يعطي وزير الاتصالات بطرس حرب اهمية استثنائية لوزارته، ليس كونها «نفط لبنان» كما كان يرَوّج، بل لانها برأيه وسيلة اساسية لنمو الاقتصاد، تنعكس على كل قطاعات البلد الانتاجية.
ويعبّر حرب عن رضاه كون الوزارة «لم تعد دكانة» لخدمة مصالح انتخابية او للتنكيل بالآخرين المختلفين في السياسة». ويقول لـ«السفير»: «ورثت خلايا حزبية في الوزارة تعمل وفق مصالح حزبية وفئوية كما ورثت إدارة مشلولة بعد انقطاع العلاقات سابقا بين الوزير والمديريات العامة لاعتبارت سياسية وحزبية وشخصية. وهذا الواقع انعكس أضرارا فادحة على العمل الاداري.
ويعطي حرب امثلة كثيرة عن المشاكل الموروثة من وقف عقود الصيانة لـ«اوجيرو» في حقبة الوزير شربل نحاس، الى الخلاف بين الوزارة والمتعهدين خصوصا في موضوع تنفيذ تعهدات الـ«فايبر اوبتيك» (fibre optique) حيث اوقف الدفع للمتعهدين، كما يقول، «وقد طلبت من التفتيش المركزي اجراء تحقيق في المخالفات التي رفعتها الى النائب العام المالي. كما شكلت لجنة مشتركة من المديرية العامة للاستثمار والصيانة ومديرية الانشاء والتجهيز لاستلام الاشغال المنتهية بعد التأكد من حسن الانجاز وفق الشروط المنصوص عليه.
ولا يوفر حرب شركات الخليوي من انتقاداته، فهي «تحولت الى شركات لتوظيف المحازبين والمناصرين السياسيين. وتم ادخال اكثر من نحو 600 موظف لا يحتاج اليهم حسن سير العمل. ووضع في مراكز القرار اناس موثوقون ومقربون وبالتالي مطيعون حزبيا». يحرص اكثر من مرة على التوضيح «انا لا احاسب الناس على قناعاتهم السياسية، بل على أدائهم الوظيفي والاداري».
ويكشف حرب انه «منذ فترة تزداد الشكوى من بعض الاعطال. وقد اكتشفنا انها غير مبررة. وقد فتحنا تحقيقا لمعرفة اسباب هذه الاعطال. لكن حتى الآن لا أملك جوابا وان كنت لا استبعد اعمالا تخريبية مقصودة».
يفترض ان ينتهي عقد شركتي الخليوي، اليوم، فأي تغيير سيطال هذا القطاع؟ يجيب حرب أنه قد حضّر «دفتر الشروط لمناقصة جديدة ووضعت المواصفات المحددة للشركات وقد ادخلت عليها تعديلات كثيرة ومنها عدم حصر المصاريف التشغيلية بالوزارة وهو ما كان يحصل سابقا ليتمكن الوزير وفريقه من السيطرة عليها».
ويضيف: «كان القانون واضحا بوجوب انشاء الهيئة الناظمة للاتصالات. وباشر الوزير مروان حمادة بالموضوع (أثناء توليه حقيبة الاتصالات) الا ان وزراء «التيار الوطني الحر» عطلوا ذلك للابقاء على صلاحيات واسعة للوزير. فهذه مدرسة جديدة في المفاهيم السياسية ان يملك الوزير الوزارة ويُجمّد القوانين».
وفي الانتظار كيف سيتم التعاطي مع الشركات وهل سيتم التجديد لها من دون العودة الى مجلس الوزراء؟ يوضح حرب أنه طلب من الشركات مواصلة عملها لبضعة ايام الى ان يجتمع مجلس الوزراء مجددا ويوافق على دفتر الشروط واجراء مناقصة جديدة «اطمح ان تشارك فيها كبرى الشركات العالمية لما لذلك من أثر ايجابي على القطاع وخدماته».
وفي انتظار المناقصة واتمامها كيف يدار القطاع؟ يرجح حرب الابقاء على الشركتين لاشهر قليلة، «مع عدم اسقاط امكانية ادارة القطاع من قبل الدولة». يقر ان «بعض التأخير حصل، لان تعديل دفتر الشروط اخذ وقتا اكثر مما توقعت. كان يفترض ان يعرض على مجلس الوزراء منذ اسبوعين وتعذّر ذلك مرة بسبب اجتماعات الامم المتحدة ومرة لعدم انعقاد المجلس».
وعن مجلس الوزراء وأدائه ووضع الحكومة بشكل عام يأسف حرب لـ«واقع الحكومة الذي يعود في الاصل الى طريقة تشكيلها. فان يتمكن وزير من تعطيل رأي 23 وزيرا، وان يتطلب كل قرار اجماعا كل ذلك يعيق الانجاز الحكومي، وأخشى ان تتحول الحكومة الى صورة من دون فعالية. وعلى ضوء ذلك لا اعرف مدى امكانية استمراري كوزير فيها». لا يجيب عن سؤال حول امكان استقالته ويكتفي بالقول «الامور مرهونة بتوقيتها».
يشير حرب الى أن «كل شيء ينهار من قيم الدولة ومفاهيمها الى روح الانتماء وما بينهما»، ويعتبر ان «كل الذرائع لا تستقيم اليوم في عرقلة تسيير الدولة وبقاء الجمهورية. لا احد اكبر من دولته. ينطبق هذا الكلام على العماد ميشال عون وحلفائه. فلا يمكن ان يعتبر انه وحده يمكن ان يؤمن مصلحة البلد عبر انتخابه رئيسا للجمهورية. استمرار الحال على ما هي عليه سيقضي على لبنان وسيتحول المسيحيون، وسط حالة انعدام الوزن هذه، من قوة اساسية في البلد، الى ملتزمين من الباطن».
وبرغم قول حرب «لم اسقط من حسابي نهائيا ان عون كان ضابطا في الجيش اللبناني ويفترض الا يكون مرتهنا لاحد او يأتمر بأوامر خارجية، وان يملك حسا من المسؤولية الوطنية تسّهل انتخابات رئاسية»، الا انه لا يرى انتخابات رئاسية في المدى القريب». برأيه «ندور في حلقة مفرغة. فاما ان يدفع حدث دراماتيكي «حزب الله» الى التخلي عن عون، وهذا مرتبط بشكل او بآخر بحسابات ايران وعلاقاتها الدولية، او ان يعيد عون نفسه النظر في الواقع المأساوي للبلد ويغيّر رأيه».
ويتمنى حرب الا «يبقى فريق 8 آذار اسير مواقفه كي لا ينتهي لبنان قبل ان يتبلور الحل الدول.
وعند سؤاله عن رأيه بلقاء وزير الخارجية جبران باسيل بنظيره السوري وليد المعلم في نيويورك يجيب حرب: «على المستوى الشخصي يمكنه ان يلتقي من يحب ومن يرتاح للقائه. اما بصفته وزيرا للخارجية فان ما قاله الرئيس تمام سلام يصف الواقع بدقة، لقد التقاه من دون تكليف او غطاء رسميين.