بالرغم من التأجيل المرغم للهجمات الارهابية في الداخل اللبناني بعد ضربات الجيش المتتالية والمركزية للرؤوس الكبيرة في كل انحاء لبنان فان الهاجس الامني ما زال في المقام الاول للبحث والخوف من قبل اللبنانيين، وفيما مر كلام النائب وليد جنبلاط عن ان «جبهة النصرة» ليست ارهابية جاءه الجواب من «النصرة» نفسها ولو بعد حين تقتل حوالى اربعين شخصاً من الطائفة الدرزية وحجز بعض العناصر التي كانت تدافع عن نفسها، ولم تعرف المصادر السياسية المتابعة كيفية الربط بين الغطاء الجنبلاطي لها وردة فعل هذه الجهة المصنفة عالمياً ارهابية وباتت مواقف النائب طلال ارسلان والوزير السابق وئام وهاب على صواب فيما خص عدم امكانية التحاور او الالتقاء مع من يكفر الجميع، مع العلم ان الجميع كان يشاطر جنبلاط توقعاته والاستماع الى ما تعطيه مواقع الارسال وصوابيتها، ولكن هل ما زال الزعيم الاشتراكي على كلامه؟
هذه المصادر تشير الى ان دعوة جنبلاط للحياد او الابتعاد عن القوى النظامية السورية بعد حصول المجزرة بحق الدروز يعبر عن اعتقاده هو بان الرئيس السوري بشار الاسد سيسقط ولو آجلاً ولكنه لم يوازن بين امكانية ازدياد نسبة الخسائر في طائفته الى حين اوان رحيل الاسد وهذا امر مكلف خصوصاً بعد اقتراب «جبهة النصرة» من حدود منطقة السويداء حالياً وما تفعله «داعش» في حق المقامات الدرزية والاهالي واجبارهم على تغيير معتقداتهم وتقاليدهم الدينية في مناطق الرقة ودير الزور في سوريا، وهذه الكرة الثلجية الارهابية التي اندفعت مؤخراً نحو الطائفة الدرزية قتلاً وتهجيراً لا يمكن لجنبلاط ان يبقي موقفه على ما هو خصوصاً مع تساؤل هذه المصادر عن مسألتين مهمتين حصلتا في الاونة الاخيرة وهما:
اولاً: زيارة جنبلاط الى روسيا والتي لم تكن موفقة لناحية استكشاف الموقف الرسمي تجاه النظام في سوريا وجاءه الجواب سلبياً معطوفاً على الوقت الطويل لمناقشة احوال الرئيس الاسد في سوريا ومستقبل النظام فيه خصوصاتً ان لروسيا علاقات قديمة ومتجذرة مع سوريا عسكرياً وسياسياً وصولاً الى المصلحة الاستراتيجية التي لا تخفى على احد والتي تدخل في اطار صراع الكبار على المنطقة، وهذا الجواب الروسي القاطع لجنبلاط جعله يفكر ويجزم ان النظام السوري يرفع الابط من اجل تهذيب مواقفه ورحلاته وذلك من خلال الدفاع المتوسط الحجم عن المناطق الدرزية في الجولان المحتل يضاف اليها منطقة العرقوب حاصبيا التي سيأتي دورها لاحقاً مع سلسلة من التقارير الجوية حول امكانية فتح الجبهة هناك، ناهيك عن ان حزب الله الذي كسر الارهابيين في مناطق شاسعة وخاض معارك شرسة مع التكفيريين استطاع في خلال مدة قصيرة اقصاء «النصرة» و«داعش» عن شرقي لبنان باكمله ولكن في احداث القرى الدرزية قرب الجولان المحتلة لم يبادر الحزب الى الحزم كما فعل في مناطق اخرى، وهذان الموقفان الروسي ومن قبل حزب الله بمثابة رسالة مزدوجة يضاف اليها الموقف السوري لجنبلاط بالدعوة الى عدم الذهاب والترحال بعيداً والسفر الى الخارج لمحاربة النظام السوري اقله سياسياً.
ثانياً: ان مسألة انتظار جنبلاط على ضفة النهر لحين مرور جثث الاعداء قد طويت ذلك ان المياه جفت ولم يلتقط اياً منها وعمل على تفضيل تقطيع الوقت مع كلبه على «التويتر» بديلا عن الجلوس هناك في فصل الشتاء.
وتقول هذه المصادر ان حيرة جنبلاط تجعله في موقع عدم التركيز الفعلي والاساسي على معرفة الخيط الابيض من الاسود بفعل اختلاط المعطيات غير المؤكدة لديه في اية عاصمة كبرى او اقليمية وان مسألة الزمن ليست لصالحه بعد الحديث عن سنوات كثيرة تستلزم دولياً محاربة«داعش» من جهة وانفتاح بعض المنظمات الدولية وخصوصاً الامم المتحدة على الرئيس السوري لمعالجة قضايا منطقة حلب، وهذا الانتظار الممل والمميت يجعل من فسحة الرؤية ضئيلة للغاية لمستقبل الطائفة الدرزية تماما كما هو حاصل لدى الطائفة المسيحية الغارقة بانقساماتها الى حدود الهاوية والقلق على المصير، واذا تمت عملية فتح جبهة العرقوب وحاصبيا فان «جبهة النصرة» التي هي فرع من تنظيم «القاعدة» لن تشفع بمواقفه بعدم الصاق صفة الارهاب بها ذلك ان رزنامة العمل بين جنبلاط و«النصرة» لا يمكن ان تلتقيان في اي شكل من الاشكال حتى ولو ضمنت دولة قطر هذه الجبهة فان الهوامش التي تتمتع بها من قتل وقطع رؤوس تأتي في سلم اولوياتها في صراعها مع «داعش» نحو التفظيع في القتل والسباق على من يقطع الرؤوس باعداد اكبر من غيره وهذا ما يضع الزعيم الدرزي في الموقع المعيوش من الهواجس المرعبة كلما اقترب من التفكير درزياً وصولا الى عملية تركيب الخوف فوق الخوف مما يولد فزعاً لا يمكن التركيز معه او بواسطته في العمل السياسي، يضاف الى هذا الامر ان دروز سوريا بأغلبيتهم لم يتجاوبوا يوماً مع جنبلاط للهروب من الجيش السوري والانشقاق عنه وكل ما استطاعه تهدئة بعض المشايخ الدروز في لبنان والقيام بجولات لم تفض لاية نتيجة مرجوة.
وها هي منطقة حاصبيا لم تتجاوب معه تضيف المصادر، وعمل اهلها على التسلح وتنظيم انفسهم غير عابئين بصراخ جنبلاط مما يعطي صورة اكيدة عن الفصل القائم بين الدروز انفسهم وفقاً لانتماءاتهم السياسية وهذا ايضاً عامل مرعب اذ يكفي دخول «النصرة» الى احدى البلدات الدرزية والبدء برفع الرؤوس المقطوعة في الشوارع كي يعي جنبلاط انها ارهابية وليست منظمة كاريتاس!!
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...