ما الذي يجعل الرئيس بري راغباً في تكرار الحديث عن اشارات ايجابية داخلية وخارجية حول الاستحقاق الرئاسي رغم الضبابية التي تخيم على المشهدين في الداخل والخارج؟ بل ما الذي يجعله يتحرك كمن يسبح عكس التيار في وجه امواج سياسية عاتية رغم معرفته المسبقة بصعوبة الاوضاع وتعقيداتها؟
حتى الآن لا يفصح رئيس المجلس عن تفاصيل الاسباب التي تجعله كمن ينفرد في التفاؤل النسبي، لكن زواره يشعرون انه يملك معلومات ويستند الى وقائع تبعث على مثل هذا التفاؤل اذا ما اكتملت نتائجها بشكل ايجابي.
بعد جلسة التمديد انصرف الرئيس بري الى العمل من اجل تنفيذ ما جرى الالتزام به اي العمل لانتخاب الرئيس الجديد في اقرب فرصة ممكنة، واقرار قانون جديد للانتخابات يشكل الباب الجدي والحقيقي للاصلاح السياسي، والتفت رئيس المجلس الى امور عديدة تساهم في تحقيق هذه الغاية، فانطلق بالنسبة لموضوع الرئاسة من مبدأ اساسي وهو خلق الارضية الصالحة لتجاوز حالة المراوحة التي نعيشها منذ فترة غير قصيرة.
ولذلك ركز جهده في هذا المجال على فتح الحوار بين الاطراف السياسية لا سيما بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» باعتبار ان ذلك سيساهم في الانتقال الى مرحلة التخاطب المباشر ليس في شأن الاستحقاق الرئاسي فحسب بل ايضا في الشؤون الاخرى.
ويقول الرئيس بري هناك حاجة للحوار في اي وقت فكيف اذا كنا نمرّ بظروف استثنائية وصعبة؟ ملاحظاً ان موقف الرئيس سعد الحريري وخطاب سماحة السيد حسن نصرالله الاخيرين يشكلان مقدمة صالحة للحوار الموعود.
ولا يعتقد ان المهمة مستحيلة في اعادة الحوار بين الطرفين، بل ان الاجواء لا تحول دون حصوله طالما توافرت الرغبة المشتركة حوله.
وبرأيه ايضا ان المناخ الحواري العام هو مفتاح الحلول ومن شأنه ان يدفع باتجاه حل كل المشاكل بما في ذلك ازمة الاستحقاق الرئاسي، مشيرا الى ان هذه القضية لا يجب ان تستمر على هذا المنوال.
وينقل عنه زواره ان الاستحقاق الرئاسي مفتوح على كل الاحتمالات وان كل الخيارات مطروحة، ولم يسقط اي اسم او خيار بعد. لكنه يشير في الوقت نفسه الى الدور الذي يلعبه الاتفاق او التوافق في انهاء هذه الازمة.
واذا كانت الظروف الداخلية والخارجية لا توحي بنضوج طبخة الرئاسة خصوصاً في ظل المواقف المعلنة، فان تعاطي الرئيس بري مع هذا الاستحقاق او اي قضية اخرى يأخذ بعين الاعتبار ان لا شيء نهائياً وجامداً في السياسة والمواقف، وبالتالي فان الامور قابلة للاخذ والرد.
ولان المجلس قد دون في محضر جلسة التمديد الالتزام بالعمل على انتخاب رئيس الجمهورية، فان الرئيس بري بادر بعد ذلك لترجمة هذا الالتزام من خلال خلق الارضية الملائمة لتجاوز العقبات والاسباب التي حالت وتحول دون ذلك.
وفي حال سلوك مسار البحث او اختيار اسم توافقي للرئاسة يقول الرئيس بري ان للعماد عون الرأي الاقوى في اختيار الرئيس التوافقي، وهذا واقع لا يستطيع احد تجاهله لانه صاحب اكبر كتلة مسيحية في المجلس.
ولا يحبذ رئيس المجلس الاستمرار في تحميل مسؤولية عرقلة انتخاب الرئيس لهذا الطرف او ذاك، ملاحظا ان هناك انقساماً في الاراء، والمطلوب مقاربة الموضوع بشكل ايجابي لحسم هذا الاستحقاق.
ويضيف، كما ينقل زواره، ان التوافق على اسم رئيس جديد لا يمكن ان يحصل بمعزل عن العماد عون كما لا يكون بمعزل عن الآخرين.
وعلى المحور الثاني بدأ الرئيس بري تنفيذ ما التزام به مجلس النواب في جلسة التمديد لجهة استئناف درس اقرار قانون جديد للانتخابات، وترأس امس في عين التينة اللجنة النيابية العشرية لهذه الغاية.
وحسب احد اعضاء اللجنة فان الرئيس بري شدد خلال الاجتماع على انهاء مهمة اللجنة بمهلة شهر كما صرح في الجلسة العامة، مؤكدا على وجوب عدم تكرار التجربة السابقة للجنة التي استغرقت اجتماعاتها اشهرا عديدة دون الاتفاق على صيغة واحدة.
وطلب ايضا من اعضاء اللجنة عقد اجتماعات متتالية من الان الى نهاية العام سعيا للتوصل الى اتفاق على الصيغة النهائية، مشددا على الانطلاقا من المبادئ التي اتفقت اللجنة سابقا عليها وهي:
– الاجماع على مبدأ النسبية الذي يجب ان يكون في صلب القانون الجديد.
– سلامة التمثيل لكل مكونات الوطن لا سيما المسيحيين.
– التوازن السياسي.
– الغموض البناء بمعنى ان لا تكون النتائج معروفة سلفا.
ووزع على الاعضاء اقتراح النائب علي بزي الذي يقضي بانتخاب 64 نائبا على اساس النسبية في المحافظات الخمس و64 نائبا على اساس الاكثرية في الاقضية الـ26الحالية. مع الالتزام بالمناصفة بين المسيحيين والمسلمين وبالتوزيع الطائفي.
وركز الرئيس بري انه في حال عدم توصل اللجنة الى اتفاق سنذهب الى الهيئة العامة بكل المشاريع واقتراحات القوانين المطروحة حسب ورودها.
وقالت مصادر في اللجنة ان اجواء جدية سادت خلال الاجتماع، لكنها لم تنف وجود مصاعب عديدة بدءا من اشتراط العماد عون تفسير المادة 24 من الدستور حول المناصفة لممر الزامي للاتفاق على القانون الجديد، مرورا بطلب النائب احمد فتفت العودة الى كتلته في شأن الالتزام المسبق الذي طالب به النائب سامي الجميل لحضور الجلسة العامة اذا لم تتمكن اللجنة النيابية من الاتفاق وانتهاء بتفاصيل تطبيق النظام المختلط.
ويقول الرئيس بري، حسب زواره، ايضا ان الصيغة النهائية التي سيتم التوافق عليها من الطبيعي ان تعرض على رئيس الجمهورية بعد انتخابه لابداء رأيه بها، وانه في ضوء ذلك يصار الى تقصير ولاية المجلس الممددة تمهيدا لاجراء انتخابات نيابية.
والى جانب هذين المحورين اللذين يعمل عليهما الرئيس بري فانه يستمر في دعم رئيس الحكومة تمام سلام الذي برهن مدى قدرته على التحمل والصبر حيال الازمات والخلافات التي تنشب داخل مجلس الوزرآء.
ولذلك يحرص على مساعديه خلال اللقاءات شبه الدورية التي يعقدانها في بلورة الافكار التي تساهم في تجاوز هذه الخلافات والعمل على معالجتها، وكذلك على تحصين الحكومة في وجه اي تصدع محتمل.
غانم: مهلة شهر لإنجاز اقتراح القانون
آلان عون سلّم بري رسالة من الجنرال
ترأس بري امس في عين التينة، اجتماع اللجنة النيابية المكلفة درس قانون الانتخابات النيابية، في حضور النواب: روبير غانم، علي بزي، علي فياض، آلان عون، جورج عدوان، سيرج طورسركسيان، احمد فتفت، سامي الجميل، اغوب بقرادونيان، وإميل رحمة. واعتذر النائب مروان حماده عن عدم الحضور لوجوده خارج البلاد.
وبعد الاجتماع، أدلى غانم بالتصريح الآتي: «بناء على دعوة الرئيس نبيه بري، اجتمعت لجنة التواصل النيابية التي كانت قد درست في الماضي وخلال اشهر عدة اقتراحات ومشاريع قوانين الانتخاب، وترأسها دولته، واستمعت الى معظم الاعضاء، والى توجيهات دولة الرئيس الذي شدد على ان هذه اللجنة كانت قد توصلت في الماضي الى بعض المبادىء وتوافقت عليها، وأهمها ان مبدأ النسبية يجب ان يكون في صلب موضوع قانون الانتخاب، وان التوازن السياسي يجب أن يكون محافظا عليه، وان غموضا بناء يجب ان يحيط القانون حتى لا يشعر أي فريق بأنه ينتصر على الفريق الآخر، وان سلامة التمثيل لكل مكونات الوطن اللبناني ولا سيما للمسيحيين يجب ان يكون متوافرا. وجرى التوافق على هذه المبادىء وتقرر ان يصار الى اعطاء هذه اللجنة مهلة شهر تنتهي في أول العام المقبل، على أمل ان تنجز اقتراح قانون ينطلق من الاقتراح الذي تقدم به الاستاذ علي بزي وهو اقتراح القانون الذي يرمي الى انتخاب 64 نائبا و64 آخرين، بين النسبي والاكثري، مع تطويره وتعديله والتوافق عليه بين الاعضاء».
وأضاف: «إذا لم تتوصل هذه اللجنة الى اي اتفاق خلال مهلة الشهر فإن دولة الرئيس سيدعو مجلس النواب للاجتماع ويطرح كل مشاريع واقتراحات القوانين الانتخابية وفقا لورودها، كما صرح في آخر جلسة عامة انعقدت، مع العلم ان اللجنة الفرعية التي كانت لجنة الادارة والعدل قد كلفتها متابعة مناقشة هذا القانون في تفاصيله التقنية، اي في المادة 4 وما فوق، ستتابع عملها على أمل أن تتوصل في آخر الشهر الى انجاز القانون بكامله».
وردا على سؤال قال: «ستجتمع اللجنة في أول جلسة لها بعد اجتماع اليوم (امس)، مع العلم ان زميلنا مروان حماده سيكون غائبا بسبب ارتباطه في الخارج، يوم الخميس الساعة الحادية عشرة قبل الظهر في مجلس النواب في قاعة لجنة الادارة والعدل».
وكان النائب الان عون نقل قبل الجلسة رسالة من رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون الى الرئيس بري.
وصرح بعد الجلسة: «ان الرسالة لها علاقة بطلب عقد جلسة لمجلس النواب من اجل تفسير الدستور في ما يخص المادة 24 التي تتحدث عن المساواة بين المسيحيين والمسلمين في قانون الانتخاب. ونحن نعتبر ان هذا التفسير ممر اجباري لقانون الانتخاب، ولا نريد ان نستمر بالجدل ما اذا كان يحق لنا بالمناصفة ام لا. وهذه الجلسة لتفسير المادة المذكورة، هي ممر إجباري لاقرار قانون الاتنخابات لكي نحدد موقفنا من اي صيغة نهائية يمكن ان تتوصل اليها اللجنة النيابية. في السابق طرحنا القانون الارثوذكسي الذي نعتبره ينسجم مع تفسير المناصفة، فاذا كان هناك تفسير آخر للمناصفة فليتحمل المجلس النيابي مسؤوليته في هذا التفسير، وعلى أساسه نذهب الى صيغ أخرى».
أضاف: «المطلوب اليوم بالنسبة الينا عقد جلسة لتفسير الدستور، وخصوصا المادة 24 وفقا للدستور ولوثيقة الميثاق الوطني».
وأوضح ردا على سؤال: «إن الرئيس بري سيجري الاستشارات اللازمة مع كل الكتل النيابية والقانونيين للنظر في امكان عقد مثل هذه الجلسة وكيفية عقدها».
وردا على سؤال عن استمرار «التيار الوطني الحر» في المشاركة في اجتماعات اللجنة النيابية، قال: «لقد طلب مني دولته الاستمرار، وبالطبع تجاوبت مع طلبه ووافقت على المشاركة في عمل اللجنة في هذا الوقت، وليس لدينا مشكلة في هذا الموضوع».
ثم استقبل بري النائب غازي العريضي وعرض معه الوضع العام، وموضوع قانون الانتخاب.
من جهة أخرى، أبرق بري الى الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس مهنئا بانتخابه.
وأبرق ايضا الى رئيس مجلس الشورى القطري محمد بن مبارك الخليفي مهنئا بتجديد انتخابه.