بينما يتمتع العديد من لاعبي كرة القدم البارزين بمكانة الأبطال في عيون مشجعي كرة القدم في بلدانهم، يحظى قليل منهم بموقع الأبطال لدى أمته بالكامل.
ويبرز «الفيل العاجي» ديدييه دروغبا ضمن هذا العدد القليل الذي يتمتع بمكانة الأبطال القوميين.
وعلى مدار أكثر من عقد من الزمان، حظي دروغبا مهاجم ساحل العاج بمكانة البطل القومي في بلاده ولكنه يسعى إلى ختام رائع لمسيرته مع المنتخب في «مونديال البرازيل».
ولكن دروغبا لن يستطيع أن يضاهي ما قدمه لـ«منتخب الأفيال» على مدار السنوات الماضية، حتى إذا قاده إلى تحقيق أفضل نتائجه في بطولات كأس العالم حتى الآن.
وخرج «الإيفواري» من الدور الأول في البطولتين السابقتين، وهو يقوده للمرة الثالثة على التوالي في الـ«مونديال البرازيلي».
نداؤه أوقف الحرب في بلاده
وفي 2005، وعقب حجز «الإيفواري» بطاقة تأهله إلى «مونديال ألمانيا 2006»، ظهر دروغبا على شاشات التلفزيون الإيفواري ووجه مناشدة بإيقاف الحرب الأهلية الدائرة في بلاده على مدار خمس سنوات.
والمذهل، أن الجانبين المتصارعين أوقفا الاقتتال بعد هذا بأسبوع واحد فقط ليدفع هذا بدروغبا إلى مكانة لا يتمتع بها عادة سوى رجال الدولة العظماء وهي المكانة التي يتمتع بها حتى الآن.
وفي 2007، علق دروغبا على دوره في عملية إحلال السلام قائلا في تصريحات إلى صحيفة «ديلي تلغراف» إنه مهما أنجز على أرضية الملعب فإن هذا يأتي في الدرجة الثانية وبمسافة بعيدة للغاية عن نجاحه في إحلال السلام ببلاده. وأضاف: «فزت ببطولاتي في وقتي.. ولكن ما من شيء أبدا سيفوق الفوز في معركة السلام ببلادي. إنني فخور للغاية لأننا الآن في ساحل العاج لا نريد كأس بطولة لنحتفل بها».
مرفوع الرأس
وبعد مرور سبع سنوات على هذه التصريحات، يسير دروغبا مرفوع الرأس في بلاده، والفارق الوحيد أنه تمتع الآن بمزيد من الميداليات التي تحمل اسمه.
وسجل دروغبا ركلة الترجيح الحاسمة لفريقه السابق «تشلسي» الإنكليزي أمام «بايرن ميونيخ» الألماني في نهائي «دوري أبطال أوروبا 2012».
ومع بلوغه السادسة والثلاثين، ينتظر أن يكون «مونديال البرازيل» هو الأخير لدروغبا في سجل مشاركاته ببطولات كأس العالم.
ورغم اقترابه من الاعتزال، سيظل دروغبا أيقونة بارزة في تاريخ كرة القدم الإيفوارية بعدما أثار الفزع في قلوب مدافعي المنتخبات المنافسة على مدار سنوات طويلة.
لا منافس له في إنكلترا
وخلال ثمانية مواسم قضاها في الدوري الإنكليزي، لم يكن لدروغبا منافس حقيقي. ولم يكن هذا لسرعته رغم أنه أبعد ما يكون عن البطء في الأداء بل كان هذا لقوته البدنية ومهارته في قنص الأهداف أمام مرمى المنافس.
ووصف جيمي كاراغر مدافع «ليفربول» النجم الإيفواري بأنه «لا يمكن التصدي له». وقال: «إذا وضع تشلسي الكرة على صدر دروغبا داخل حدود منطقة الجزاء واستطاع دروغبا إنزال الكرة والتحرك جيدا، ينتهي الأمر.. لا يمكنك التصدي له دون ارتكاب خطأ. ويمكن أن تتمنى فقط أن يخطئ في التصويب. والشيء نفسه إذا تركك خلفه لينفرد بحارس المرمى».
وأضاف: «دروغبا ليس (العداء الجامايكي) أوسين بولت ولكنه سريع بالدرجة الكافية ويتسم بالفعالية. حتى إذا لحقت به، لا يمكنك استخلاص الكرة منه بقدمك. عليك أن تدور حوله ولا يكون لديك الوقت لفعل هذا. ولهذا، لا يمكن التصدي له. في مواقف معينة، لا يمكنك فعل شيء».
وقال جون تيري قائد «تشلسي» وزميل دروغبا لسنوات عديدة إنه ما من لاعب، حتى الآن، يستطيع الحفاظ على الكرة أفضل من دروغبا. وأوضح: «ما زال خطرا هائلا على الفرق المنافسة ولا يزال لاعبا بارزا ورائعا».
الاحتفاظ بالدور الرائع في بلاده
وما زال دروغبا محتفظا بالدور الرائع الذي يلعبه في بلاده. واختير العام 2011 ضمن 11 عضوا بلجنة الحقيقة والمصالحة التي كان هدفها التحقيق في العنف الذي اندلع بعد الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني 2010، ويعتزم الاستمرار في أداء الأدوار نفسها خلال المشاركة في البرازيل».
ويثق الفرنسي صبري لموشي المدير الفني للمنتخب الإيفواري في قدرة دروغبا على لعب دور قوي وفعال مع «الأفيال» في الـ«مونديال»، وفي حال عبوره الدور الأول إلى الأدوار الفاصلة فإن دروغبا سيكون له دور فعال في هذا بلا شك.
وبينما تحولت قصة حياة دروغبا إلى سلسلة روايات «كارتون»، ستكون الرواية الأبرز والأفضل في هذه السلسلة إذا قاد دروغبا «المنتخب الإيفواري» لمسيرة ناجحة في الـ«مونديال البرازيلي».