…الى آخر دولار في الصناديق العربية!
ولطالما سأل المعلق الاميركي وليم سافاير هازئا ما اذا كنا نستطيع التفريق بين ظهر الناقة وظهر الاباتشي، او ما اذا كنا نقدم ما يكفي من الشعير لسيارات الليموزين، قبل ان يلاحظ ان خيالنا الاستراتيجي لا يتعدى الخيال الاستراتيجي لدى توم اند جيري…
من ينظر الى احوالنا في هذه الايام، وكل الايام، هل يتصور اننا نتصرف، او نفكر، استراتيجياً، افضل من توم اند جيري؟
هذا حين يقول المفكر الفرنسي باسكال بونيفاس ان هذه الحرب المفبركة باتقان، و المبرمجة باتقان، والمنفذة باتقان (كما لو انها اصابع السحرة) انما ستبقى كي لا يبقى دولار واحد في الصناديق العربية، ودون ان نأخذ العبرة من كل السيناريوات السابقة التي كدنا نبيع فيها هياكلنا العظمية بالمزاد العلني…
ويقول لنا مفكر عربي يعيش في الغرب ان الحرب في سوريا و التي طحنت المدن و طحنت الغابات و طحنت حتى الصحارى ليست سوى المدخل الى سلسلة من الحروب التي تمتد من ضفاف الخليج الى ضفاف الاطلسي في المغرب العربي…
هل هي الحلبة السورية وحدها ما دمنا نرى ما حدث و يحدث في العراق وفي اليمن و في ليبيا؟ الصومال الذي سقط من ذاكرتنا لا يزال يحتفظ بمقعده في جامعة الدول العربية. متى نغلق ابواب هذه الفضيحة؟
لكن الاروقة الخلفية تضج بالحديث عن مسار ديبلوماسي شاق لكنه جدي وفاعل لوضع نهاية لكارثة في سوريا. لا، لا تتابعوا باهتمام ما يحكى حول دخان ابيض سيتصاعد من موسكو، اذ ماذا يستطيع قدري جميل ان يفعل. اللعب على الارض، وبين الخنادق، هو غير اللعب على الشاشات…
من زمان راهنا على دور تقوم به القاهرة التي تعتبر او باتت تعتبر، عقب الانهيار المدوي لـ«الاخوان المسلمين»، ان رجب طيب اردوغان هو السبب في كل مصائبنا. آباؤه وضعونا في المستودعات على مدى اربعة قرون، وقبل ان يبارحوا علقوا لنا المشانق. ها ان سليل اسماعيل شاه يفعل ما هو اسوأ بكثير. احمد داود اوغلو لا يرى فينا سوى قبائل او حتى ما دون القبائل التي لا يمكن بأي حال ان تستوعب المفاهيم الحديثة للدول وللامبراطوريات…
معلومات الاروقة الخلفية تقول ان تقريرا مصريا بانورامياً، مكثفا ودقيقا، اعدّه فريق من كبار رجال الاستخبارات بمشاركة ديبلوماسيين بارزين، حول تفاصيل المشهد السوري، بخلفياته واحتمالاته. ولعل النقطة الاكثر حساسية في التقرير هي ان التفاعلات الايديولوجية للازمة السورية لا بد ان تصل عاجلا ام آجلا الى بعض بلدان الخليج العربي التي لا يمكن ان تحميها الاساطيل ولا الفتاوى ولا الاموال ولا الابواب المقفلة…
وتشير المعلومات الى ان اتصالات هامة جدا جرت بين القاهرة والرياض، ربما باتجاه التوصل الى تصور مشترك، اذ ان تنظيم الدولة الاسلامية اقام دولته فعلا في سوريا حيث بدأ يفرض منهاجه التعليمي (الفيزياء والكيمياء من المحرمات باعتبار ان العلم كله عند الله)، وحيث بدأ خبراؤه في سك دنانير الخلافة بالذهب والفضة.
لا احد الا و يعلم ما هي هموم مصر، وما هي مشكلات مصر، لكن الاحداث المتتالية و التي وصلت اخيرا الى شاطىء دمياط، دقت جرس الانذار في الجهاز العصبي للدولة، فالرئيس عبد الفتاح السيسي سمع من محمد حسنين هيكل وقبل اشهر ان ما يحدث في المنطقة، وفي سوريا والعراق بوجه خاص، لا يمكن ان يكون عشوائياً او نتاج انظمة استبدادية او طائفية، بل انه نتاج عملية مركبة باتقان، فهل الصدفة وحدها، والقبلية وحدها، جعلت كل الدول المجاورة لسوريا تشارك في الحرب قبل ان يتبين ان الكثرة ادت الى تلك البلبلة الدموية والعقائدية المروعة…
هكذا تزعزع السيناريو وتحطمت مناطق ومدن سورية بأكملها، ودون ان تقتنع القاهرة بأن «جبهة النصرة» اقل خطراً من «داعش»، وهي تبتلع الفصائل الاخرى من ريف ادلف الى ريف دمشق و غيره و غيره…
المصريون كانوا يودون التواصل مع طهران، لكنهم يدركون مدى حساسية البعض من العرب حيال خطوة من هذا القبيل، لا بل ان ثمة ضغطاً مورس على السيسي الى حد الايحاء له بأن الايرانيين انما هم حلفاء لـ « الاخوان»، ويشهد على ذلك تأثر المرشد الاعلى بافكار سيد قطب (ولكن ليس في الاتجاه الذي تبلور في وقت لاحق)، ليلاحظوا كيف ان الايرانيين يقاتلون، بالوكالة، على الارض العربية، وتحديداً في العراق وسوريا واليمن والبحرين ولبنان..
المصريون لا ينفون ما يقال حول عودة الصراع بين تركيا وايران، كما لو اننا في مطلع القرن السادس عشر، لكنهم يرون ان الحدود العربية للسلطنة العثمانية تعدت بالكثير الكثير الحدود العربية للامبراطورية الساسانية، وها هو اردوغان يهاجم مصر من اعلى منبر دولي بعدما عمل لتحويل «الاخوان» الى حزب عثماني يمهد امامه الطريق الايديولوجي لاجتياح المنطقة..
في القاهرة كلام جدي حول مسعى جدي. لا بد من التفاهم مع النظام في سوريا. البديل واضح تماما، على امل الا تكون رحلة الالف ميل رحلة الالف عام!
البنك الدولي يوافق على قرض لمصر بـ400 مليون دولار
قالت وزارة التعاون الدولي المصرية إن البنك الدولي أعطى موافقة على إقراض مصر مبلغ 400 مليون دولار، تخصص لعدة مجالات...