لم تتوقف الأجهزة الأمنية اللبنانية عن تلقي تحذيرات بإمكانية تدهور الوضع من جديد في عرسال وطرابلس وغيرها من المناطق التي كانت بعيدة عن التوتر الامني، بحسب ما اشارت مصادر سياسية، حيث اكدت أن دبلوماسيين غربيين ابدوا تخوفاً من انتقال الوضع المتدهور الى البقاع الغربي وصولاً الى حاصبيا، خصوصاً اذا عادت المعارك الى عرسال، بعد معلومات عن تغلغل عناصر «داعش والنصرة» في المناطق المذكورة تحت قناع اللاجئين السوريين في المناطق القريبة من الحدود في العرقوب وحاصبيا، وبالتزامن مع ورود اخبار عن هؤلاء الارهابيين بأنهم يعملون على تحضير شيء ما في عيد الاضحى.
كما برزت الى الواجهة في هذا الاطار ايضاً عاصمة الشمال طرابلس، تضيف المصادر بعد انتشار مقاتلي «النصرة» في باب التبانة تحت غطاء أخر، واشارت هذه المصادر الى وجود خلايا نائمة تتحّضر بدورها لعمليات انتحارية انتقامية من المؤسسة العسكرية على حواجز الجيش واماكن تواجده، رداً على عدم مقايضة العسكريين المخطوفين ببعض سجناء روميه، مشيرة الى ان الاجهزة الامنية مستنفرة بقوة لان لديها معلومات عن تحركات مشبوهة لهؤلاء، وهي تقف لهم بالمرصاد ولن تسمح بأي خرق امني في البلاد خصوصاً خلال فترة العيد، لذا إتخذت اجراءات امنية إستثنائية وقامت بإعتقال بعض الخلايا النائمة، وضبطت الأوضاع في العديد من المناطق، ومنها جبل لبنان بعد قيامها بحملة مداهمات واسعة في مناطقه صباح امس الجمعة بحثاً عن مطلوبين.
وشددت المصادر السياسية على ضرورة تعاون جميع الاطراف لمواجهة الارهابيين وحماية الاستقرار الداخلي كي لا نصل الى ما يجري في سوريا والعراق، ناقلة بأن رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط يقوم بحراك سياسي بسبب إستشعاره الخوف من امكان اختراق عناصر «داعش والنصرة» لمناطق شبعا- العرقوب جنوبا وامتدادها الى راشيا وحاصبيا حيث اكثرية اهلها من الطائفة الدرزية، وبالتالي من سيطرة الارهابيين على طول الحدود حتى بلدة شبعا، فتصبح حينها خطوط تماس ويتحوّل اهلها الى وقود للحرب التي لا علاقة لهم بها. ولفتت الى ان لبنان كان ولا يزال يتحمّل تداعيات كل الحروب على ارضه، لذا فمن المؤكد سيكون معرّضاً الى المزيد من الاهتزازات الأمنية، والمطلوب ان يعي المسؤولون كل هذه الاخطار وان يضعوا خلافاتهم السياسية ومصالحهم جانباً، وان يقفوا صفاً واحداً الى جانب مؤسسة الجيش وكل الاجهزة الامنية التي باتت وحيدة في ظل غياب المؤسسات الشرعية وفي طليعتها رئاسة الجمهورية، داعية الجيش الى الضرب بيد من حديد وإعادة هيبة الدولة والسيطرة على الوضع قبل ان يتفاقم، وبالتالي قبل انفجار الحرب المذهبية في البقاع وهو اخطر المناطق القادرة على نقل معاركها الى كل لبنان، وعندها لن يستطيع احد ضبط الوضع لاننا سنعود بالتأكيد الى اجواء الحرب اللبنانية وبداياتها، وحينها سيكون هنالك خوف كبير على المؤسسة العسكرية، مما يعني تحقيق اهداف الارهابيّين الذين يعملون حالياً على الوتر المذهبي الخطير.
وعن إمكانية فتح الارهابيين للمعركة قريباً في حال لم تحصل مقايضة العسكريين بسجناء من روميه، اعتبرت المصادر المذكورة بأن مواقف المسؤولين في الدولة لا تزال مغايرة في ما بينها في ملف العسكريين المخطوفين، فهنالك مَن يرفض التفاوض مع الإرهابييّن، لان هذا الاجراء يُسقط هيبة الدولة ويفتح الباب امام تكرار هذا المشهد، وبالتالي يفتح باب التنازلات لخروج كل ارهابي محكوم من السجن، وهنالك مَن يؤيد التفاوض ومبادلة العسكريين بمحكومين كي لا يشعر الجندي بأنه متروك من دولته التي إستغنت عنه، في الوقت الذي كان يدافع عن شرفها وشرف ابنائها، ورأت بأن الملف لا يزال غير واضح المعالم خصوصاً بعد نفي وزير العدل أشرف ريفي وجود صفقة بشأن الافراج عن إسلاميّين مقابل الاسرى العسكريين، ما يغلق الباب امام الحل خصوصاً ان المسألة تتطلب وقتاً ودقة، والاهم من ذلك الابتعاد عن المزايدات السياسية من قبل اي طرف، وختمت بضرورة ان نأخذ في الاعتبار حجم الملف وخطورته، اذ ليس سهلاً على الدولة إيجاد حل سريع له، فهو يحتاج الى الترّوي والحكمة، وهنالك عوامل ضغط ابرزها مشاهد الذبح والاعدام للجنود الشهداء الثلاثة الذين ُقتلوا بطريقة وحشية جداً .
صونيا رزق