في كل مرة يصعد سلطان الوهم العثماني أردوغان من تهديداته للدولة الوطنية السورية ويتوعد بتنفيذ غزو عسكري لأراضيها يتساءل كثيرون عن حلفاء سوريا وشركائها وما يمكن ان يفعلوه في مساندتها ضد أي عدوان.
أولا : مؤخرا طرحت أسئلة كثيرة عن مواقف إيران وروسيا والصين منذ إعلان حملة اوباما وتغييره ليافطة حلف العدوان على سوريا بتقديمه بعد إعادة طلائه في جدة حلفا ضد «داعش» و«النصرة» والدولة السورية معا.
تكشفت في الغرب وقائع إعلامية كثيرة عن آليات التنسيق الأميركي غير المباشر مع القيادة السورية في إدارة حملة اوباما الجوية ورغم ما ظهر من معالم الخطوط الحمراء الإيرانية والروسية الداعمة لإرادة المقاومة السورية الحازمة في وجه أي عدوان فقد عاود المتسائلون رسم إشارات الاستفهام عن مواقف الحلفاء والشركاء بعد عربدة رجب أردوغان وتحريكه لحشد عسكري قبالة عين العرب التي رسمت لها صورة الذريعة المكتملة للتدخل بينما توهم أردوغان فرصة سانحة لتحويل ذلك الوهم إلى آلية جاهزة لفرض إقامة منطقة عازلة تسمح بتطوير العدوان البري على الدولة السورية بالتوازي مع رغبته بانتقال محتمل لوجهة الغارات الأميركية إلى استهداف الجيش العربي السوري ومنشآت الدولة الوطنية السورية ومناطق سيطرتها حيث تواصل في مناخ احتضان شعبي واسع عملياتها لسحق معاقل الجماعات الإرهابية المختلفة بالتوازي مع التفكيك المستمر لشبكاتها الأهلية بواسطة المصالحات المحلية وبالطبع بين الأوهام والرغبات ظهرت إرادة التصدي السورية وخطوط حمراء عريضة رسمها شركاء سوريا بقوة ووضوح.
ثانيا : تنطلق تحالفات سوريا الدولية والإقليمية من أرضية صلبة لمصالح استراتيجية مشتركة ومن يعيد قراءة المعطيات يجد ما هو أبعد من التلاقي على ضرورة تخليص العالم من نير الهيمنة الأحادية للولايات المتحدة فكل من روسيا والصين وإيران تخوض مواجهتها الخاصة مع الضغوط والتدخلات الأميركية المباشرة في جبهات اوكرانيا وهونغ كونغ والعراق واليمن وأفغانستان وهذه الدول الحليفة لسورية تيقنت وبالوقائع العملية ان صمود الدولة الوطنية السورية أتاح لها تحقيق منجزات كثيرة في مجابهة الإمبراطورية الأميركية التي أرغمها ذلك الصمود على الرضوخ لمبدأ الاعتراف بالقوة الإيرانية الصاعدة وبدورها الإقليمي والدولي فأملى على إدارة أوباما الانطلاق في خط التفاوض مع الجمهورية الإسلامية ومباشرة تفكيك العقوبات التي فرضت على إيران منذ انتصار الثورة.
كذلك حظيت روسيا والصين بفرص ثمينة لتصعيد حضورهما الدولي وتطوير محور عالمي جديد تجلى بمجموعة البريكس ومنظمة شانغهاي نتيجة الصمود السوري الذي لولاه لباتت المعارك تخاض في بكين وموسكو مباشرة دفاعا عن الوجود وليس من اجل حماية مواقع النفوذ ولهذا السبب وبصورة أقوى مما حصل في العام الماضي بعد الإعلان عن اعتزام اوباما ضرب سوريا، تحرك حلفاء سورية بعد إعلان الحلف الدولي بقيادة اوباما كما تم رسم خط أحمر سوري في التعامل مع الغارات وظهرت المواقف الصلبة لكل من روسيا وإيران والصين في تعبيرات وتحذيرات صارمة وما تزال التحركات الأميركية تحت متابعة صارمة وشديدة الانتباه من جانب القيادة السورية وشركائها الكبار لممارسة الردع القاسي في أي لحظة موجبة ولا مجال للمفاجآت.
ثالثا : خيبة أردوغان وسقوط ما روجه عن المنطقة العازلة بالأمس والتراجعات الصريحة في الغرب وتقهقر حكومة أردوغان إلى المطالبة بقرار دولي تعلم انه مستحيل فقد التمس حلفاء تركيا في الناتو حزم سوريا في إرادة الدفاع ضد أي غزو تركي وتصميما إيرانيا متصاعدا على دعم القوات العربية السورية مباشرة هذه المرة وعزما روسيا وصينيا على اعتراض أي غزو بري للأراضي السورية وأي تحويل للضربات الجوية صوب الدولة الوطنية السورية وقواتها المسلحة.
إيران تلتزم بمضمون شراكتها الاستراتيجية بمحور المقاومة مع كل من سوريا والمقاومة اللبنانية وهي تدرك جوهر المعركة المحتملة ضد الجيش التركي او ضد حلف اوباما وهذا هو سر تسارع التصريحات الإيرانية القوية خلال الأيام القليلة الماضية بصورة تعود بالذاكرة إلى زمن الإنذارات السوفياتية الشهيرة. اما روسيا والصين فلديهما حسابات ثنائية صعبة مع سلطان الوهم العثماني الذي يدعم جماعات إرهابية وانفصالية في البلدين من الشيشان والتركمان إلى الإيغور وثمة إرهابيون يحملون الجنسيتين الروسية والصينية تدربوا بإشراف المخابرات التركية وتحت حمايتها ويقاتل بعضهم ضد الدولة السورية ويلوح خطر نقلهم بتسهيل تركي أيضا للتخريب على الأرض الروسية والصينية ومن هنا فموسكو وبكين معنيتان مباشرة بكبح الوهم العثماني الذي يحرك عدوانية أردوغان ضد سوريا.
مساهمات الشركاء والحلفاء في تدعيم القدرات السورية سياسيا وعسكريا واقتصاديا سوف تتصاعد نوعيا خلال الفترة المقبلة وتسارع عمليات الجيش العربي السوري سوف يتعزز بزيادة منسوب الدعم والإسناد الذي ذهبت به التصريحات الإيرانية الأخيرة نحو الاستعداد للمشاركة في القتال بناء على أي طلب سوري بينما يتضاعف حجم القطع البحرية الروسية ويتكهن كثيرون في الغرب بغزارة ما تفرغه حمولاتها من أسلحة حديثة متطورة اما الصين فقد باتت على يقين بأن سوريا هي خط الدفاع الأمامي لحماية القوة الصينية العملاقة في وجه خطري الهيمنة الأحادية والتكفير الإرهابي وذلك كله سيعجل في إيقاع الإنجازات السورية بالميدان ويحضر لمعادلات جديدة تسبق بها القيادة السورية رهانات أوباما الافتراضية على تصنيع جيوش من المرتزقة تعمل تحت غطائه الجوي.
غالب قنديل