تمايز حزب الكتائب اللبنانية عن قوى 14 آذار لم يكن وليد ساعته ولا يمكن اختصاره بمحطة وحيدة فهي منذ اعلان «ثورة الارز» اعتبرت ان الاعلان يعنيها هي بالدرجة الاولى وهي الأم بحسب مصادر مسيحية والباقي من الاحزاب المنضوية، اما كان دخيلا على الاستقلال والسيادة والحرية وإما استلحق نفسه بالثوابت الوطنية وبمعنى آخر ان الجميع فتيان في عائلة الكتائب ووجد الحزب نفسه امام طلاب علم من المفترض ان ينهلوا من زادها خبرة الحفاظ على الوطن والاستفادة من المعلم الاكبر للحزب، ذهبت الكتائب في التمايز حتى عن اولادها البكر في القوات اللبنانية وبانت الخلافات ليس قياساً على التمسك بالمبادئ انما على استحقاقات رئاسية ونيابية ونقابية وطالبية ليكتمل المشهد المتمايز على الاصعدة كافة.
ارادت الكتائب بحسب المصادر ان تسحب اللحاف من تحت اقدام البعض باتجاهها بعد ان شعرت بالبرد يلفح أقدامها فتقدمت ثم تراجعت، حضرت ثم غابت، هي في 14 آذار وخارجها لتستقر مؤخراً عند هوامش الثامن من آذار على عتبة الانتخابات الرئاسية، فالقصر الجمهوري حسب هذه المصادر ليس غريباً عن الرئيس امين الجميل الرئيس الاعلى للحزب وهو يعي مسؤولياته الوطنية والدستورية ولكن بصورة مختلفة عن قوة الرئيس عام 1982 حين كانت رئاسة الجمهورية قبل الطائف تصول وتجول بصلاحيات فضفاضة ما لبثت ان ضاقت واستكانت لتستقر على معطيات جديدة مغايرة باستثناء الحرس الجمهوري الذي كبر عديده وازداد صدح موسيقى التعظيم، فهل تستأهل الرئاسة هذا العناد والتمايز فيما السيف لديها لا يستطيع احقاق الحق، فرئاسة الجمهورية اللبنانية ما عادت تصدر فرماناً كي يُطاع في انحاء البلاد وكل المستطاع الركض وراء صفارة حكم لم يتم الأخذ بها بعد!!
وتوضح المصادر المسيحية اسباب التمايز بين الكتائب ورفاق الأمس في الرابع عشر من آذار باعتباره حياداً غير مستساغ ما دام يقترب من مفردات قوى الثامن من اذار على السطح ومن تحت لربما في الحركة بركة ما دامت 14 آذار لن تعمد الى الاستغناء عن خدمات الكتائب ولا تجرؤ على ذلك والعودة اليها مضمونة فيما الاقتراب من تكتل العماد ميشال عون وحزب الله ومغازلة الرئيس نبيه بري و«الروابط العائلية» مع تيار المردة متوافرة وعملية اصطياد الاصوات ممكن لها ان تقوم من حصة هذه الافرقاء، هذا رأي الكتائب وفق علم هذه المصادر وهذه حساباتها من منتوج الحقل الذي يمكن ان لا يتناسب مع حسابات البيدر، وهذه العملية الكتائبية جرت وفق البرنامج التالي:
– اولاً: يتطلع الرئيس امين الجميل الى معراب ويمعن في الانتظار فترة اطول من ترقب دارة الرابية ليعتبر ان الدكتور سمير جعجع قام بتجربته طوال ستة أشهر من العملية الانتخابية دون الوصول الى نتيجة ما من تبني 14 آذار لجعجع كمرشح رئاسي بحيث يحين أوان رئيس الكتائب على خلفية عدم نجاح رئيس القوات في قطف التأييد ولو لصوت واحد من خارج حلفائه، وعلى هذه النتيجة بدأ الجميّل ببناء بعض الجسور وترميمها مع الطرف الآخر مؤكداً ان باستطاعته جذب الاصوات نحوه ولو بشكل غير مؤكد، فهو يريد القول ان جعجع جرّب حظه وما استطاع الى الوصول سبيلا وعليه ان يزيح من الدرب للمؤسسة الأم في الكتائب لتولي الشيء المستعصى وزيادة المياه في كأس النجاح المفترض.
الا ان مصدرا قواتيا رفيع المستوى اكد ان الكتائب والقوات اللبنانية متفقان في الموقف السياسي العام ولا يوجد اي مشكلة في هذا المجال وينقل هذا المصدر عن الدكتور جعجع مصارحته للرئيس امين الجميّل بشأن الاستحقاق الرئاسي بأن لحظة تأكده من ان الرئيس الجميل اذا استطاع استمالة اي كتلة من الثامن من اذار نحوه وبشكل علني عندئذ نحن نمشي به مرشحا رئاسيا، والعلنية هنا حسب المصدر القواتي ليس شكا بالكتائب انما باقتناع هذه الكتلة بالاقتراع للجميل رئيسا للجمهورية وليس اطلاق الوعود او نصب الافخاخ وعندئذ «منمشي معو».
ثانيا: لا يغيب عن بال الكتائب ان العماد ميشال عون قد رمى خلفه القطاع الصناعي والبعد عن العمل بفبركة الرئىس ولا يريد بشكل قاطع ان يكون صانع رؤساء بعد الان حتى ولو تحمل سامي الجميل المخاطر وزار زحلة داعيا الى التعاون مع الجميع وبمن فيهم التيار الوطني الحر وايا يكن هذا الكلام موجها من باب الخطر على المسيحيين هناك او من قبيل الزكزكة وطلب القربى من العماد عون فكل هذا حسب هذه المصادر لا يطعم خبزا حتى ولو رفع الجميل الاب «الدوز» وبالدعوة الى الحكي مع سوريا. فالعماد عون وفق عملية اختصار المرشحين باثنين اعطى الجواب للجميل واضعا العرقلة على ادراج المختارة التي رفضت هذه المبادرة بالرغم من ترحيب القوات بها والاستعداد للمنازلة وهكذا تكون الكتائب في مرحلتها الحالية تراقب طواحين الهواء ان لم تكن قد بدأت العبث بها خصوصا مع 14 آذار فدعوة الجميل الى التنسيق مع سوريا بفعل وجود «مصلحة وطنية ملحة بذلك» ليكتشف ان النواب الذين جمعهم لتأييده من قوى الثامن من آذار قد خسر اعدادهم مضاعفة لدى الحلفاء المفترضين في ثورة الارز ويكون بذلك قد خسر 14 آذار ولم يربح بشكل اكيد باستمالة الثامن من آذار!!
ثالثا: تستغرب هذه المصادر ومعها بعض الاذاريين كيف لجأ الرئيس امين الجميل في ذكرى وفاة نجله الشهيد بيار الى هذا النوع من الكلام على فرضية امكانية ان تبلعه قوى 14 اذار احتراما للمناسبة بفعل سوابق اتهام الجميل للنظام السوري باغتيال نجله – وبذلك لم تأخذ بكلامه على محمل الجد الكامل على اعتبار ان الكلام متلفز وقيل في اكثر من مناسبة وان امكانية تعزيز حظوظه لرئاسة الجمهورية ليس من الضرورة دفعه نحو مواقف لا تزيد من رصيده ويمكن ان تكون مفاعيلها عكسية.
رابعا: تورد المصادر المسيحية ان حزب الكتائب ضاق ذرعا بتصرفات بعض قوى 14 آذار الرمادية نحوه وهو في صدد اتخاذ خطوات تدريجية للذهاب بعيدا عن قوى 14 آذار بفعل رؤيته الرابحة لمواقف النائب وليد جنبلاط التي يطلق عليها الوسطية وامكانية اتخاذ هذه الخطوات تأتي في سياق الاهمال الذي يمارسه تيار المستقبل تجاهه في محطات عدة ومنها استحقاق الرئاسة وبما ان الرئيس سعد الدين الحريري منهمك جدا في الوضع الداخلي لتيار المستقبل فإن الكتائب ستنتظر كثيرا قبل طلوع الفجر وانتظار المستقبل البعيد حتى ولو حاولت الترهيب بالوصول الى الثامن من آذار زنقة زنقة؟!
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...