لم تشهد المفاوضات النووية منذ بدئها في جنيف خريف العام الماضي مدا وجذرا، وتشويشا في المعطيات، كالذي يمر على فيينا هذه الايام، حيث راوحت التصريحات ضمن هامشٍ واسعٍ وأحياناً متضارب، في إطار عملية الضغط المتبادلة في اللحظات الأخيرة قبل نهاية المنازلة المفصلية الشائكة والمعقدة، بين إيران والدول الكبرى، بحسب مصادر في 14 آذار التي تقول انه وسط تضارب التوقعات، حيث يتداخل هامش الغموض والحيرة مع هامش الإرباك من المفاجآت المحتملة، الذي رافق مسار السنوات العشر التفاوضية، ترى المصادر أن معطيات كثيرة طرأت تاركة تداعياتها على ملف المفاوضات،ان لم تكن غيرت من معادلاته وتوازناته، خالطة أوراقه وأولوياته، لغير مصلحة الجمهورية الاسلامية على حدّ قول المصادر ابرزها:
– تجميع السعودية لكل اوراق الضغط الممكنة التي يمكنها استخدامها في اي مفاوضات لاحقة مع طهران، من طرح ادراج حزب الله على لائحة المنظمات الارهابية لمجلس الامن بدعم اميركي، وصولا الى المصالحات العربية والاقليمية الجارية والتي هدفها تطويق ايران ولي ذراعها.
-التحالف الدولي القائم في مواجهة الارهاب والاجندة السرية التي تعمل عليها الولايات المتحدة من خلفه والتي تستهدف اطاحة الرئيس الاسد بعدما نجحت في ازاحة نوري المالكي في العراق بعد اغراق طهران في وحوله.
-المصلحة الروسية بعدم حصول اي اتفاق ذلك ان دور موسكو في المنطقة اقله حتى الساعة قائم على الاستفادة من الازمات الموجودة واطالة امدها.
-سيطرة الجمهوريين على الكونغرس وقدرتهم على عرقلة الاتفاق ذلك ان رفع العقوبات عن طهران يستوجب تصويت الكونغرس، علما ان ديموقراطيين انضموا الى الموقف الجمهوري الرافض للاتفاق .
-بلوغ التمدد الايراني مداه الاقصى مع وصول الجمهورية الاسلامية الى اليمن، وبالتالي بدء موجة الانحسار الايراني .
-نجاح اللوبي الاسرائيلي في احداث خرق كبير في جدار ممانعة الادارة الاميركية وتصديها لموقف تل ابيب الرافض للاتفاق النووي بالصيغ الجاري تداولها.
الا انه من الاكيد ان فشل الاتفاق سيرتب نتائج كارثية على منطقة الشرق الاوسط، يقول المصدر كما ان مصالح المفاوضين تتقاطع، فالرئيس اوباما مضطر الى تعويم نفسه بعد «صفعة» الجمهوريين في الكونغرس، والرئيس الايراني يتطلع الى تحقيق حلم رفع العقوبات وكسب الرهان حول جدوى سياسة الانفتاح، في حين ان اوروبا مهتمة بتسوية الاوضاع في الشرق الاوسط وسحب طهران من محور الممانعة والمقاومة لمصلحة فتح صفحة جديدة يمكن عبرها مواجهة موجة التطرف والارهاب .
امام ذلك، ومن الناحية النظرية، ثلاثة احتمالات وسيناريوهات منتظرة تضيف المصادر:
-إعلان فشل المفاوضات وانهيارها، ما يعني، العودة إلى خيار مربع العقوبات الاول وبشكل أقسى بالنسبة لايران، والعودة إلى البدائل وبينها الخيار العسكري للولايات المتحدة مع ما قد يحمله ذلك من تداعيات خطرة على منطقة الشرق الأوسط وعلى التحالف الدولي ضد الإرهاب.
– نجاح المفاوضات وإعلان اتفاق شامل ونهائي، الامر المستبعد، حيث ترى طهران العقدة في الرفع المتدرج للعقوبات والذي تطالب بأن يكون مباشرا، في مقابل اعتبار الطرف الدولي أن مستويات تخصيب اليورانيوم ومصير مخزونات ما خصبته إيران هو العقبة الحقيقية.
– التوصل إلى «اتفاق إطار» يتم على أساسه تمديد المفاوضات فترة إضافية، أو إلى اتفاق مرحلي يجزىء الحلول. رعم الميل الواضح نحو التمديد ضمن اتفاق إطار لأشهر ثلاثة مقبلة، لان مصلحة الجميع ابقاء الباب مفتوحا لاستكمال البحث في القضايا العالقة، رغم انطواء التأجيل على محاذير ومخاطر في ظل سيطرة الجمهوريين على السياسة الخارجية في أميركا، وفي ظل بروز حالة ضغوط وانتقادات من جانب الجناح المتشدد داخل إيران ضد سياسة روحاني والطريقة التي أدار بها المفاوضات.
الكرة في الملعب الآخر، كما تقول المصادر الإيرانية، فإما تمديد للمفاوضات أو اتفاق سيحصل عاجلا أم آجلا، كما قال رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، رغم ان الساعات المقبلة تراوح بين الحذر المتبادل في التقدم وعدم الرغبة في التراجع أو الوصول الى طريق مسدود، في ظل استعداد لتنازلات متقابلة غير جوهرية، من خلال بحث الممكن المتاح وإرجاء الصعب الممتنع، قد تفتح الطريق أمام أوضاع جديدة ليس اقلها تطبيع العلاقات بين إيران والغرب، وتعزيز التعاون بين واشنطن وطهران لمواجهة الأزمات في سورية والعراق، والتخفيف من خطر الانتشار النووي في الشرق الأوسط، في مقابل إعادة إطلاق إيران اقتصادها واستعادة مكانتها في مصاف أبرز الدول المنتجة للنفط، بحسب المغالين في التقاؤل.
وضع لا بد ان تكون له انعكاسات على الداخل اللبناني، مع ان كثيرين من الاطراف السياسية الداخلية لا يعولون على انعكاسات سريعة على مستوى حل الازمات اللبنانية في ضوء نتائج الحراك الدولي وعلى وجه الخصوص الملف النووي، معتبرين ان نتيجة المفاوضات غير محسومة، واذا تمت التسوية فانها لن تؤثر في شكل مباشر بلبنان ولن تترجم ارتداداتها على الداخل بتفاصيله السياسية، لكن الاجواء الاقليمية ستصبح افضل من خلال انعكاسها على العلاقات الايرانية ـ الخليجية، تتحدث مصادر في الثامن من آذار عن تأكيدات دبلوماسية في بيروت من ان طهران وواشنطن اتفقتا على مقاربة الملف اللبناني بمرونة بعيدا عن التشنجات الطارئة على القضايا الاخرى العالقة بينهما في مسعى مشترك لتكريس منهج الاعتدال والانفتاح ضد الارهاب والتكفير.
ساعاتٌ مصيرية في فيينا تطرح فيها آخر الافكار والاقتراحات وفيها ترتفع حدة الضغط والضغط المضاد بحثا عن تحسين الشروط قبل ساعة الصفر. مفاوضات نووية الخسارة فيها ممنوعة، لقاءات ونقاشات بين الإيرانيين والدول الكبرى تسابق الزمن. فهل يتم تحقيق اختراق يلغي فكرة تمديد المفاوضات؟ فماذا ستحمل الساعات المقبلة؟ وهل يمكن أن نشهد ولادة اتفاق في ربع الساعة الأخير؟ وهل يكون الأجل قريبا، وينجح الإيراني في إتمام حياكة اتفاق استغرق احدى عشرة سنة من المفاوضات؟ أم أن التمديد التفاوضي سيكون سيد المخارج آنياً؟
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...