يعني الاحتراف الكثير للاعبين اللبنانيين على مختلف ألعابهم، لأنهم يرون فيه مستقبلهم وحياتهم، فالتجربة علمت هؤلاء ان اللعب في لبنان هو أشبه بمقبرة لأسباب كثيرة. اولا لأن ذلك قد يحد من طموحاته والأمر الثاني ان البقاء واللعب ضمن الدوريات المحلية يشكل نهاية طبيعية للكثيرين، لذلك بات الاحتراف حلما اكبر من الواقع.
قد لا يتذكر الكثيرون جيل أبو طالب وعدنان الشرقي وجمال الخطيب وحسن شاتيلا وعدنان الحاج وغيرهم بكرة القدم، ونزيه بوجي ومحمد بكري وبولس بشارة ووليد دمياطي بالسلة. كان اللاعب يبتاع الحذاء من جيبه الخاص ويتباهى به امام زملائه، ولعبت الظروف مع البعض لتكون الى جانبهم، وينعمون بالرفاهية بعد أن تركوا لعبتهم وتمكنوا من تحقيق آمالهم بغد مشرق من خلال وظائف جيدة امنت لهم مستقبلا جيدا، اما البعض الآخر وهم من الأغلبية، فعندما اعتزلوا لم يجدوا ما يسدون به رمقهم، والأمثلة كثيرة ولا مجال للخوض بها.
اليوم الحالة تغيرت ودخل الاحتراف «البيوتات»، وفتح الآفاق امام التطور التكنولوجي والعولمة. تفتحت العيون على اللاعب اللبناني ووضع تحت مجهر الكشافين، لأن نتائج منتخب كرة القدم في تصفيات كأس العالم على سبيل المثال كانت هي السبب الرئيسي بذلك.
«زيزو»
يقول الخبير المصري والمدير الفني المعروف عبد العزيز عبد الشافي الذي درب «النجمة» و«العهد» في لبنان ان بنية اللاعب اللبناني تخوله لأن يكون افضل لاعب في آسيا اذا لم يكن على المستوى الأوروبي، «لكن يلزمه الإعداد والتوجيه وعليه تحمل المسؤولية.. بامكان كرة القدم اللبنانية بعد التطور الكبير الذي اصابها في الآونة الأخيرة ان تذهب بعيدا جدا وان تشهد كل الملاعب العربية عددا من اللبنانيين وأتوقع لها في حال استمرت بنفس الزخم ان تكون في احدى «المونديالات»».
كلام «زيزو» كما يسمونه في مصر، لم يكن عبثيا كونه بات يعرف عن الكرة اللبنانية الكثير «فالاحتراف هو طريق المتألقين والموهوبين واللبناني بطبيعته موهوب بامتياز، والقفزة النوعية للكرة اللبنانية والاتحاد اللبناني في الآونة الأخيرة جعلتها محط انظار المتابعين، ورقما صعبا في آسيا».
وقد تكون كرة السلة ايضا في دائرة الاهتمام فهي بدورها وصلت الى كأس العالم منذ ان طورها الراحل انطوان شويري من خلال الدعم المادي والانجازات الكبيرة التي حققتها في آسيا والعالم، فبات لاعبها ضمن دائرة الاهتمام.
عنتر والخطيب
لعبتان دخلتا المعترك الاحترافي بقوة وقد يكون رضا عنتر وفادي الخطيب ابرز محترفين حتى الآن لأسباب كثيرة، اولا لأنهما اثبتا وجودهما في الملاعب الصينية وثانيا ان كل صفقة كان لها وزنها وحيثياتها على الصعيدين الفني والمادي.
وقد لعب رضا عنتر مع «شاندونغ الصيني» كمحترف سبقه صيته اليه، وبعد احترافه بفترة وجيزة فاز مع فريقه بالدوري وبالكأس، وكان اضافة مميزة لها طابعها الفني الخاص، اما اليوم فقد توفرت امام اللاعب ظروف استثنائية وشروط افضل، على الصعيدين الجماهيري والمادي، ولعبت امكانياته الفنية دورها في تحفيز الصحافة المحلية هناك لمتابعته خصوصا عندما انتقل هذا العام الى نادي «جيانغسو».
ومن المركز الـ13 الى الثامن في الدوري ونهائي كأس الصين. فمنذ ان وصل عنتر الى النادي المذكور، تحسنت عروض الفريق، وبات الآن يطمح الى لقب الكأس، ما يؤكد على لسان الصحف الصينية ان اللاعب اللبناني هو من ساهم في تحسين صورة الفريق حتى بات معشوق الجماهير.
بكى رضا عنتر عندما هتفت الجماهير الصينية باسمه وباسم لبنان في ملعب ناديه السابق «شاندونغ» وتأثر بالاستقبال الرائع كدليل على مكانته العالية هناك فمن بضعة دولارات في لبنان الى مئات الآلاف واللاعب يتألق ويبدع في عالمه الاحترافي.
قالت عنه صحيفة «ال اس» الإسبانية ذات يوم انه شبيه رونالدو البرتغالي، بعد المستوى الرائع الذي ظهر به.
يقول رضا عنتر»الاحتراف يفتح امام اللاعب كل الأبواب، ويساعده ماديا ومعنويا، فالصينيون باتوا يعرفون عن اللاعب اللبناني اليوم الكثير، وباتت الجماهير تأتي خصيصا لرؤيتي بعد الذي تركته في الملاعب، اتمنى ان يستمر اللاعب اللبناني في هذا المسعى لأنه يعزز وضعية كرة القدم اللبنانية».
واذا كان رضا عنتر الشغل الشاغل للصينيين في الوقت الحالي فان احتراف فادي الخطيب شد الجميع، فمن كرة القدم الى السلة، كثرت التساؤلات لمعرفة امكانيات هذا اللاعب داخل القاعات، وعندما بدأ بالمشاركة تهافتت الناس لرؤيته والاستمتاع بالعروض التي يقدمها.
وبات الخطيب اليوم يدور في نفس دائرة الاهتمام بحيث شد الجمهور بفنياته العالية، حتى ان البعض وصفه بالعملاق اللبناني، «لأنه يضاهي اللاعبين الأوروبيين والأميركيين الذي يلعبون في دوري رابطة المحترفين الأميركي، اذا لم يتفوق عليهم». اعطى الخطيب صورة قيمة عن اللاعب اللبناني وقالت عنه الصحافة «انه خرج من هذا البلد الصغير الذي لا يشكل بعدد سكانه، نسبة قاطني «حي صغير» في بوشان، ما يعني ان السلة اللبنانية باتت موجودة في قلوب الصينيين من خلال العروض التي يقدمها. يلعب الخطيب مع نادي «بوشان» الذي يحتل حاليا المركز التاسع بفضل مهارة اللاعب، اذ لا تخلو مباراة الا ويسجل الخطيب اكثر من 35 نقطة.
لقد افردت الصحف صفحات عن اللاعب في مدينة فوشان الصينية، فمن قاعة «الشانفيل» الى قاعات ابهى واكبر فالصفقة لامست حدود 500 ألف دولار لثلاثة اشهر، وهو امر يشير الى اهمية الخطيب الذي اعطى صورة ايجابية عالية عن اللاعب اللبناني.
يقول فادي الخطيب: «احترفت في الصين لأسباب عدّة، في طليعتها غياب الثبات والاستقرار في الدوري المحلي، هناك مشاكل كثيرة منها اقتصادية، واحترافي اليوم ضروري جدا لأنني بعد ثلاث أو اربع سنوات سأعتزل ويجب أن استفيد من هذه الفترة الى اقصى حدّ»، اللاعب اللبناني هو دائما «كبش محرقة»، ويجب تعزيزه ليتسنى له الاحتراف وليصبح حديث القارة». وعن تفاعل الناس معه يضيف «لقد فوجئت صراحة بالطريقة التي استقبلني بها، الناس في الصين يحترمون اللاعب وخصوصا اذا اثبت نفسه بعكس ما يحدث في لبنان، فالبعض لا يبادلك الاحترام ما يشعرك بانك مهمش، وهذه مشكلة كبيرة».
معتوق ونجارين
لاعبان في الصين بلعبتين مختلفتين، اما في الإمارات فهناك حسن معتوق وبلال نجارين، وبدرورهما اصبحا حديث الناس والصحافة.
ونجاح معتوق ادى الى التمسك به، فبعد فريق «عجمان» انتقل الى «الشعب» ومنه الى «الفجيرة»، بصفقات تعدت المليون دولار في المواسم الثلاثة. يسمونه هناك «ميسي لبنان»، نظرا لمهاراته العالية، انطلق معتوق من نادي «العهد» وملعبه البسيط وعائداته التي كانت لا تساوي راتبا شهريا في الفجيرة ليتقاضى مئات الآلاف، بفضل مستواه الذي ضاهى به الكثيرون من الأفارقة والبرازيليين وبفضله بقي فريق المدينة، في مصاف اندية الأضواء.
يقول «ميسي لبنان» «الاحتراف يفسح الطريق امام اللاعب لإعطاء المزيد فبقدر ما تعطي تأخذ وهكذا دواليك».
اما نجارين فقد تمسك بناديه «الظفرة» بعد ان تعدت صفقة هذا الموسم 600 الف دولار، وهو الذي كان يتقاضى القليل مع «النجمة» في لبنان مقارنة بالنادي الإماراتي.
ويعتبر نجارين لاعبا اساسيا مع «الظفرة» وصمام امان، ويؤكد في كل مباراة علو كعبه وجهوزيته الدائمة، لذلك فانه كان دائما حديث الاماراتيين والصحافة.
وهناك مجموعة من اللاعبين الذين وجدوا طريقهم الى العراق، فالمعروف ان معظم الأندية اللبنانية كانت تستقدم اللاعبين العراقيين للعب معها، اما اليوم فقد تغيرت الحال وبات اللبناني اساسيا في المدن العراقية وداخل هذه المعادلة.
اسماء عدة منها محمد حيدر (نادي بغداد)، وخضر وحمزه سلامي وعلي السعدي (نفط بيسان)، ومعتز الجنيدي (مصافي النفط)، كلهم ركائز اساسية في الأندية العراقية، وهؤلاء سيكون لهم شأن كبير في التعريف بشخصية اللاعب اللبناني وبنيته المتطورة يوما بعد يوم.
لقد صنع الاحتراف لاعبين لبنانيين فذائع صيتهم، وتكلموا بلسان الكرة اللبنانية، هذا التطور الذي لامس النجومية لم يكن ليحصل لولا القفزة الجبارة للمنتخب في تصفيات «المونديال»، والطريقة التي بدأها الاتحاد الحالي منذ سنوات، وسارت الأندية بركبها لصقل اللاعب اللبناني ودفعه الى مزيد من التألق والنجومية في الخارج.
صلاح يتقدم ونجم صاعد ينهي عصر ميسي ورونالدو في قائمة أغنى اللاعبين
رجحت مجلة "فوربس" أن يكون كيليان مبابي، نجم باريس سان جيرمان، اللاعب الأعلى دخلا هذا الموسم إذا ما تم الأخذ...