قررت الحكومة بعد حوالى الشهر من معركة عرسال وخطف حوالى 28 عسكريا ودركيا على يد تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» الارهابيين عدم الرضوخ للابتزاز او المقايضة، من دون ان تقفل باب التفاوض غير المباشر الذي كانت سلكته عمليا في وقت مبكر من هذه القضية لا سيما عبر تركيا وقطر من جهة او عبر «هيئة العلماء المسلمين» من جهة اخرى.
وتقول المعلومات انه منذ ان جرى اطلاق بعض الجنود وعناصر قوى الامن من مذهب معين ادركت الحكومة ان خط التفاوض الاول الذي افسحت المجال لسلوكه تميز بشبهة واضحة تعتمد على اللعب على وتر المذهبية لخلق اجواء فتنة تنعكس على غير صعيد.
ولذلك حاولت بعد ذلك التركيز على خط الاستعانة بالتحرك نحو تركيا وقطر لما لهما من تأثير على هذه المجموعة او على الاقل على «داعش» تحديدا، لكن النتائج التي رصدت حتى الان لا تبدو انها مرضية ومشجعة، خصوصا ان حماسة المسؤولين في هذين البلدين للتجاوب مع الدولة اللبنانية كانت اقل من تلك الحماسة التي ظهرت في التعامل مع الراهبات اللواتي خطفنا في سوريا (معلولا) او مع مخطوفي اعزاز السورية ايضا.
ومع ذلك واصلت الحكومة اتصالاتها مع المسؤولين الاتراك والقطريين لمضاعفة جهودهم وكسب تحرك مباشر من قبلهم سعيا الى الضغط على التنظيمين من اجل الافراج عن العسكريين المخطوفين.
وتقول مصادر مطلعة على هذا الملف ان علامات استفهام طرحت حول نتائج انتقال رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري الى لبنان بشكل مفاجئ بعد اندلاع معركة عرسال لا سيما ان الكثيرين ربطوا بين هذا التحرك وامكانية تدخل المملكة العربية السعودية المباشر لمساعدة لبنان في استدراك تداعيات ما حصل لا سيما على صعيد قضية العسكريين المخطوفين التي يمكن ان تزعزع الوضع والاستقرار اذا ما تطورت بشكل سلبي، واشارت المصادر الى ان النتيجة المباشرة الملموسة لمجىء الحريري الى لبنان على عجل كانت الاعلان عن هبة المليار دولار للجيش والقوى الامنية، مع العلم ان هذه الهبة لم تترجم تنفيذيا حتى الان بالسرعة المطلوبة عدا عن الملابسات والشبهات التي اخذت تتزايد وتتراكم حول مصير هبة الثلاثة مليارات السابقة.
ومع اشتداد الضغط عليها نتيجة خطورة قضية العسكريين المخطوفين والتقارير والمعلومات الحسية عن عودة تحرك المسلحين الارهابيين بحرية من والى عرسال تقول المصادر وجدت الحكومة نفسها، امام وضع دقيق وصعب ما حدا بها الى تخصيص الجلسة الاخيرة لها لمناقشة وحسم الموقف اللبناني الرسمي على الاقل من هذه القضية.
ويقول مصدر وزاري ان ما خرجت به الحكومة بعد الجلسة يعتبر تقدما مقبولا وقرار استدراكيا لحالة الارباك التي سادت في الاسابيع المنصرمة منذ بدء الازمة، مشيرا في الوقت نفسه الى ان مجلس الوزراء تبنى قرارات وخطوات عديدة من جملة بنود كان يفترض ان تكون كلها موضع توافق بين اعضائه ويشير الى ان ما قبل جلسة مجلس الوزراء الاخيرة غير ما بعدها، وان الدولة ربما استطاعت في ضوء ما اتخذته من قرارات رسم خارطة طريق جديدة معجلة ليس للعمل من اجل الافراج عن العسكريين المخطوفين فحسب بل ايضا من اجل معالجة ازمة عرسال المحتلة والمخطوفة باعتراف وزير الداخلية نهاد المشنوق.
ووفق المعلومات المتوافرة فان الحكومة ستعمل على اكثر من خط للتعاطي مع هذا الوضع:
1- على الصعيد التفاوضي غير المباشر، تقرر مواصلة المسعى لدى قطر وتركيا لكسب الضغط المناسب من اجل الافراج عن العسكريين وسيكون هناك تحرك ناشط في هذا المجال خلال الايام القليلة المقبلة.
ويتلازم مع هذا التحرك اتصالات اخرى مع المراجع والجهات الدولية والدول النافذة والمؤثرة لا سيما الولايات المتحدة التي تملك بدورها مفاتيح عديدة لا سيما على صعيد تسريع تعزيز تسليح الجيش خصوصا من خلال المساعدة السعودية التي لا تزال تتأرجح بين ما يحكى عن مزيد من الدرس وبين العوائق التي توضع تحت حجج عديدة منها عدم تسرب السلاح الحديث لحزب الله.
2- تخلي الحكومة عن سياسة الانجرار الى الابتزاز واستخدام بعض اوراقها ومنها موضوع الموقوفين الارهابيين الذين يمكن ان يكون ورقة قوية بيدها وليس ضدها اذا ما سارت باتجاه اعلان تنفيذ الاحكام الصادرة بحق بعضهم.
3- اعطاء الجيش الضوء الاخضر الحقيقي في الاندفاع بقوة نحو تشكيل خط فاصل بين الجرود وبلدة عرسال، خصوصا ان المسلحين الارهابيين يتحركون اليوم بحرية من والى داخل البلدة ويستخدمونها كشريان للتمون بالغذاء وغير ذلك.
وتقول مصادر مطلعة ان الجيش قادر على القيام بهذه الخطوة وفق ترتيبات لوجستية وميدانية مرسومة ودقيقة، وان الخطة وتوقيتها يفترضان ان تترك لقيادته مع العلم ان الحاجة لزيادة وتعزيز تسليحه مسألة ملحة وفورية ولا يجب استمرار التلكؤ فيها.
– بعد قرار مجلس الوزراء حول الوضع في عرسال وقضية العسكريين المخطوفين والموقف التضامني الموحد داخل الحكومة الذي انتج مثل هذا القرار، لا بد من ان ينسحب ذلك ايضا على طريقة التعامل الاعلامي مع هذا الموضوع بحيث لا يفترض ان تترك ثغرات من هنا وهناك تستفيد منها المجموعات الارهابية لتحقيق مآربها والضغط على لبنان عبر عرسال او قضية العسكريين المخطوفين.
محمد بلوط
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...