بعد تشكيل الحكومة في منتصف شباط الماضي برئاسة تمام سلام، وإعلانه بأن حكومته ستحيّي على الفور الحوار الوطني وستدعو جميع القيادات اللبنانية الى التنازل لأجل مشروع الدولة، وستعالج الخلافات الداخلية لبناء هذا المشروع، بدأ الانسجام السياسي يفعل فعله بين قريطم وحارة حريك اللتين شاركتا في الحكومة السلامية على حدّ قول مصادر متابعة لملف العلاقة بين الطرفين، على الرغم من الشروط التي وُضعت سابقاً خصوصاً من تيار «المستقبل» الذي اعلن حينها بأنه لن يشارك مع مَن يقاتل في سوريا الى جانب النظام السوري، لكن وبفعل ساحر وفي ظل تقارب الاجواء السعودية ـ الايرانية بدأ الانفتاح بين الرئيس سعد الحريري والامين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله سائراً حينها على الخط المستقيم بعد سلسلة من الخلافات والسجالات المتعددة بدءاَ من الاستراتيجية الدفاعية، مروراً بثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة»، وصولاً الى مطالبة تيار «المستقبل» حزب الله يومياً بالخروج من سوريا، وبدوره إتهم الحزب جماعة التيار بتهريب السلاح الى سوريا لمساعدة المعارضة السورية، كما إتهمه بالسعي الى قيام منطقة عازلة في الشمال لمصلحة هذه المعارضة السورية، فكان ردّ «المستقبل» المطالبة بتحييّد لبنان عن الصراع السوري وإتهام حزب الله بأنه سبب التفـجيرات الامنية وقدوم التكفيرييّن الى لبنان.
كل هذا، تراه المصادر، بأنه ساهم في التباعد بين التيار والحزب، وبقيت المصالحة بينهما صعبة المنال، لان خطوط قريطم – حارة حريك كانت مقفلة الى اجل غير مسمى، على الرغم من محاولات البعض رأب الصدع بين هذين الفريقين المؤثرين على الساحة اللبنانية خصوصاً رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب وليد جنبلاط، لكن تلك المحاولات لم تفلح في ظل خلاف عميق يدور حول خيارين أثرّا بعمق على الوضعين السياسي والامني في البلاد، فيما كان السعي قائماً لردع لعبة الشارع التي بدأت تطل يومياً عبر احداث امنية وسيارات مفخخة وانتحارييّن من منطقة الى اخرى، فتنتقل من منطقة سّنية الى اخرى شيعية بحسب ما حصل في الاشهر القليلة الماضية، مما وضع لبنان في اتون الحرب التي انتقلت الى اراضيه كطرابلس وعكار وعرسال وبريتال، فنقلت المشهد السوري ووضعت تلك البلدات في صورة الحرب المذهبية وأمام المنعطف الخطر، ما جعل حجم المشكلة كبيراً وبدأت حينها ردود الفعل السياسية وعلى الخطين.
وتعتبر المصادر المذكورة بأن العنصر الاهم في الحملة يتمثل بإدخال الدور الإيراني وربط كل ما يجري في لبنان والمنطقة بالصراع العربي ـ الايراني، على خلفية موقف طهران وحزب الله من التطورات في بعض الدول العربية، بالتزامن مع التصعيد المستمر من قبل تيار «المستقبل» والرئيس الحريري على الحزب وإيران وفق التطورات الجارية في سوريا، مشيرة الى ان الاتفاق على خطة عمل مشتركة لإزالة ألاجواء الملبّدة بين الفريقين أمر مستبعد جداً حالياً، لان الشرخ كبير وهناك صعوبة في إلتحامه، بما ينذر بمزيد من التوتر والاحتقان الشعبي المذهبي، وهو أخطر ما يكون في هذه المرحلة المصيرية من تاريخ المنطقة.
وذكرّت المصادر بعودة الرئيس الحريري المفاجئة الى لبنان في شهر آب الماضي، وحينها عادت وساطة المقرّبين للاسراع بإنعقاد لقاء يجمعه مع السيّد حسن نصرالله، لكن الوساطة بدت كسابقاتها وباءت ايضاَ بالفشل ، لذا لا بدّ من انتظار حلحلة الوضع الاقليمي امنياً ومن ثم سياسياً لبلورة المرحلة الضبابية اللبنانية المرتبطة بالتطورات التي تجري في المنطقة.
الى ذلك تشير مصادر «المستقبل» الى ان العوائق عديدة بين التيار والحزب ابرزها: الخروج من سوريا اولاً، وتسليم السلاح غير الشرعي الذي أوجد اسلحة اخرى غير شرعية كرّد على ما يقوم به حزب الله، إضافة الى ضرورة إفساح المجال أمام الجيش لضبط الحدود مع سوريا، مشددة على ضرورة ان يعود حزب الله الى سياسة النأي بالنفس في سوريا ، ومن ثمّ الذهاب الى تفاهم حول مسألة السلاح ، لان السياسة الخاطئة للحزب أوصلت لبنان الى الهلاك، وبالتالي إستدرجت الإرهاب والتطرّف اليه.
وتلفت المصادر الى المبادرة التي تقدّم بها الرئيس الحريري والتي «ما زلنا ننتظر رد حزب الله عليها، وعنوانها الاساسي «فصل الوضع اللبناني عن الوضع السوري»، وعندها سيُفتح باب الحوار القائم على الجديّة والعمل الفعلي، لا على طاولة تجمع افرقاء يتناقشون من دون اي نتيجة».
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...