اعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن ان بلاده قررت تخفيض عدد الديبلوماسيين الاميركيين العاملين في روسيا عبر طرد 755 ديبلوماسياً كرد على العقوبات الاميركية الاخيرة في حق بلاده.
القرار بتخفيض عديد الديبلوماسيين صدر يوم الجمعة الفائت، الا ان بوتين اكد الخبر امس وحدد مهلة للرحيل اقصاها الاول من ايلول 2017.
التدبير الروسي بتخفيض عدد الديبلوماسيين والعاملين في القناصل الاميركية الى 455 لكي يكون متوازياً مع عديد الديبلوماسيين الروس في الولايات المتحدة.
هذا، ويعتبر الاجراء الروسي اضخم واكبر تخفيض لعديد الديبلومسيين في التاريخ الحديث، غير ان العدد 755 يتضمن ايضا عاملين روس في المراكز الثقافية والقنصليات الاميركية المنتشرة في المدن الروسية، سانت بطرسبورغ، موسكو وفلاديفوستوك.
من جهة اخرى، علقت وزارة الخارجية الاميركية على الخطوة بقولها: «نأسف لاتخاذ موسكو هكذا قرار ونحن ندرس حالياً امكانية وكيفية الرد على القرار الروسي».
روسياً، علق الرئيس الروسي على قراره متأسفاً على الخطوة التي لم يكن يريد ان يقوم بها لولا قيام الولايات المتحدة بفرض العقوبات على روسيا.
هذا وكان يأمل بوتين ان تفتح صفحة جديدة مع الولايات المتحدة مع وصول دونالد ترامب الى سدة الرئاسة، غير ان الآمال في تحسن العلاقات في القريب العاجل اصبحت شبه ضئيلة.
الآمال الروسية تلاشت
كانت تأمل روسيا ان ترفع العقوبات الاميركية مع وصول ترامب بعد ان كانت ادارة اوباما فرضت عليها رزمة من العقوبات لدى روسيا لشبه جزيرة القرم. كذلك ان روسيا تريد اعترافاً ضمنياً من الولايات المتحدة انها شريكة متساوية معها في معالجة الازمات الدولية، كما حصل في الجنوب السوري حيث اعلنت منطقة خفض التوتر.
الا ان آمال روسيا تلاشت بعد ان فرض مجلس الشيوخ والنواب الاميركيون عقوبات على روسيا بعد اتهامها في التدخل في الانتخابات الاميركية لصالح ترامب.
هذا وأكد الكرملين أن روسيا تحتفظ بحقها في اتخاذ إجراءات إضافية للرد على العقوبات الأميركية ضدها، لكن الرئيس فلاديمير بوتين يعتبر ذلك أمرا غير مجد في الوقت الراهن.
وأوضح دميتري بيسكوف، الناطق الصحفي باسم الرئيس الروسي، أن موسكو لا تزال معنية بمواصلة التعاون مع الولايات المتحدة في المجالات التي تهتم بها، وحيث يجلب التعاون الثنائي منفعة متبادلة.
وذكر بأن الرئيس الروسي في مقابلة مع قناة «روسيا-1» بثت الأحد، حدد هذه المجالات للتعاون، وتابع قائلا: «الرئيس يرى أنه من المجدي مواصلة التعاون في هذه المجالات».
وأوضح بيسكوف أن منح المهلة الزمنية لتقليص عدد موظفي السفارة والقنصليات الأميركية في روسيا حتى 1أيلول المقبل، جاء انطلاقا من الاعتبارات الإنسانية، مشددا على أن هذه المهلة لا تعني أن المطالبة بمغادرة الدبلوماسيين الأميركيين قابلة للنقاش.
وأكد المسؤول الروسي أن الجانب الأميركي سيتخذ بنفسه القرارات حول تقليص الموظفين في بعثاتها الدبلوماسية بموسكو، موضحا أن الحديث يدور ليس عن الدبلوماسيين فحسب، بل عن جميع العاملين في السفارة والقنصليات الأميركية. وذكر أنه في الوقت الراهن يبلغ عدد العاملين في البعثات الدبلوماسية الأميركية في الأراضي الروسية قرابة 1200 شخص، فيما لا يتجاوز عدد موظفي السفارة والقنصليات الروسية في الولايات المتحدة 455 شخصا. ولذلك سيضطر الجانب الأميركي، استجابة للمطلب الروسي بتسوية عدد الدبلوماسيين في كلا البلدين، لتقليص سلك بعثاته الدبلوماسية بـ755 شخصا.
كما حذر السفير الأميركي السابق في روسيا مايكل ماكفول من تراكم الصعوبات في عملية إصدار التأشيرات للمواطنين الروس في حال تخفيض عدد الدبلوماسيين الأميركيين في روسيا.
وكتب ماكفول في حسابه على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي: «إذا كانت هذه التخفيضات حقيقية، فيجب أن يتوقع الروس انتظار أسابيع إن لم تكن أشهر للحصول على تأشيرات للسفر إلى الولايات المتحدة».
كما أعرب السفير الأميركي السابق في تغريدة أخرى عن شكوكه في أن 755 دبلوماسيا أميركيا يعملون في روسيا بالفعل.
ردود مستقبلية والاقتصاد الروسي
أوضح نيكولاي بتروف من المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو أن «الاجراءات التي اتخذتها روسيا تعكس توسيعا وتعزيزا للمواجهة مع الولايات المتحدة».
وأضاف المحلل السياسي أن «روسيا لا تملك قدرا كبيرا من الموارد الاقتصادية والعسكرية للرد بعقوبات، لكن روسيا قادرة على إلحاق الضرر بالولايات المتحدة على مستوى السياسة الدولية»، مشيرا إلى احتمال وقوع «هجمات معلوماتية جديدة».
كما اعتبر المحلل السياسي فيكتور اوليفيتش في صحيفة إيزفستيا الموالية للكرملين أن عقوبات الكونغرس الأميركي «بددت آمال موسكو بتطبيع سريع».
من جهتها أوردت صحيفة فيدوموستي الليبرالية أن «آمال تحسن العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة إنهارت حتما»، متحدثة عن «مستوى جديد في حرب العقوبات يهدد بإلحاق خسائر بروسيا أكبر من تلك التي ستطاول الولايات المتحدة».
ويبدو المستثمرون من أنصار هذا الرأي نظرا إلى تراجع أسواق المال الروسية بعد تحسن أعقب انتخاب ترامب.
وقد سجل سعر الروبل تراجعا وكذلك مؤشر موسكو ار تي اس الذي خسر أكثر من 1 بالمئة.
وأوضح الخبير الاقتصادي كريس ويفر مؤسس شركة ماكرو ادفايزوري الاستشارية أن «العقوبات الأخيرة ستعزز رسالة مفادها أن روسيا تمثل مجازفة كبيرة» للمستثمرين و«ستعتبر شركات كثيرة ألا داعي للمخاطرة وستنتظر لرصد تطور الأوضاع في السنوات المقبلة».