هل دقت ساعة الحوار بين تيار المستقبل، وحزب الله، وعمليا بين 14 و8 آذار في
المفهوم العام حقا؟
المرجح انطلاق قطار الحوار في التاسع والعشرين من ديسمبر الجاري، وفق توقعات
مصادر سياسية، لوكالة «الأنباء المركزية» المحلية، وذلك من محطة مقر رئاسة مجلس
النواب في عين التينة وبرعاية رئيس المجلس نبيه بري، المضيف للحوار، والذي قد يفتتح
اللقاء بين مدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري وبين المعاون السياسي للأمين
العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الحاج حسين خليل، ثم يتمثل بالوزير علي حسن
خليل.
أكثر من جهة عرضت المشاركة، لاسيما اللقاء النيابي الديموقراطي برئاسة وليد
جنبلاط، الذي لا يريد لهذا الحوار أن يبدو ثنائيا أو رباعيا، مع التشديد على أن
مقاربة الاستحقاق الرئاسي بين المتحاورين، ستتناول المواصفات لا الأسماء أو
الاختيارات، فهذه متروكة للمعالجة مع الفرقاء الموارنة المعنيين.
ومن هنا، ذهاب التوقعات الى حد رؤية العماد عون والدكتور جعجع، في لقاء ثنائي
مطلع السنة الجديدة، وسيكون لقاء من دون شروط ومفتوحا على كل الملفات، من رئاسة
الجمهورية الى قانون الانتخابات، الى ما حولها من قضايا عالقة.
وعلى صعيد المواقف من الحوار، جدد الرئيس ميشال سليمان التأكيد على أهمية تضافر
جهود كل الأفرقاء في سبيل إيجاد توافقات داخلية حول الملفات الأساسية، وعلى رأسها
انتخاب رئيس للجمهورية، معتبرا أن الحل يجب أن يرتكز على منهجية الحوار التي هي
الأساس في معالجة كل الامور.
وعلى خط التواصل من أجل لقاء العماد ميشال عون ود.سمير جعجع العائد من المملكة
العربية السعودية، بدعم لتوجهاته الوفاقية، رجح رئيس المجلس العام الماروني الوزير
السابق وديع الخازن، الذي توسط من أجل هذا اللقاء، أن يلتئم الاجتماع على مستوى
العماد عون ود.جعجع مطلع السنة الجديدة.
بالمقابل أوضح مسؤول الإعلان في التيار الوطني الحر أنطوان نصرالله، أن احتمال
اللقاء مطلع السنة وارد، لكن حتى الآن لا موعد دقيقا، بعد زيارة جعجع الى السعودية.
غير أن مصادر سياسية ربطت توقيت زيارة رئيس حزب «القوات اللبنانية» د.سمير جعجع
الى المملكة العربية السعودية، بموعد وصول الموفد الفرنسي جان فرانسوا جيرو إليها،
في إطار جولته على الدول المعنية بالملف الرئاسي اللبناني من جهة، والتحضيرات
لمتابعة الاستحقاق من قبل الفرنسيين والروس كل على حدة، من جهة أخرى، وقالت المصادر
ان نقاشا معمقا دار بين المسؤولين السعوديين وجعجع، في ملف الرئاسة وأبعاده. وفي ظل
غياب أي مواقف حاسمة في الموضوع، كان بحث في المعطيات بين الطرفين، خرج بإجماع على
أن العرقلة غير متأتية من الجانب السعودي بل من إيران وفريق 8 آذار.
وتبين لجعجع وفق المصدر أن السعودية تشجع مهمة جيرو شرط توافر ظروف نجاحها.
فالأميركيون أعطوا الفرنسيين ضوءا أخضر لاستكمال مساعيهم في ملف الرئاسة،
والفرنسيون يتعاطون مع القضية حاليا كما عملوا مع الإيرانيين لتشكيل الحكومة بعد
هبة الثلاثة مليارات للجيش، وهم يعتمدون الأسلوب نفسه اليوم، لأن الوضع سهل مع
السعودية والعقدة في مكان آخر.
ولمس جعجع أن لا تأثر سلبيا لأي تقارب إيراني – أميركي على السعودية لجهة تأثيره
على الوضع اللبناني، فالسعودية مصرة على ضرورة انتخاب رئيس للبنان، لكن العملية لا
ترتبط بهم فقط، بل بمجموعة عوامل تتطلب تعاونا إيرانيا.
وأضافت المصادر أن لقاء رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري وجعجع، كان استثنائيا
ومميزا، تخلله بحث في شؤون 14 آذار، وتأكيد على أهمية حماية 14 آذار كمنطلق لحماية
لبنان. وتركز البحث على نقطتين: رئاسة الجمهورية والحوار المرتقب بين «المستقبل»
و«حزب الله»، وأكد الحريري خلال اللقاء ان معادلة (س – س) (سعد – سمير) غير قابلة
للكسر ولا يهزها أي حوار، كما شدد على أنه سيتواصل مع جعجع مجددا إذا تطرق الحوار
مع «حزب الله» الى الملف الرئاسي. من جهته، شدد جعجع على أنه يؤيد أي خطوة تساهم في
تحييد لبنان وتنفيس الاحتقان، على أن يكون الحوار خيارا وليس موسميا، يلجأ اليه
البعض عند شعوره بالضعف فقط.
على صعيد ملف العسكريين المخطوفين رد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد
جنبلاط على رسالة داعش حول موضوع الاسرى قائلا لم ولن نتخلى عن دور الوساطة تحت
مبدأ المقايضة في اي ظرف، ولست افهم اتهام ممثل الدولة الاسلامية حول فرنسا وغير
فرنسا.
وأضاف في سلسلة تغريدات عبر حسابه على تويتر: لا علاقة لنا بما يفعله او يقوله
الغير، وليس هذا الكلام للتجريح بسعد الحريري او د.سمير جعجع. وأكد جنبلاط ان
الوزير وائل ابوفاعور قام وسيستمر بجهوده للتبادل على قاعدة المقايضة بعيدا عن
حسابات الغير.
وكان الشيخ وسام المصري الذي يطرح نفسه وسيطا في قضية العسكريين اللبنانيين عاد
بشريط فيديو من لقائه العسكريين المحتجزين لدى داعش، يتضمن الى جانب التهويل بذبح
ثلاثة عسكريين تهديدا موجها الى الرئيس سعد الحريري، ود.سمير جعجع والنائب جنبلاط،
على التوالي، وباللغة الفرنسية وفيها يقول مسلح ملثم: اسمعوني جيدا: الدولة
الاسلامية هي الآن في حالة حرب ضد حزب الله، الذي يتدخل في شؤون المسلمين في الشام،
والذي قتل نساءنا وأطفالنا، من المؤكد انكم مجرمون انتم المسؤولون الوحيدون عن
مستقبل مواطنيكم، حياتهم او موتهم مرتبط بقراركم.
ويبدو ان قناة تلفزيونية محلية «اشترت» هذا الشريط في حين يؤكد الشيخ المصري
بأنه سلمه الى جهة رسمية وليس اعلامية.
ويقول حسين يوسف والد الجندي المخطوف محمد يوسف ان الشيخ المصري اكد استطاعته
تحرير العسكريين خلال اسبوعين، حال تم تكليفه رسميا.
والمصري هو امام وخطيب مسجد ابو الأنوار في طرابلس، وينتمي الى اللقاء السلفي،
المنشق عن الجماعة السلفية بقيادة داعي الاسلام الشهال.
ويقول المصري في تصريحات لوسائل الاعلام انه انجز ما وعد به الخاطفين، حيث عقد
المؤتمر الصحافي في ساحة اعتصام الاهالي لإعلان استيائهم من المواقف السياسية
الداعمة لاستمرار تدخل حزب الله في سورية، وقام بتوزيع شريط الفيديو الذي سلموه
إليه، والمتضمن التهديد المباشر باللغة الفرنسية لكل من الحريري وجعجع وجنبلاط، وهو
الآن ينتظر تحديد موعد عودته الى الجرود سعيا للحصول على تعهد منهم بعدم اعدام
العسكريين.
ويضيف أنه لمس خلال لقاءاته مع المعنيين في الدولة اللبنانية ان اطرافا سياسية
لا تعطي اهمية لهذا الملف، بل وتحاول استفزاز الدولة الإسلامية لتقدم على إعدام
العسكريين والانتهاء من هذا الملف برمته، ملاحظا ان بين المخطوفين اثنين يعانيان من
الامراض، فالعسكري سيف ذبيان يعاني من التهاب حاد في الاذن، والعسكري وهبي تجتاح
الالتهابات احدى رجليه، وإلى جانب الطقس السيئ هناك فقدان الادوية المناسبة.
ويخطط المصري لأن تشمل زيارته التالية للجرود المخطوفين لدى جبهة النصرة.
وفي المعلومات المخابراتية أن أبا الوليد المقدسي، يرجح أن يكون الشيخ مجد الدين
الذي كان يشغل موقع «الأمير الشرعي» للنصرة في القنيطرة، قبل أن ينضم الى داعش، وهو
تصادمي، وكان يعرف بـ«أبو الوليد الصومالي».
اما ابو بلقيس، فمعروف بتطرفه، ويعتقد انه يحمل الجنسية الفرنسية، وربما كان هو
نفسه الذي تحدث بالفرنسية في شريط الفيديو الذي نقله الشيخ وسام المصري من داعش
وفيه تهديد بقتل ثلاثة مخطوفين من العسكريين فضلا عن تحذير الحريري وجنبلاط وجعجع،
الذين وصفهم بحلفاء فرنسا في لبنان.
مصادر مسؤولة في فريق الثامن من آذار كشفت لـ«الأنباء» عن نشر حزب الله لسرايا
المقاومة التي تضم عناصر من الأحزاب الحليفة كالبعث والقومي السوري والتوحيد
اللبناني، ومختلف التنظيمات والجماعات، كل في محيطه البيئوي والمذهبي، على طول
الحدود الممتدة من عرسال شمالا حتى البقاع الغربي جنوبا، والبالغة نحو 90 كيلومترا.
ويقول نائب من 8 آذار، إن نشر هذه المجموعات يعكس المخاوف من استعدادات داعش
لتسخين محاور الحدود مع لبنان، في سياق استراتيجية الدفع بحزب الله الى الانسحاب من
الداخل السوري. علما أن مواجهة محاولة التسلل عبر محور عرسال مازالت قصرا على الجيش
اللبناني.
وقد أعلن الناطق باسم الأهالي حسين يوسف، أنهم سيحاولون الاجتماع برئيس الحكومة
تمام سلام، لحثه وحث الحكومة على تفويض الشيخ المصري لمعالجة هذه المحنة.
ووسط القلق والحزن والحيرة يستمر الاهالي في اعتصامهم في ساحة رياض الصلح التي
هي بمنزلة الباحة الأمامية، والممر الإلزامي الى السراي الحكومي الكبير متطلعين الى
فرج قريب.