جدية، ولكن لديّ شكوك بعدم جديتها».
هناك جملة مصاعب ستواجهها الادارة الاميركية في البحث عن مخارج للمأزق الناتج عن فشل المفاوضات الاخيرة سواء مع اسرائيل وحلفائها في الولايات المتحدة او مع حلفاء اميركا الاقليميين، خصوصاً بعدما بات واضحاً لدى هؤلاء الحلفاء بأن الرئيس اوباما بات يعمل مع ايران من خلال ابواب خلفية ودون علم الحليفين الاساسيين المملكة العربية السعودية ودولة الامارات ويذكّر عدد من الخبراء بانها المرة الثانية التي يحاول فيها اوباما اجراء مباحثات واتصالات سرية مع الايرانيين، حيث سبق له ان اجرى مفاوضات سرية معهم في مسقط عام 2012 دون اعلام الحلفاء الاقليميين بمسار ومضمون هذه المباحثات والتي استمرت خلال عام 2013.
في ظل هيمنة الجمهوريين على الكونغرس فان مساحة المناورة امام اوباما للتوصل الى اتفاق مع ايران قد ضاقت، خصوصاً واننا على موعد قريب لتعليق المفاوضات. وتؤشر كل الاجواء الى ان هناك مشروعاً لتشديد العقوبات على ايران هو قيد الاعداد وينتظر مطلع العام المقبل موعد بداية الكونغرس الجديد لتمريره، وفي حال اقراره فان ذلك سيضع الرئىس اوباما امام خيار نقض وردّ القانون (ويمثل ذلك عملية انتحار سياسي للرئيس) او القبول بسياسة التصعيد ضد ايران تجاوباً مع مطالب الاكثرية الجمهورية.
سي أن أن: تحذير بايدن من النووي الروسي لم يبن على معلومات استخبارية
قال العديد من المسؤولين الأميركيين لشبكة CNN إنّ "تحذير الرئيس جو بايدن ليلة الخميس من أن العالم يواجه أعلى احتمال...