تبرز مخاوف عدة من دخول ازمة ملف العسكريين المخطوفين في نفق طويل، خصوصاً اذا لم يحصل أي حل لعودتهم، بعد ان بات إقفال الطرقات السلاح الوحيد الذي يملكه اهاليهم في ظل صعوبة تخترق الملف المذكور، نظراً للشروط التي يضعها الارهابيون على الدولة اللبنانية، ومنها إطلاق سراح الموقوفين الاسلاميين الذين أسقطوا شهداء عدة ومعاقين من الجيش اللبناني. وبالتزامن مع صعوبة هذه الشروط، تقول مصادر متابعة للملف تلاشت الوساطات التي بدأت ومنها وساطة «هيئة العلماء المسلمين» افساحاً في المجال امام اطراف اخرى علّها تستطيع إيجاد تسوية للقضية بحسب ما اعلن العلماء، الذين نجحوا منذ فترة بإطلاق سراح عدد من العسكريين.
الى ذلك يبدو ان الملف تضيف المصادر يحوي تعقيدات كبيرة يلفها الغموض، خاصةً بعد أن سرّب المسلحون فيديو يُظهر العسكرييّن يناشدون الدولة الاستجابة لمطالبهم والا سوف يتم قتلهم، ما أثار موجة غضب عارمة من اهالي العسكريين خصوصاً واللبنانيين عموماً، بحيث اعتصمت اعداد كبيرة منهم لمطالبة الدولة بالعمل الجدّي والاسراع في عملية التفاوض مع المسلحين، معتبرين بأن كل دول العالم تفاوض من اجل حرية جنودها حتى ولو كان الخاطفون من المرتزقة، كما ناشدوا التحرّك بكل جدية لإبعاد هذا الملف عن البازارات السياسية.
هذا وتنقل مصادر وزارية لـ«الديار» بأن الوعود التي ُقطعت لرئيس الحكومة تمام سلام خلال جولته الخارجية، تؤكد بأن مفاوضات تجري على نار هادئة جداً يقوم بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم كمفاوض عن الحكومة، في نطاق مماثل لاطلاق مخطوفي اعزاز وراهبات معلولا، لكن بعيداً عن الاعلام لان هذه الطريقة يتبعها اللواء ابراهيم في مفاوضاته، ناقلة بأن هذه التطمينات اوصلها الوزير وائل ابو فاعور بطريقة مقتضبة يوم الاحد للاهالي خلال زيارته لهم في ضهر البيدر، لكن المصادر الوزارية لم تشر الى إمكانية حصول نتائج ايجابية في الملف المذكور لان المفاوضات لن تكون على حساب الدولة اللبنانية وكرامتها كما قالت.
في غضون ذلك كشفت اوساط مقرّبة من اهالي المخطوفين لـ«الديار» بأن كل ما يتم التداول به بخصوص وجود مساع مع دولتيّ قطر وتركيا للمساعدة في إنهاء هذا الملف لم يصل الى مبتغاه، رافضة مقولة أن الدولة لا تخضع للابتزاز وللمفاوضات التي تقلل من كرامتها وهيبتها، وأكدت بأن الايام المقبلة ستشهد تصعيداً واسعاً من قبل الاهالي سيتخطى قطع الطرقات ونصب الخيم، لان اهل أي جندي لن يقبلوا بعد مرور شهرين على غياب ابنهم ان يستمروا في سماع الكلام المعسول والمطمئن وغير الواقعي لانه لا يفيد في هذا الوضع، فالحمل كبير عليهم لانهم ُتركوا وحدهم، وهم املوا بوقوف الشعب اللبناني الى جانبهم لان ابناءهم كانوا يدافعون عن هذا الشعب، وفي المقابل لم يجدوا احداً الى جانبهم.
وشددت اوساط الاهالي على ضرورة التصرّف بحكمة وبأن لا يزايد اي فريق على الاخر في هذا الملف لانه وطني بإمتياز، معتبرة ان هنالك ثمناً سندفعه في كل الحالات لكن نأمل ألا يكون إستشهاد أبنائنا، وختمت بأن على الحكومة إنهاء هذا الملف بطريقة تحفظ حياة عسكرييّها، وإلا سيرافق الاحباط عناصر وضباط المؤسسة العسكرية في حال تم قتل رفاقهم المخطوفين على غرار ما حصل مع العسكريين الثلاثة الذين إستشهدوا منذ فترة بأبشع الطرق على يد الارهابيين.
صونيا رزق