تكاثرت في الآونة الأخيرة العمليات العسكرية على الحدود اللبنانية السورية بين حزب الله والجماعات المسلحة المدعومة من كافة محاور الإرهاب العالمي وادت الى استشهاد العديد من عناصر حزب الله من جهة ومقتل المئات من تلك الجماعات بالإضافة الى اسر العديد منهم.
لكن ما نود الحديث عنه هنا، لا ينطلق من مفهوم تقييم معطيات المعارك وأخبار الجبهات المفتوحة في اكثر من مكان على تلك الحدود، بقدر ما نريد محاولة فهم السيناريو الذي أجبر حزب الله على الدخول في هذه المعارك بهذه القوة والتصميم.
فما هو هذا السيناريو؟
السيناريو الجهنمي لهذه الجماعات الإرهابية كان قد وضع حيذ التنفيذ وقد أبلغته أجهزة استخبارات دولية لأجهزة امنية لبنانية تفيد بنية هذه الجماعات الدخول الى مناطق وقرى في البقاع اللبناني لتنفيذ مجزرة تاريخية بحق الأهالي هناك وأسر عدد منهم وسعيهم أيضاً الى أسر عدد من جنود الجيش اللبناني بغية مقايضتهم على موقوفين في سجن رومية.
وصلت هذه المعلومات سريعاً الى القيادة العليا في حزب الله التي أمرت بتعزيز نقاط المراقبة لعناصرها على كافة الحدود اللبنانية السورية وتشكيل غرفة عمليات واسعة تكون على اتم الجهوزية لمواجهة أي امر مشبوه بالقوة مهما كلف الامر من تضحيات حماية للمدنيين الأبرياء، فالسيناريو اصبح واضحاً، لا يوجد هدف عسكري أو تكتيكي لهذه الجماعات الإرهابية، فهم يسعون فقط الى ضرب المجتمع اللبناني من خلال قيامهم بمجزرة مروعة على غرار ما قاموا به في العراق وسوريا على امل ان يُأجج ذلك النعرات الطائفية.
حزب الله لم يشأ في بداية الأمر ان يفتح المعركة قرب المناطق المأهولة، لذلك رد على هذه التهديدات بمناورة عسكرية علنية في وضح النهار في مرة غير مسبوقة في مناطق بقاعية لبنانية أبرزها اللبوة والعين أراد من خلالها اظهار استنفاره واستعداده التام لمواجهة أي اختراق كرسالة الى الأهالي أولاً ليطمأنهم ان حزب الله يسهر على أمنهم وراحتهم ورسالة الى هذه الجماعات التي تبين انها لم تفهم الرسالة.
وكإجراء استباقي ولإبعاد خطر هؤلاء عن الحدود، قام حزب الله بتسيير “رحلات جوية” لطائراته الاستطلاعية للكشف عن مخابئ وحصون المسلحين في الجرود وقام بعمليات محدودة الطابع والاهداف.
كل ذلك كان يمكن ان يصنفه حزب الله ضمن خانة ” المناوشات العسكرية” الى ان رصد تقدم لمجموعة من المسلحين قوامها مئات العناصر نحو مناطق مأهولة فأيقن أن ساعة الصفر قد بدأت وتعامل معها بالأسلحة المناسبة واستقدم آلياته الثقيلة لبدء ما سُمي لاحقاً بمعارك القلمون وهو على دراية بمستوى التضحيات التي سيقدمها نتيجة الجغرافيا الصعبة للمنطقة من تلال ومرتفعات ومغاور صخرية ونتيجة تحصن ما يقارب الـ 5000 مسلح في هذه المنطقة، ولكنه على علم أيضاً ان نجاح هذ المجموعات بالوصول الى احدى القرى اللبنانية ستكون مصيبة معنوية بالغة الخطورة على لبنان ولا أحد يعلم نتائجها وارتداداتها الأمنية والمذهبية خصوصاً في منطقة جرود عرسال وتنوع محيطها المذهبي.