دقت ساعة الحقيقة بالنسبة للحكم في قطر. التوتر الذي يسود علاقاته مع الدول الخليجية منذ عامين، وتصاعد مع سحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين، بلغ مرحلة الاختبار القاسي لمنظومة العمل الخليجي المترهلة. واذا صدقت التكهنات بأن القمة الخليجية المقررة في الدوحة في كانون الاول المقبل، قد تُطاح، فإنها ستكون المرة الاولى منذ تأسيس “مجلس التعاون الخليجي” قبل 30 سنة، التي يفقد فيها الخليجيون النصاب القانوني لانعقاد قمتهم.
فقد أُلغيَ اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الذي كان مقرراً في الدوحة امس، وهو لقاء تقليدي يجري للتحضير للقمة الخليجية التي تعقد سنويا، وهي مقررة هذا العام في العاصمة القطرية في التاسع من الشهر المقبل. وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فقد نقلت عن مصدر مقرب من الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي أنه “لم يتم تحديد موعد جديد حتى الآن” للاجتماع الوزاري.
ويشير هذا الإلغاء الى ان الامور الخلافية مع قطر والتي دفعت السعودية والامارات والبحرين الى سحب سفرائها من الدوحة قبل نحو ثمانية شهور، لم تصل الى نهاية سعيدة.
وعلى الرغم من ان وسائل إعلامية محسوبة على قطر روّجت خلال الساعات الماضية الى ان إلغاء الاجتماع الوزاري، لا يعني إطاحة القمة التي يفترض بالأمير تميم بن حمد استضافتها، إلا ان الدلائل الاخرى تشير الى تأزم المشهد بما يرجح سحب القمة من العاصمة القطرية الى العاصمة السعودية الرياض (أو ربما الى الكويت).
ومن أبرز مؤشرات تفاقم الازمة ان إلغاء الاجتماع الوزاري وتسريب معلومات حول احتمال سقوط القمة الخليجية بفقدان النصاب، جاءت بعد أيام قليلة على الجولة المفاجئة التي قام بها أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح الجمعة الماضي والتي شملت قطر والامارات والبحرين، في تحرك يبدو انه كان يستهدف إنقاذ الموقف في اللحظات الاخيرة، وهو ما لم يتحقق.
وتطول لائحة الاتهامات الخليجية ضد السلطات القطرية، وتكفي متابعة قناة “الجزيرة”، خصوصا في تغطيتها للمشهد المصري، ليتبين أن الصراع على أشده بين المعسكرين السعودي والقطري في ما يتعلق بالموقف من النظام المصري وحكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالاضافة الى الموقف من جماعة “الاخوان المسلمين” والعلاقات مع تركيا. كما تتضمن الاتهامات الخليجية لقطر التدخل في شؤون الاشقاء الخليجيين وتحريض القوى المعارضة ضد أنظمة الحكم فيها، وتجنيس مواطنين بحرينيين.
ولم يكن إلغاء الاجتماع الوزاري حادثا منفردا. فبينما كان امير الكويت يقوم بجولة الوساطة الخليجية الاخيرة يوم الجمعة، أعلنت كل من الامارات والبحرين الانسحاب من بطولة العالم في كرة اليد التي تستضيفها الدوحة. كما جرى تأجيل اجتماع “الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون” وهي بمثابة الهيئة الاستشارية للقادة الخليجيين. وفي الوقت نفسه، تستمر عملية سحب ودائع المنحة المالية القطرية التي كانت قد قدمت الى مصر بقيمة أكثر من ستة مليارات دولار، وكان آخرها في الاسبوع الماضي.
ومهما يكن، فقد جرى تسريب أخبار تفيد بأن إلغاء الاجتماع أمس جرى بناء على “توافق خليجي”، بانتظار حسم توقيت عودة السفراء المسحوبين الى الدوحة، قبل انعقاد القمة الخليجية نفسها في الشهر المقبل، وهو ما اشارت اليه صحيفة “النهار” الكويتية يوم الجمعة الماضي.
وبينما من المتوقع أن يتطرق تميم بن حمد امام “مجلس الشورى القطري” غدا الى مسيرة العمل الخليجي المشترك وتطوراتها، فإنه من المستبعد ان يبادر الى تصعيد اللهجة أو اتخاذ قرارات ردا على التضييق الخليجي حول سياساته. لكن من المؤكد ان إخراج القمة من الدوحة، وإحراج تميم، من شأنه في المرحلة المقبلة فرض عزلة خليجية نوعا ما على الحكم القطري الذي في المقابل، سيستخدم ادواته الكثيرة في عالم الاعلام والديبلوماسية والمال، للدفاع عن سياساته… ولو كرهها الكارهون.
عبد السلام: دول العدوان تتحمل مسؤولية إفشال الهدنة باليمن وتفاقم المعاناة
كشف رئيس وفد صنعاء المفاوض محمد عبد السلام، اليوم الإثنين، عن آخر مستجدات الهدنة أثناء التواصل مع الاتحاد الأوروبي للشؤون...