وأخرى سياسية قريبة من أجواء اليرزة يلاحظ الآتي:
1 ـ هناك مفاصل أمنية يعطيها الجيش الأولوية وهي: المفصل الأول: يتعلق بالوضع في
محيط عرسال حيث تؤكد المصادر أن الجيش أكد كل ما يلزم من استعدادات عسكرية لوجستية
تحسبا لأي عدوان إرهابي قد تقوم به المجموعات المسلحة. وان هذه المجموعات تعرف
تماما مدى الخسائر الكبيرة التي تكبدتها في المعركة الأخيرة، ورغم ذلك فالجيش يتحسب
لكل الاحتمالات التي قد يلجأ إليها المسلحون خصوصا مع بداية فصل الشتاء.
المفصل الثاني: ما له علاقة بتحرك الخلايا الإرهابية في غير منطقة لبنانية، وهذا
الأمر يخضع لمراقبة دقيقة من الجيش وكل الأجهزة الأمنية، وعلى هذا الأساس تتم
المداهمات في مخيمات النازحين.
المفصل الثالث: ما له علاقة بوجود مجموعات مسلحة في طرابلس. وتقول المصادر إن
المسألة في المدينة لها أبعادها السياسية والحرص على منع سقوط ضحايا مدنيين، ولهذا
يحاذر الجيش الدخول الى باب التبانة حيث تتواجد مجموعات مسلحة معروفة لدى الجيش.
وتضيف ان الجيش امتنع عن دخول هذه المنطقة نظرا لشوارعها الضيقة وكثافة الوجود
الشعبي فيها، بالإضافة الى علاقة هذا الأمر بالموضوع السياسي.
2 ـ قيادة الجيش أنجزت في الأيام القليلة الماضية تصورها للمرحلة المقبلة من
المهمة المنوطة بها لمواجهة عاصفة الإرهاب بدأب وحرفية لفك أسر قرار البلاد من خلال
استرهان عرسال.
ويقوم التصور على القواعد الآتية:
? ان المهمة الأساسية والعاجلة هي منع استنزاف الجيش من المسلحين وإعطاء أدلة
عملية وبراهين حسية تثبت أن زمام المبادرة في يد الجيش، الأمر الذي من شأنه أن يفوت
الفرصة على أحد أهداف المجموعات المسلحة وهو إظهار الجيش والدولة في حال عجز عن
الفعل، أي أسر القرار الوطني.
? على المستوى الميداني، رصد المتابعون للموقف على الأرض أن ثمة تدابير وخطوات
جديدة فاعلة في إطار السعي الى محاصرة المسلحين وسد سبل التحرك أمامهم، وذلك
انطلاقا من تصور معلن وهو أن المواجهات مع هؤلاء المعتدين لم تضع أوزارها، وأن
الرهان على تسلل الوهن الى عزيمة القيادة العسكرية هو مجرد وهم وسراب. ولم يعد
خافيا أن من جملة هذه الخطوات تعزيز وجود الجيش في ميدان المواجهات واتباع
إستراتيجية جديدة في ضرب أهداف المسلحين ومواقعهم.
? ان قيادة المؤسسة العسكرية توائم في إنفاذ المهمة الموكولة إليها بين أمر جبه
المجموعات المسلحة المعتدية وأمر الحرص على أهالي عرسال وتوفير كل مستلزمات العيش
الكريم ومقومات استقرارهم، بدليل أنه لم تصدر أي شكوى من الأهالي عن أي نقص في أي
مادة من مواد العيش والطبابة والإغاثة، وهو ما يدحض الشعار المزعوم عن «ذبح عرسال».
3 ـ تنظيما «داعش» و«النصرة» يهدفان من وراء حملة التحريض والابتزاز والتخويف:
ـ محاولة تأليب الرأي العام داخل الطائفة السنية من خلال الزعم بأن إجراءات
الجيش لضبط الخلايا الإرهابية تستهدف أبناء الطائفة.
ـ محاولة تخفيف الحصار المحكم عن المسلحين في جرود عرسال، خصوصا أن الإجراءات
التي اتخذها الجيش في الأسابيع الـ 3 الماضية منعت كل أشكال التهريب للمحروقات
والمواد الغذائية ما أدى الى مشكلة كبيرة لدى المسلحين، خصوصا أن معابر التهريب
مقفلة من الجانب السوري. والمسلحون يريدون أن تكون لديهم ممرات آمنة للتزود
بالمحروقات والمواد الغذائية.
4 ـ الأسابيع المقبلة حاسمة في معركة الجيش مع الإرهابيين في ظل سباق الطرفين مع
اقتراب فصل الشتاء. الجيش يحصن مواقعه في جرود عرسال ويعززها، ومرتاح للإجراءات
الأخيرة التي اتخذها، وخاصة لناحية الفصل بين الجرود وبلدة عرسال. وأقصى وأفضل ما
يمكن القيام به حاليا هو الضغط على الخاطفين ومنعهم من التجول بحرية، فتنفيذ عملية
كبرى في الجرود تتعدى قدرة الجيش لأسباب ميدانية ولوجستية، فضلا عن الأسباب
السياسية الداخلية.